تتجه أنظار العالم نحو البلدان الأكثر تضرراً من فيروس كورونا، ومازالت إيطاليا للأسف تتصدر المشهد الصحي العالمي. فما هو المتوقع حدوثه في الفترات القادمة؟ وما هي أهمية تفادي الأخطاء التي وقعت فيها الحكومة الإيطالية لتفادي الكارثة؟
هذه الأسئلة يجب أن تتذكرها كل الدول التي لم يفتها الأوان بعد لمواجهة هذا المرض، حتى لا تضطر أي دولة إلى حرق جثث الضحايا لعدم وجود مكان لدفن الموتى مثلما يحدث الآن في أكبر الصروح الطبية في العالم وهو الصرح الإيطالي.
الواقع الصحي في إيطاليا اليوم
تقول الدكتورة سمية الدوار “أخصائية في العناية الحثيثة” أن إيطاليا تعيش الآن فترة حرجة جداً من تاريخها الصحي لأنها تواجه وباء كورونا المستجد الذي يُعد أصعب من التحدي الكبير الذي واجهته إيطاليا في الحرب العالمية الثانية.
لدينا الآن حالة حرجة في إيطاليا، ولدينا وباء منتشر، وعديد من الموتى في تزايد مستمر حتى هذه اللحظة، وعديد من المرضى في العناية المركزة، والدولة تحاول بكافة وسائلها وجهودها الصحية أن تكافح هذا الوباء المنتشر في العالم بأسره بكل ما لديها من أسلحة، وأن تحد من الضحايا والمصابين أيضاً، فضلاً عن جهودها الواسعة في الحد من آثاره الوخيمة على الاقتصاد وغيره من المجالات الأخرى.
ماذا عن حالات الشفاء الإيطالية من فيروس كورونا؟
لدينا حالات شفاء مهمة وعديدة في إيطاليا حيث أن عدد المصابين الإيجابيين بفيروس كورونا في إيطاليا قد وصل إلى ٨٦ ألف، ٨٠٪ منهم في حالة غير حرجة، ولكن التفكير الآن في ال٢٠٪ المتبقية من المصابين وهي الحالات الحرجة التي ستُشفى بإذن الله من هذا المرض.
تتراوح نسبة الموتى جراء هذا الفيروس من ٩ إلى ١٠ آلاف شخص، ولكن لدينا أيضاً حالات عديدة تُشفى يوميًاً من هذا الفيروس، وهذا ما يبث في روحنا جميعاً الأمل في إمكانية القضاء على هذا الفيروس سريعاً إن شاء الله.
مضيفةً: لدينا ٥ آلاف سرير للعناية المركزة في مستشفيات إيطاليا، كما لدينا حوالي ٣٧٠٠ مريض في غرف العناية المكرزة الآن، لذلك فإن إمكانات إيطاليا قبل هذا الوباء كانت إمكانات هائلة وجبارة ويمكنها مجابهة هذا الفيروس، لأن النظام الصحي الإيطالي هو نظام ناجع وليس نظام ضعيف.
هذا النظام يتركز على الصحة العمومية للشعب، أي أن الدولة هي ما تقوم بتقديم خدمة العناية الصحية للمرضى الذين يحتاجون لهذه العناية الصحية، ولكن الكم الهائل من المرضى المصابين بفيروس كورونا جعل هنالك بعض الشلل في هذه الخدمات الصحية التي تقدمها إيطاليا لمواطنيها.
على سبيل المثال، لدى إيطاليا ٢١ ألف متخصص في الإنعاش، منهم ١٢ ألف يخدمون في المستشفيات، ولكن الآن صار هناك عجز واضح في هذه الأرقام لأن هناك العديد من الأطباء الإيطاليين الذين أصيبوا بفيروس كورونا المستجد وتم وضعهم في العزل الصحي، ومن ثم أصبحت إيطاليا بحاجة إلى إعانة من الناحية الشخصية والإنسانية فيما يخص الأطباء على وجه الخصوص وضرورة قدومهم من كافة دول العالم لمواجهة هذا الوباء المميت، وهذا ما حدث بالفعل حيث أتتنا إعانات وكوادر طبية من كوبا وروسيا والصين ليعينونا على هذه المحنة، حتى أن بعض هذه الدول قام بإرسال أجهزة طبية حديثة كأجهزة التنفس الاصطناعي.
قد تود القراءة عن
الحالة النفسية التي تنتاب المواطنين الإيطاليين الآن من فيروس كورونا
إن الشعب الإيطالي يعيش كابوساً بمعنى الكلمة نتيجة فيروس كورونا الذي أصبح حديث العالم أجمع.
هذا الكابوس تسبب في فقدان الأحبة، ولم يهدأ الفيروس حينئذ فحسب، بل أجبر السلطات الإيطالية على عدم دفن موتى أو ضحايا كورونا بصورة طبيعية، ومن ثم أُجبرت السلطات الإيطالية على حرق الجثث.
يصل عدد الموتى إلى حوالي ٩٠٠ حالة يوميًاً بسبب فيروس كورونا، وهو رقم مخيف نوعاً ما، حتى وإن كان هؤلاء المرضى أو المصابين من كبار السن والمسنين وذوي الأمراض المزمنة.
علاوةً على ذلك، لابد من التصدي إلى هذا الكم الهائل من الوفيات بصورة ناجعة لأن الميت الذي يحمل هذا الفيروس هو بحالة خطيرة قد تتسبب في نقل الفيروس منه إلى الأشخاص الآخرين الذين يتصلون به بصورة مباشرة قبل وفاته وحتى بعد الوفاة.
أما عن فكرة حرق الجثث الإيطالية، فهي موجودة في العادات والتقاليد الإيطالية من قبل هذه الأزمة وليست جديدة على المجتمع الإيطالي، ومن ثم فإن هذا السبيل في الدفن لجثث كورونا ليس بأمر مستجد على إيطاليا بالكامل، ولكنها الطريقة الوحيدة الآمنة لمنع انتقال الفيروس من المصاب لغير المصاب، والجدير بالذكر أن الأعداد الكبيرة للضحايا والإصابات تتركز في ثلاثة جهات من شمال إيطاليا هي:
- لومبارديا.
- نيليا رومانيا.
- بنيتو.
أهمية الالتزام بالحجر الصحي للوقاية من كورونا
إن الحجر الصحي لمدة ١٤ يوم هو الحل الوحيد لمواجهة هذه الأزمة، وهذا الحجر مرتبط ببساطة بفترة الحضانة التي يأخذها فيروس كورونا في جسم الإنسان لكي يُظهر العوارض، لذلك حين يظل الإنسان في حجر صحي فإننا نستطيع أن نٌبقِي حالات الإصابة كما هي أو نقللها قدر المستطاع، وإذا دخل أي شخص في اتصال مباشر بفيروس كورونا، فإنه حتماً سيُظهر بعض العوارض التي تخص هذا الفيروس في غضون أسبوعين هما فترة حضانة الفيروس.
وختاماً، تبقى الطريقة الوحيدة للوقاية من فيروس كورونا هو البقاء في المنزل أو في الحجر الذاتي دون النزول للشارع والتواصل مع الآخرين دون احترام مسافات التباعد بيننا وبينهم.