عادةً ما يهتم الأهل بالسؤال عن ماهية السهر واللبس والأخلاقيات التي يتسم بها الطرف الآخر الذي يود ابنهم أو ابنتهم الارتباط به، ولكن يبدوا أننا لابد أن نجهز أبنائنا لأمور أخرى أكثر أهمية قبل الإقبال على الزواج أو الخطوبة وهي الحياة الجديدة التي هم بصدد الدخول فيها وعيشها بكافة تفاصيلها الحلوة والمرة.
من أهم الجوانب التي يجب أن يهتم بها الأهل لتعليمها أولادهم قبل الزاج هي الجانب النفسي في فهم الطرف الآخر والجانب الجسدي والجنسي إضافة إلى البعد الاجتماعي للزواج بشكل عام.
ما هي أسباب ارتفاع نسب الطلاق في المجتمع الأردني؟
ذكر الدكتور يزن عبده ” المستشار التربوي والأسري ” أننا لدينا نسب طلاق عالية في المجتمع الأردني حيث أننا نعتبر أعلى دولة عربياً من حيث نسبة الطلق ونحل على المرتبة 14 عالمياً في نسبة الطلاق ما بعد الزواج حيث تتم حالات الطلاق بنسبة 70% قبل الدخول وغير محصى نسبة الانفصال بين الشريكين بعد الخطبة أو قراءة الفاتحة كما هو دارج بيننا، لذلك فإننا نعيش ويلات كثيرة إزاء هذا الأمر الذي يضيق الخناق على مدى استقرار المجتمع الأردني بصورة أكبر.
من أسباب ارتفاع نسبة الطلاق الأساسية في المجتمع هو أن مفهومنا عن الزواج وهذه الحياة الأخرى التي نحن بصدد الدخول فيها هو مفهوم سطحي وقشوري ولا نتمكن من رؤية لُب وأصل الزواج ومعرفة المعنى الحقيقي لكوننا زوج أو زوجة.
تكمن المشكلة الكبرى في الأسرة المتمثلة في الأب والأم والتي لا تهيئ أبنائها جيداً للزواج، كما أننا نعيب على المجتمع والجامعة وغيرها من المؤسسات التي يجب أن يكون لها دور إيجابي في هذا الجانب بالنسبة للشريكين- وفق ما يراه الاستشاري.
كيف يمكننا تهيئة أبنائنا للزواج؟
عادةً ما يتعامل الزوجين أو الشابين مع الزواج على أنه حضور لحفلة ما نسعد فيها لساعات دون أن ندرك ماهية الزواج وماهية الأمور الزوجية التي يجب أن يراعيها الطرفين في كليهما مثل أمور المأكل والمشرب والخروج وباقي ظروف الحياة الزوجية الأخرى التي يفرضها المجتمع عليهم.
يجب أن يهيئ الأهل أبنائهم قبل الزواج إلى طبيعة الحياة الزوجية والجنسية بشكل عام حيث أن هناك العديد من الزوجات التي لا تعرف كثيراً عن طبيعة تلك العلاقة الجنسية الواجب ممارستها مع زوجها وذلك لعدم التهيئة الجيدة من الأسرة للأبناء كما يخفى على الأبناء تفاصيل معروفة للحياة الاجتماعية الجديدة والتي يجب أن يتميزوا بها فور دخلوهم في طور الحياة الزوجية.
على الجانب الآخر، هناك عدة محاور يجب أن يقومها الأهل في أبنائهم قبل الدخول في فترة الزواج منها التهيئة الاجتماعية من حيث الواجبات والمسئوليات والحقوق التي تقع على كتف كل من الزوج والزوجة وماهية العلاقة بين أسرة الزوج والزوجة والعكس.
أما عن الزاوية الأخرى فهي الزاوية العقلية للزوجين حيث يستوجب على الزوجة معرفة ماهية غضب الزوج وكيفية التعامل معه والعكس، ثم من الناحية النفسية يجب أن تدرك الزوجة أن هناك مزاج معين يسيطر على الزوج في وقت ما وكذلك الزوج الذي عليه أن يدرك الظروف النفسية التي تمر بها الزوجة في بعض الفترات كفترة الدورة الشهرية ومن ثم يتعلم كيفية التعامل مع هذه الظروف جيداً.
إلى جانب ذلك، هناك البعد الجسدي والجنسي الذي يجب أن يهيئه الآباء في أبنائهم قبل الإقبال على الزواج والارتباط بالطرف الآخر لأن الأساس الأكبر في الزواج هو هذا البعد الجنسي الذي يمثل نسبة عالية من هذه العلاقة الوثيقة بين الزوجين – وفق ما ذكره الدكتور يزن عبده.
ما هو سبب قلة نسبة الطلاق قديماً عن الآونة الحالية؟
تابع ” عبده “: تعتبر السوشيال ميديا من الأسباب الهامة التي أظهرت مشكلة الطلاق كثيراً في هذه الآونة وأصبحت سبباً واضحاً لانتشار هذه الظاهرة المجتمعية السلبية على نطاق واسع.
