كيف يمكن التعامل مع طفل فقد والده جراء حادثة ما؟
يقول الاختصاصي في علم النفس العيادي الدكتور “فيصل الطهاري”: أن وفاة الوالد من أكبر الصدمات التي يمكن أن تواجه أي شخص في حياته، ومن المهم أن نتحدث عن الآلاف من الأطفال الذين يفقدون آبائهم جراء الحروب المتزايدة في بلادنا العربية حالياً، فيكون الأمر بمثابة صدمتان للطفل، وليس صدمة واحدة؛ ففي الايام التي نعيشها الآن، هناك العديد من الأطفال يشاهدون آبائهم لحظة إطلاق النار عليهم، أو استشهادهم، أو حتى لحظة الاحتضار، ولهذا آثاره السلبية الخطيرة، وعواقبه الوخيمة على صحة الطفل النفسية؛ وذلك لأن الطفل لا يستطيع أن يتجاوز مثل هذه اللحظات، فتظل في ذاكرته حتى بلوغه سن الرشد، أو حتى بعد ذلك بفترة طويلة.
ومن المعروف أنه عند انتشار بعض الحوادث الدموية، سواء في الحروب، أو حوادث السير العادية، على مواقع التواصل الاجتماعي، فإن أغلبنا نحن الكبار، لا يستطيع أن يتجاوز مشاهد هذه الحوادث ربما لفترة طويلة، فما بالك بالطفل، الذي يفقد أقرب الأشخاص إليه في حادثة دموية مؤثرة جداً.
ويؤكد الدكتور “الطهاري” على أهمية ألا نسفّه من ذكاء الطفل، فالطفل يكون على درجة عالية من الوعي، والإدراك لما يدور حوله في أغلب الأحيان، لذلك فدور المحيط الأسري، والمحيط العائلي مهم جداً في الانصات لما يقوله الطفل في مثل هذه اللحظات، دون محاولة تبرير، أو تفسير ما حدث، أو تفسير السبب الذي أدى إلى وفاة والده، فيجب دعم الطفل نفسياً، وإن لوحظ أن الطفل غير طبيعي نفسياً يجب التدخل الطبي النفسي في أسرع وقت ممكن.
ومن المؤلم أنه في عصر التكنولوجيا الحالي الذي نشهده، قد تنتشر حادثة معينة، ويتم توثيقها سواء كان ذلك بالصور، أو بالفيديوهات، وبالتالي تظل تلك المشاهد متاحة في أي وقت لأن يراها الطفل، ويُنصح في هذه الحالة ألا يحاول الطفل تكرار مشاهدة هذه الوثائق، وبالتالي يزداد ترسيخها في الذاكرة، مما يؤدي إلى تفاقم حجم المشكلة، وقد يؤدي ذلك إلى الإصابة باضطراب ما بعد الصدمة، ومشاكل نفسية أخري.