لا ينفك صديقي عن ترديد العبارة السابقة حتى ظننته لا يحسن غيرها، أحاول جاهدا تحسين الصورة، من أجل أن يكف على الأقل عن إرهاق أذني بجملته السابقة، حاولت أن أقنعه أن «الهواء» لا يزال ببلاش، بأمانة عزيزي القارئ الكريم هل طالبك أحد في يوم ما بدفع مبلغ لاستنشاق كمية من الهواء؟ أظن الإجابة هي «لا»!
صحيح أن هواءنا ملوث بجميع أنواع الأكاسيد الكفيلة بجعل حويصلاتك الهوائية في حالة استنفار تام! وصحيح أن غيرنا يظلم البيئة وعلينا نحن المساكين دفع فاتورة العلاج من أمراض الحساسية المزمنة والربو والأزمات الصدرية… إلخ – إلا أنه لن يطالبك أحد بدفع مبلغ نظير استنشاقك لحفنة من الهواء والحمد لله، وهو إنجاز كبير يسجل للجهات الرقابية على الأسعار التي أبقت الأوكسجين مجانا لكل الناس!
جميل، ماذا عن «الاستمتاع بمشاهدة البحر»؟ لا أعتقد أن أحدهم قد طالبك بمبلغ مالي وأنت في حال استمتاع قصوى بسواحلنا الـ «غير» والتي «مو غير»؟ صحيح أن الأسوار تتكاثر بشكل مطرد على بعض الواجهات البحرية لدينا، وصحيح أن المواقع التي يمكن مشاهدة البحر من خلالها تتقلص يوما بعد آخر، وصحيح أن بحرا كبحر جدة يعطي صورة سيئة عن كل بحار العالم! بل وسيجعلك تغير من قناعاتك أن البحر مكان للتنزه، فروائحه التي ستستقبلك من مسافة كيلو كامل قبل وصولك إليه ستكفل تغير وجهتك السياحية نحو أقرب «حديقة»، إلا أن أحدا في النهاية لن يودعك بفاتورة حساب من ثلاث خانات!
بمناسبة الحديث عن الحدائق، هي أيضا مازالت «ببلاش»، أي نعم أن بعضها لا تعدو كونها مكانا مثاليا لجمع الخردة والسكراب، وأي نعم أن الألعاب المتواجدة فيها تعاني كسورا مضاعفة، وصحيح أنها ستحتاج في بعضها لمجهر مكبر للبحث عن أي أثر للون الأخضر، إلا أن أحدهم لن يطلب منك مبلغا ماليا نظير دخولها!
هل تظنون صديقي اقتنع؟ بل أنا والله من أقتنع، «كل شيء بفلوس»!
بقلم: ماجد بن رائف
واقرأ: مراجعات في التخلف