مما لا شك فيه أن مرحلة المراهقة تُعد من أخطر المراحل التي يمر بها الشخص نتيجة التغيرات التي تطرأ عليه والتي تستلزم منا معاملته بشكل خاص وعلى الأهل تقبل هذا التحدي الذي يرونه من المراهق حتى يأخذونه إلى بر النجاة من تلك الفترة العمرية الحرجة.
ما هي أبرز التغيرات النفسية والجسدية التي تطرأ على المراهق؟
يرى الدكتور فلاح التميمي ” استشاري الطب النفسي ” أن المراهقة هي فترة نمو طبيعية لكن تمتاز عن فترات النمو الأخرى بالصعوبة لما فيها من تحدي للمراهق والأهل بشكل عام.
أما عن المتغيرات التي تطرأ على المراهق في هذه المرحلة العمرية فإن المراهق يريد فيها احترام رأيه والأخذ به كما أنه يود أن يتمتع في هذه المرحلة بمسئولية معينة عن قراراته، وقد يكون حاد المزاج وسريع الانفعال والاستفزاز ويريد أن يثبت نفسه ويبحث دوماً فيها عن دوره الجنسي والاجتماعي في الحياة بجانب دوره في العلاقات، لذلك فإننا نلاحظ العديد من التغيرات النفسية والجسدية تجعل هنالك حاجات اجتماعية للمراهق يريد تحقيقها كما قد تمتاز هذه الفترة العمرية للمراهق بنوع من التمرد والعناد والأنانية، وهذا هو التحدي الأكبر للأهل من حيث كيفية التعامل معه.
كيف يمكن للأهل التعامل مع المراهق؟
دعنا نتفق أن الأهل جميعاً يحبون أبنائهم حباً غير مشروط وحباً تملكياً حيث أنهم يخافون عليهم من الانحراف ومن المجتمع الخارجي ولا يستطيعون في الوقت المناسب تقدير قدرات أبنائهم أنهم يستطيعون حماية أنفسهم من الخارج.
في نفس الوقت، يجب أن يدرك الأهل أن فترة مراهقة الابن تُعد فترة حرجة وقد تؤدي إلى الانحراف، لذا لابد أن نمسك العصا من الوسط حتى لا يحدث هناك عواقب سلبية على الأهل المراهق في نفس الوقت، كما يجب أن تبقى أساليب الضغط على المراهق موجودة ولكن جنباً إلى جنب مع أساليب الاستقلالية التي يجب أن يتمتع بها المراهق – وفق ما يراه استشاري في الطب النفسي.
تابع” التميمي “: عليك أن تفهم أن ابنك يعيش فترة حرجة ومن ثم يجب عليك تقبل هذه التغيرات التي تطرأ عليه وأن تُظهِر له نوع من التقدير والاحترام وأن تأخذ رأيه ثم تعلِّمه تحمل مسئوليته الخاصة تدريجياً، كما عليك أنه عندما تعامله يجب أن تعطيه حاجته وليس حاجتك فقط وهذا هو الخطأ الأكبر الذي يقع فيه العديد من الآباء الذين يعطون أبنائهم حقهم في الضبط والحماية دون الدراية بأن هناك اعتبارات للمراهق يجب أن يتفهمها الأهل، لذلك نرى المراهق يبتعد عن الأهل لأنه يعتقد أنهم لا يفهمونه ومن ثم يلجأ إلى أبناء جيله ظناً منه أنهم قادرون على فهمه واحترام خصوصيته، وفي حال كون أبناء جيله فضلاء فتمر المرحلة بسلام ولكن إذا انتظم المراهق بشلة الانحراف فلهذه المرحلة حتماً بعض العواقب السيئة على المراهق والأهل سوياً.
كيف يمكن الموازنة بين احترام الخصوصية ومراقبة المراهق؟
يمكن الخلط بين احترام الخصوصية ومراقبة المراهق عن طريق ضرورة وجود علاقة جيدة بيننا وبين أبنائنا حيث أن كثير من الأهل تُقطع بينهم وبين أبنائهم العلاقة بينما الأصح أن نستمع إلى المراهق ونصحح له خطأه ونعطيه البديل دوماً ومن ثم تُبنى الثقة بيننا وبين أبنائنا وسيقتربون أكثر منا.
بالإضافة إلى ذلك، يجب أن يرى المراهق في أبويه احترام رأيه واحترام فارق السن حسب صراع الأجيال، لذلك فإن الحوار والثقة المتبادلة هما اللذان يخففان من انحراف الطفل ومروره من مرحلة المراهقة إلى مرحلة النضج بطريقة أقل خسارة.
ما الذي يمكنه إيصال أبنائنا المراهقين للانتحار؟
دعنا نقول أن المراهق في كل العالم يعاني من مشكلتين أساسيتين وهما الاكتئاب والانتحار لأنه يفضي للموت بشكل كبير ويستخدم طرق سية جداً للوصول إليه.
أما عن الأسباب فهي معقدة بشكل كبير لكن لا ننسى أن العولمة والتكنولوجيا والسوشيال ميديا لها سلبيات كبرى في هذا الشأن بجانب انتشار المخدرات بين هذا الجيل أو هذا العمر الذي يسهل الوصول إليه، بالإضافة إلى تغير العالم اجتماعياً بحيث أصبحت العائلة الممتدة غير موجودة والعائلة النووية تكاد تكون موجودة، وهذا ما يساعد المراهق على الانتحار.
وأخيراً، من أسباب الإرباك التي توصل المراهق للانتحار هي الحاجة الجنسية والحاجة لإثبات الذات مما يسبب له مزيد من الإرباك الذي يودي به للانتحار في نهاية المطاف إذا لم ينتبه الأهل والمجتمع لذلك.