أما عن السبب الثاني لتدني ظاهرة الطلاق من قبل مقارنة بهذه الأيام هو أن ولاء الزوج والزوجة في هذه الأيام ليس كما كان من قبل ناحية البيت مما سبب ظلماً كثيراً للبيوت خاصة فيما نراه دوماً من انتشار لعمل المرأة على نحو واسع دون أن يكون هنالك اهتمام من جانب المرأة أو الرجل في بعض الأحيان بأهمية تأسيس البيت على أسس قيمة.
إلى جانب ذلك، في الماضي كان زواج المنزل هو الأمر الأساسي في الحياة ولكن الآن لم تكن هذه الظاهرة هي الأساسية بين الشباب وذلك لعدة أسباب منها الضغوط الاقتصادية والاجتماعية التي جعلت الزوجين لا يفكرون كثيراً في تحمل الآخر وفي كيفية بناء البيت مع الاهتمام المبالغ فيه للعمل أو لأي جانب آخر من جوانب الحياة.
من أهم أسباب الطلاق الآن هي أن الأهل لم يقوموا بتهيئة أبنائهم بكيفية التعامل الصحيح مع أهل الزوج أو أهل الزوجة ما يجعل الزوج يتعامل مع أهل زوجته كأنهم غرباء عنه أو العكس وهو ما يمثل خطر كبير على المجتمع حيث يستوجب على الأهل أن يقربوا الود بين أهل الزوج والزوجة أو العكس حتى يهنأ الزوج والزوجة بحياة زوجية سعيدة كما أقرها الدين الإسلامي والمسيحي في نفس الوقت.
ما هي أهمية فترة الخطبة في إظهار سلوكيات الشريكين؟
تعتبر فترة الخطبة هي فترة الاختبار حتى لا يصير الزواج الكامل والحمل ومن ثم نكتشف أن هناك مشكلة يتسم بها الشريك الآخر من حيث أخلاقه التي قد تتبلور أحدها في التعامل بطريقة سيئة مع أهل الشريك الآخر وهذا يكون نتيجة مفهومنا الخاطئ عن هذه الفترة التي يراها الشريكان على أنها فترة عزائم وخروج وسهر وقضاء وقت ممتع مع الخطيب فحسب عن طريق الذهاب للسينما أو ما شابه دون أن يدرك الشريكين أن هذه الفترة هي امتحان كامل للشريك ومن ثم بعدها يمكننا أن نقرر أن نُكمل مع بعضنا البعض بإتمام هذا المشوار بالزواج أو عدم إتمام هذا العقد المبرم والموثق من الله تعالى.
بالإضافة إلى ذلك، إني لا أحبذ أن يقوم الشريك بكتب كتابه على شريكته من أولى الجلسات قبل أن يجلسا لفترات أطول في فترة الخطبة ومن ثم يمكنهما فهم عقلية أحدهما للآخر وذلك قد يؤثر سلباً على استمرار هذه العلاقة الزوجية سريعاً وقبل بدأها في بعض الأحيان نتيجة التسرع في برم العقد الموثق بين الزوجين دون أن يأخذا الوقت الكافي ليتعرف كليهما على الآخر.
ما هي الأمور التي يجب أن يتناقش فيها الزوجين أثناء فترة الخطبة؟
إنني مع بعض الأمور التي يجب أن تُطرح للنقاش بين طرفي الزواج ومن أهم هذه الموضوعات هو ما يخص الأطفال أو الأولاد بجانب الأمور التي تخص الأهل ثم يمكن لطرفي الزواج بعد كتب الكتاب بشكل خاص أن يتحدثا بشكل شفاف عن العلاقة الجسدية والحميمية بينهما ويتم مناقشتها بصورة حضارية، كما يجب أن يكون هنالك تخطيط عام لشكل المستقبل الذي يرسمه الزوج مع زوجته أو الخطيب مع خطيبته حتى يكونا أكثر اتفاقاً في مثل هذه الأمور الأساسية لبناء أي أسرة صغيرة ناشئة.
يجدر الإشارة كذلك أن هناك مجموعة كبيرة من الأهل غير مدركين للنضج الكامل الذي وصل إليه أبنائنا وبناتنا ومن ثم يقوم هؤلاء الأهل بفرض سيطرتهم الفكرية على البنت بشكل خاص والتي قد ترغم هذه البنت للزواج بشخص ما قد لا يكون مناسباً لها تحت أي من الأسباب التي تقدمها البنت لأبيها ولكنها توافق على الارتباط بهذا الشخص مرغمة مما يؤدي إلى الطلاق السريع وهدم أسرة كاملة في بعض الأحيان خاصة إذا كان هنالك أطفال بينهما.
بالإضافة إلى ذلك، هناك البعض ممن يبرر عدم اتفاقه مع شريكه بأنه سيأتي بعد الزواج وسيكونا أكثر اتفاقاً فيما بينهما على أمل تغيير عادات وطباع الشريك الآخر ولكن هذا الأمر يعتبر خطير نوعاً ما لأن هناك بعض العادات اليومية التي يمكن تغييرها بعد الزواج ولكن هناك بعض العادات والسلوكيات الأخرى التي يصعب تغييرها مع مرور الوقت مثل علاقة الشاب بالطرف الآخر والتي قد تكون منفتحة بعض الشيء وهو الشيء الذي يرفضه الزوجة في زوجها وقد يكون ذلك سبباً في هدم الأسرة والعلاقة التي تشمل الطرفين.