إن العمل لساعت عمل طويلة وتحت مواعيد عمل دقيقة وبشكل يومي ليس بالأمر السهل وله عواقب صحية ونفسية على الموظف.
تُصنف ضغوط العمل إلى نوعين داخلية وخارجية وتكون هذه الضغوط هي رفيقة الكثير من الأشخاص بحكم الحياة والروتين والضغط اليومي، فما هي هذه الضغوطات وكيف يمكن التحكم بها والتقليل من أضرارها؟
كيف يمكن التعامل مع ضغوطات العمل؟
يرى الدكتور أسامة النعيمي ” استشاري الطب النفسي ” أن ضغوطات العمل تختلف من شخص لآخر حسب أهداف هذا الشخص وحسب شخصيته نفسها.
على سبيل المثال، في بيئة الإعلام يوجد كمية كبيرة من الضغوطات لأنها بيئة غير قابلة للتنبؤ حيث قد يشعر البعض في بعض المهن بالملل بسبب طبيعة ورتابة العمل ولكن في نفس الوقت فإن رتابة العمل قد تناسب بعض الأشخاص دون غيرهم من الشخصيات الأخرى وكذلك بيئة الإعلام التي قد تناسب شخصيات بعينها دون أخرى حيث يعتمد البعض على بيئة عمل بها حركة وإنتاجية وإبداع والخروج عن النص كما في بيئة الإعلام.
تكمن الإشكالية في أننا حين نتقدم لعمل ما فإننا لا نُسئل عن مهاراتنا وشخصياتنا السابقة ولا يمكننا في هذه اللحظة التقرير ما إذا كان العمل الذين نتقدم له مناسب لنا ولشخصيتنا الحالية أو المستقبلية أم لا، وهل يمكن أن نتطور بحيث نتحمل ضغوطات هذا العمل المستقبلية أم لا.
كيف يمكننا خلع عباءة الضغوطات العملية بداخل العمل؟
أعتقد أن السبب الرئيسي لضغوطات العمل يكمن في الرئيس المباشر أو المرؤوس نفسه الذي لا يعرف أهداف العمل فيظن المدير بأنه يملك العمل ويملك السياسة وينسى أنه عضو في فريق ثم قد يتناسى هذا الموظف حقه في التعبير عن أفكاره التي قد تكون أكثر نجاحاً من المدير وهذا يجعله يشعر بنوع من الملل ليفقد الكثير من حقوقه – وفق ما يراه الاستشاري النفسي.
إلى جانب ذلك، إذا أصبح الموظف مهموماً في عمله ويفكر فيه بدرجة أكبر من اللازم في منزله مما يتسبب له بشيء من القلق والتوتر أو الاحتراق الداخلي وهنا يكون بحاجة إلى أي طريقة أخرى ليتنفس بها ويعبر عن القلق الذي بداخله، ومن ثم فإن أول ضحايا هذا التنفس هم العائلة أو أولياء الأمور والأصدقاء وفي بعض الأحيان قد نرى مثل هؤلاء الأشخاص محرِص كثيراً للالتزام بإشارات المرور والالتزام بآداب المجتمع والحفاظ على العادات الغذائية وعادات النوم ويشعر بالضيق والقلق والحزن بشكل أكبر.
أيهما أكثر تأثيراً في ضغوطات العمل: العمل الذهني أو العمل البدني؟
كما سبق الذكر فإن هناك بعض الأشخاص الذين يناسبهم العمل الذهني وآخرين لا يمكنهم التأقلم مع هذا النوع من الأعمال ويفضلون القيام بأعمال بدنية لكن كلاهما يشعر بالإرهاق حتى وإن كان لديه ثقة كبيرة في نفسه.
على سبيل المثال، من يعتقد بأن رفع الأثقال هو ما يناسب شخصيته قد يشعر بعد فترة بوهن وتعب في العضلات بحيث يصعب عليه أن يستمر في رفع الأثقال ونفس الأمر عند الأشخاص الذين لديهم ملكة فكرية وذهنية عالية بعد فترة إن لم يُطعَّموا بمهارات أكثر رقياً وإبداعاً فسوف يصلون إلى مرحلة التكرار وسوف يُطفئ الإبداع في مثل هؤلاء الأشخاص ويتحولون إلى موظفين عاديين لا يتم التفريق بينهم وبين غيرهم، لذلك فإن الموظف نفسه هو من يُفصل بيئة العمل.
تابع ” النعيمي “: لا هناك داعي لأن نوقف العمل لنشعر بالراحة حيث يمكننا الشعور بالراحة خلال العمل كذلك وذلك ما يجب أن نكفله وتدعمه الشركات وأصحاب العمل ليتركوا الموظفين ينفسوا قليلاً عن أنفسهم داخل بيئة العمل ويشعروا في تلك الدقائق واللحظات القليلة بجو صحي يمكنهم الاسترخاء فيه مع إمكانية ممارسة تمارين تنفس واليوجا وسماع الموسيقى والاطلاع على الأخبار إلخ إلخ..
أما خارج بيئة العمل فهي تعتمد على فكرة الموظف أو العامل نفسه عن العمل حيث يعتقد البعض أن العمل هو عبارة عن وظيفة يتقاضى من خلالها راتب شهري ليسود عائلته ويعول نفسه وينتهي الأمر إلى ذلك لأنه يرى أن العمل هو رسالة ويعتبر خروجه من العمل هو نهاية الضغوطات التي لا يجب أن تستمر معه في المنزل عكس الآخرين الذين يرون أن العمل هو بيتهم الأول ويتعاملون مع أنفسهم كأن هناك رقيب عليهم، لذلك فإن الشركات الكبرى تعمل على عمل cycle meetings وتحاول أن تقرب من الرئيس والمرؤوس وتخلق بيئة إنسانية أكثر بين كافة الموظفين لتنتهي التورات بينهم جميعاً ثم يعلموا الإنسان أن ينخرط في هوايات خارج بيئة العمل وليس لها علاقة بطبيعة العمل بحيث يكون لديهم اهتمامات أخرى.
وأخيراً، يجدر الإشارة إلى أن بيئة العمل إذا تنوعت بأجناس مختلفة تكون أكثر صحية خاصة مع وجود توازن بينهم.