اتفق العرب على ألا يتفقوا. قد يكون هذا التعبير أدق وصفا وإن اختلفت التعابير الدالة على هذا المعنى كقولهم «الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية»، والواقع يقول إن مجرد التفكير في الاختلاف يفسد للود قضايا!
حينما رأيت بعض زملائي ونحن في بلاد الغربة تعلو وجوههم الابتسامة والفرحة باليوم الوطني مع لظى الشوق له، ورأيت كيف تكون فرحة مثل هذه الأيام بالحب والإخلاص والتعرف على تاريخ هذه الدولة. لكن الأسى يتجلى حينما نرى بعض السلوكيات القولية أو الفعلية الناتجة عن بعض العقليات التي لم تتمكن ثقافتها من معرفة معنى اليوم الوطني.
وهناك صورتان – على سبيل المثال لا الحصر – حينما نرى تلك التصرفات السلبية من شبابنا وبناتنا في هذا اليوم كظاهرة التفحيط والاستهتار بالأمن والمرور، والتجاوزات التي لا يوجد لها تفسير ولا علاقة بينها وبين فرحة هذا اليوم، ما يدل على نشأة الثقافة المغلوطة حول بعض المفاهيم كاليوم الوطني وأسبوع المرور وأسبوع الشجرة، التي لم يتشربها النشء، ولا ثقافة الجيل الحالي بعد، ما جعل السلوكيات السلبية تكون لونا خاصا لمثل هذه المواسم.
والصورة الأخرى حينما نجد من بعض المجتهدين ربط هذه المناسبات بأشياء أخرى لا علاقة لها بها، ومن ثم بناء الأحكام التي تحرم وتبدع وتعنف وترفض هذه المناسبات بحجة أنها بدع ما أنزل الله بها من سلطان، وأنه لا عيد في الإسلام إلا عيدان، مع أنه يوم وطني، لا عيد وطني!.
عيد الفطر وعيد الأضحى هما عيدا الإسلام وخصهما الشرع بأمور كصلاة العيد ووجوب الفطر والنسك.. بينما اليوم الوطني يوم إعلان قيام الدولة وتوحيد البلاد ولا ابتداع فيه لعبادات وطقوس دينية!.
من يتأمل مثل هذه السلوكيات والتناقضات يدرك أننا أمام تموجات فكرية تحتاج إلى الكثير من التحديثات والتعديلات خصوصا على جيل النشء، فثقافة الفرح والسرور- مثلا- لا تحتاج إلى تجاوزات أمنية أو أخلاقية لكي تتم!
كل عام وأنت الخير يا وطني.
بقلم: عبد السلام العقل