يعاني العديد من الأشخاص من مشكلة إنفتاح الشهية للطعام بشكل مستمر، وهو ما يؤدي إلى المبالغة في تناول شتى أصناف المأكولات دونما حساب، مما قد يؤدي إلى الإصابة بالسمنة وزيادة تراكم الدهون بالجسم؛ فكيف يمكن التحكم في الشهية؟
ما الفارق بين الشهية المستمرة والجوع؟
تُحدثنا اختصاصية التغذية العلاجية الدكتورة “إيناس فهمي جزر”، الفارق بين الشهية والجوع كبير جداً، والإختلاف بينهما شاسع، فالشعور بالجوع مفاده أن الجسم قد وصل إلى مرحلة ما يحتاج معها بشدة إلى تناول وجبة غذائية حتى يتمكن من أداء وظائفه الحيوية، وفي الغالب لا يحدث شعور الجوع إلا بعد مرور ما يتراوح بين 6 إلى 8 ساعات من آخر وجبة تم تناولها، وليس قبل ذلك.
وأردفت “د. إيناس” قائلة: ولهذا تظهر للجوع مجموعة من الأعراض الأساسية، أهمها:
- الشعور بالتعب والإجهاد الشديدين.
- سماع أصوات صادرة من المعدة.
- الشعور بألم بسيط في المعدة.
- يتملك العقل التفكير المستمر في الطعام وتناوله.
بينما الشهية فهي عبارة عن شعور مفاده الحاجة إلى تناول الطعام باستمرار، أي أن أمر الشهية أشبه بإتخاذ تناول الطعام وجه التسلية الوحيد الذي يبعث السرور في النفس، وتزداد حدة هذا الشعور حال رؤية الأطعمة اللذيذة والمحببة إلى القلب أو شم رائحتها، علماً بأن شعور الإشتهاء لا ضابط له؛ مما يعني إمكانية وقوعه حتى بعد تناول وجبة كاملة دسمة مباشرة بدون فارق زمني يُذكر.
ما أسباب زيادة الشهية نحو الطعام؟ وهل يلعب فصل الشتاء دوراً في ذلك؟
من الصعب الربط بين الشهية المفرطة نحو الطعام وبين فصول العام، وما يحدث في فصل الشتاء من كثرة تناول الطعام فهو راجع إلى قلة شرب الماء عن المعدل الطبيعي المتمثل في 3 لتر ماء يومياً من ناحية، والسعي للحصول على الدفء من ناحية أخرى، ومن ثَم فإن المعدة تكون فارغة بأكملها ولذلك نملأها بكثير طعام.
وتابعت “د. إيناس” قائلة: هذا إلى جانب أن عدم المضغ الجيد للطعام يزيد من شهية الإنسان نحو الطعام، كما أنه يزيد من كمية الطعام المتناولة في كل وجبة لعدم ترك المساحة الزمنية اللازمة لإرسال المعدة إشارات عصبية للمخ تفيد بكمال الشبع.
والخلاصة أن أهم الخطوات العملية لتقليل كلاً من شعوريّ الجوع والشهية هي: شرب القدر الكافي من الماء، مضغ الطعام بشكل جيد ومتأني، التعود على طريقة التنفس الصحيحة المتمثلة في التنفس بعمق.
ما هو السر وراء إصابة البعض بفقدان الشهية التام والعزوف عن تناول الطعام؟
بعيداً عن فقدان الشهية المرضي أو الناتج كأثر جانبي لأحد الأمراض العضوية؛ فإن من يفقدون شهيتهم نحو الطعام بإستمرار هم بالأساس أشخاصاً أصحاب عادات غذائية سيئة وغير صحية، حيث إنهم جعلوا المعدة تعتاد على الجوع الشديد والفراغ من الطعام لفترات زمنية طويلة، ومن ثَم تقلص حجم المعدة عندهم، لذلك عند تناولهم الطعام فهم يأكلون كميات بسيطة جداً، ويأكلون عدد قليل جداً من الوجبات قد يصل لوجبة واحدة فقط ويحدث الإكتفاء الكامل والشبع التام، وعلاج هذا النوع من فقدان الشهية يتمثل في:
- تناول الطعام بوتيرة منتظمة وفي توقيتات محددة موزعة على ساعات اليوم وبكميات محسوبة، ويهدف ذلك إلى توسيع حجم المعدة بصورة تدريجية حتى الوصول إلى الحجم الطبيعي للإنسان العادي.
