التعليم من أساسيات الحياة كالماء اللازم لحياتنا والهواء الذي نتنفسه لتكتمل معيشتنا. وهو غذاء للروح والعقل به تنمو عقولنا وأذهاننا وأفئدتنا أيضًا. فبالتعليم تتسع مداركنا وتتنوع معارفنا وعلومنا وتختلف آراؤنا فينتج التميز والإبداع. بالتعليم يكون النجاح في العمل والبيت والحياة وفي المعاملات مع الآخرين.
وبالتعليم يأتي الابتكار بسبب الاطلاع المستمر والتعرف على المزيد من العلوم والمعارف وربط العلوم بالحياة فنبتكر ما ينفعنا. فبالتعليم ننفع أنفسنا وننفع مجتمعاتنا وبلادنا، وبالتعليم نكون ذوي فائدة لكل من حولنا. “فالعلم يرفع بيوتًا لا عماد لها، والجهل يهدم بيوت العز والكرم”. ومن هنا لا بد من الاهتمام بالعلم بوجه عام والتعليم والتعلم بوجه خاص، وعلينا ان نستزيد من العلوم وننهل من المعارف ما نقوي به أذهاننا ونوسع به مداركنا وما نستعين به على الحياة وصعابها.
الإسلام وطلب العلم
لقد أمر الله بضرورة تحصيل العلم والاستزادة منه، بل هو من الأساسيات الحياتية، فكيف لنا أن نتفقه في ديننا ونحن لم نتعلم، وكيف لنا أن نقرأ كلام الله ونتفقه فيه ونفهمه دون أن نتعلم؟ فتحصيل العلم سبيل الجنة ومن كان في طلب العلم فهو في معية الله. ومن سلك سبيلًا للعلم سهّل الله له الصعاب وفتح عليه من أبواب كرمه سبحانه وتعالى.
ولقد أمر الله سبحانه وتعالى نبيه محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أول ما أمره بالقراءة، والقراءة من سبل العلم وتحصيله. إذ يقول الله سبحانه وتعالى في سورة العلق وهي أول سورة نزلت على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وأول ما أمره الله به أن {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} صدق الله العظيم. هو أول كلمة من الله أوحها إلى رسوله الكريم أن اقرأ، وهذا إن دل فإنما يدل على عظم العلم ومكانته حتى أن الله خالق الأكوان يأمر نبيه في أول كلمة يوحيها إليه بالقراءة أي تحصيل العلم والمعرفة، ثم يقول سبحانه وتعالى في سورة العلق أيضًا في آياته الأولى التي نزلت على رسوله الكريم بعد أن أمره بالقراءة أن {اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (5)} صدق الله العظيم.
فيقول الله سبحانه وتعالى لنبيه الكريم أن الله عليم والإنسان عليه أن يتعلم وأن الله سبحانه وتعالى يعلّم الإنسان ما لا يعرفه من أمور الدنيا، ويسهل طرق العلم لمعرفة خصائص خلق الله في كونه. فيحثه على العلم والتعلم. ومن هنا يحث الرسول صحابته على التعلم وتحصيل العلم، بل نراه صلى الله عليه وسلم يشترط على الأسير في غزوة من غزواته أن يعلّم عشرة من المسلمين ليفك أسره. وهذا دليل على أهمية العلم والتعلم.
مكانة التعليم في المجتمع
يرفع التعليم من شأن الأمة ويعلي مكانتها بين الأمم، فالأمم المتعلمة هي في مصاف الأمم وتتحكم في قوتها وسياساتها، أما الأمم التي تفتقد إلى العلم فهي تعيش تابعة لغيرها، ولا تتحكم في سياساتها وتعاني من فرض السلطة من أخرياتها من البلاد.
ومن هنا كان لزامًا أن نهتم بتطوير التعليم وتطوير سبل التحصيل. وأن نهتم بتطوير التعليم منذ المراحل الدراسية الأولى في الصغر حتى تنشأ أجيال تحب العلم والتحصيل وننشئ كوادر من العلماء الذين يستطيعون أن يحققوا لأمتنا الاعتماد على نفسها في كل شيء. كما ينشئ لنا متخصصين ماهرين فلا نرى مهندسًا يشيد مشروعًا وينهار في غضون أيام أو شهور بسبب قلة الخبرة.
ولا نجد من يجلسون على المقاهي دون عمل لأنهم غير متعلمين. بل إن التعليم سيسهم في أن يقوم كل متعلم بخدمة وطنه في مكانه، ويجب الاهتمام بجميع التخصصات فلا يجب أن يكون التركيز والاهتمام بتخصصات بعينها بحجة أنها تنتج طبيبًا أو مهندسًا ونتناسى التخصصات المهنية الأخرى، فالجميع يمكنه خدمة وطنه في مكانه وتخصصه.
كيفية تطوير التعليم
وتطوير التعليم يكون بتطوير المناهج التي يدرسها أبناؤنا الطلاب. فلا يجب أن نعتمد على مناهج تعليمية قديمة مر عليها عقود ونصر على أن نقدمها للطلاب بالمحتوى نفسه دون زيادة أو تجديد. فالعلوم تتطور وتتغير البراهين والاستنتاجات فعلينا أن نواكب تطور العلوم وأن نقد لطلابنا ما ينفعهم في العصر الحديث.
بالإضافة إلى ضرورة تطوير الأساليب التي تقدم بها المناهج، فهناك أساليب حديثة تشويقية تساعد الطالب على تلقي العلم والتحصيل وهو متشوق لهذا وتجعله شغوف بالعلم.
وعلى الدولة أن توفر التدريب المناسب للمعلم فهو من أهم أركان العملية التعليمية. وعليها أن توفر هذا بطرق تناسب المعلم وأن تقدم له تدريبًا على المناهج بطرق حديثة تناسب عقول الطلاب ومداركهم خاصة في ظل التنوع التكنولوجي الذي يعيشه الطلاب في هذه الفترة، وتوسع مداركهم بشكل كبير.
وعلى الجهات المختصة أن تزود المدارس بالأدوات اللازمة لسير العملية التعليمية بشكل لائق؛ كأن تعمل على توفير وسائل الإيضاح المختلفة التي تعمل على توصيل المعلومة بشكل أفضل للطالب. كما عليها أن تهتم بوسائل التربية الحديثة بعيدًا عن أساليب القهر التي اعتدنا عليها فهي لم تعد تنفع. بالإضافة إلى الاهتمام بالأنشطة وتشجيع الطلاب على الاشتراك في الأنشطة المختلفة فهي تساعد على تنمية استيعابهم.
وفي النهاية فإن التعليم هو خط الدفاع الأول للأمم ضد أي عدو وبه تستقل الأمم. فعلى الدولة والمجتمع والأسرة أن تهتم بتعليم أبنائها بطريقة صحيحة مطورة وأن تعمل على بناء أبنائها بطريقة سليمة.