- تجنب تناول الأطعمة الدهنية الدسمة والحلويات، نظراً لدور هذه الأصناف في سرعة الشعور بالشبع الشديد.
- تناول وجبات بسيطة وسهلة الهضم مثل منتجات الألبان والبيض والخضروات والفواكهة الطازجة.
- تناول الطعام بهدوء ودون عجلة.
- البحث عن وسائل مساعدة لفتح الشهية، مثل تناول الطعام في الحدائق وعلى الشواطئ وفي الأماكن المفتوحة والهواء الطلق.
والخلاصة أن كلا العادتين الغذائيتين على نفس الدرجة من السوء والضرر الصحي على الجسم، سواءً التعود على تناول القليل من الطعام أو زيادة الكميات المتناوله منه دون وعي أو حساب.
ما الضرر الصحي الناتج عن تناول الأدوية المثبطة للشهية؟
أكدت “د. إيناس” على أن القاعدة الطبية العامة تقول أن تناول أي صنف دوائي بدون استشارة طبية ما هو إلا خطر داهم على صحة الجسم على المدى البعيد، ويُشدد على هذه القاعدة الهامة مع الأدوية التي تباع على المواقع الإلكترونية أو تباع بعيداً عن الجهات الرقابية الرسمية، بينما الأدوية الموصوفة من الطبيب المتخصص فهي بالضرورة تناسب الحالة الصحية للمريض، كما أنها أدوية معروف عنها كافة البيانات الأساسية مثل المادة الفعالة وآلية العمل داخل الجسم والآثار الجانبية المتوقعة معها.
مما سبق نستنتج أنه ليست كل أدوية سد الشهية ضارة أو تؤذي الجسم، بل إن فيها أصناف تعد الوسيلة الأمثل لعلاج فرط الشهية المرضي الذي يصعب التحكم فيه بتعديل النمط الغذائي فقط، علماً بأن هذا النوع من الأدوية عادةً ما تتمحور آلية عمله بالجسم البشري حول زيادة الشعور بالشبع تبعاً لمحتواها الغني بالألياف التي تملأ المعدة لساعات طويلة، ومن ثَم هي بعيدة عن التأثير السلبي على المراكز العصبية المسئولة عن الشبع في المخ.
ما هي الطرق الطبيعية لعلاج الشهية المفرطة؟
الحديث النبوي الشريف أخبرنا بأهم وأنسب طرق القضاء على فرط الشهية نحو الطعام، حيث جاء فيه “نحن قوم لا نأكل حتى نجوع، وإذا أكلنا لا نشبع”، وتأسيساً على هذه القاعدة من السنة النبوية الشريفة؛ فإن الإنسان مُطالَب بعدم تناول الطعام إلا بعد التأكد من وقوعه تحت سطوة الجوع الحقيقي وليس الوهمي، كما أنه مُطالَب بعدم إتخاذ الطعام وسيلة للتسلية، وأخيراً مُطالَب بعد الأكل حد التخمة والإمتلاء الكامل.
واختتمت “د. إيناس” قائلة: وجدير القول أن المتطلبات الثلاثة المذكورة آنفاً يسهل تحقيقها من خلال توزيع تناول الطعام على ساعات اليوم كله عبر ثلاثة وجبات أساسية ووجبتين خفيفتين وكفى، ومن الأحرى إنتقاء أنواع الأطعمة الداخلة في هذه الوجبات اليومية، حيث ينبغي التركيز على الطعام الطازج الغني بالألياف والفيتامينات والبروتينات والمعادن، فإلى جانب هذه الفوائد يعد الغذاء الطازج قليل الدهون وسيلة ناجعة لتعديل مستوى عنصر الكروميوم بالجسم، وهو العنصر الذي إن انخفضت مستوياته بالجسم زادت الشهية نحو النشويات والحلويات والأطعمة الدهنية، وهي العناصر التي إن زاد تناولها زاد خطر الإصابة بالمضاعفات الصحية الخطيرة مثل أمراض القلب والضغط وارتفاع الكوليسترول والسمنة.