معنا اليوم كلمات مضيئة عن العلم. نتناول من خلالها -في مقال/موضوع- فضل العلم ومكانته ومنزلة العلماء والتحصيل العلمي. وكيف أن الدول الكُبرى سبقتنا نحن إلى هذه المكانة الكبيرة؛ وبسبب مَن!
كلمات مضيئة عن العلم
الإنسان مهما كان نَسَبه أو أصله -والناس عند الله سواء- إلا أن الله ﷻ يرفعه بين الناس العلم. العلم هو الرِّفعة وهو المكانة وهو الشرف. وما أشهر هذا البيت:
العلم يرفع بيتا لا عماد له — والجهل يهدم بيت العز والشرف
واقرأ هنا أيضًا: أبيات شعر عن الجهل والتخلف
آدم “عليه السلام” وَقَفَ أمام الملائكة، فأخبر الملائكة بأسماء هذه المسميات. بعد أن قال الله لهم (أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ | قَالُواْ سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ | قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُون).
فضَّل الله ﷻ الآدميَّة على الملكية بالعلم.
مكانتك أيها الإنسان بالعِلم الذي في صدرك. أيّ عِلم تحويه. المهم أن تكون متميزا بعِلمك؛ فأنت مرفوع من قِبل الله. جرت سنة الله ﷻ أن يرفع العلماء. قال الله -جل الله- (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَات) وما أعظمها إن أرادتم كلمات مضيئة عن العلم وفضل أهله.
حتى على مستوى الحيوانات؛ فضَّل الله ﷻ الحيوان المُعَلَّم على الحيوان غير المُعَلَّم. يقول الله في سورة المائدة (يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُم مِّنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ)
الكلب المُعَلَّم هو الكلب المُدرَّب الذي دُرِّب على الصيد. هذا الكلب الذي عُلِّم بإلهام الله (تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ). وفيه إشارة إلى أن أي علم دنيوي إنما هو بإلهام الله ﷻ وتعليمه.
علوم الطب هي توفيق من الله وإلهام. علوم الهندسة، علوم الاقتصاد، علوم الإدارة. هذه فتح ﷻ. مصدر هذه العلوم التجربة والعقل. وكلها من الله ﷻ. فالله ﷻ هو الذي خلق عقل الإنسان. العقل الذي يفكر، العقل الذي يستثمر، العقل الذي يفهم، العقل الذي يبدع؛ خلقه الله ﷻ. وهذه صورة من صور الإكرام الإلهي لبني آدم. (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً).
العلم شرف لا قدر له
نعم؛ العِلم هو شرف الإنسان. وعندما نتحدث عن العلم فإننا ندفع المتعلمين والمُحبين والراغبين أن ينطلق في بحور العلم.
والعلم لا ساحل له. لو كان للعلم ساحل لتوقفت إبداعات الإنسان عند حدٍ معين. لكن بما أن العلم لا حَدّ له ولا ساحل، لا زالت إبداعات الإنسان تتوالى بتوالي الزمان وبتنوع المكان وباختلاف الإنسان.
والمغبون هو الذي يرى الناس يتعلمون ولا يتعلم. سيندم عندما يراهم يصنعون مستقبلهم، ويقيمون حياتهم، ويخدمون أوطانهم.
شرف الإنسان عندما يرى بارزا بين الناس، متميزا بعلمه وثقافته ووعيه وفكره وقلمه. والعز عِزّ القلم.
أهمية العلم في الإسلام
ولأن إسلامنا إسلام القلم. أول سورة نزلت على رسول الله ﷺ تتحدث عن القلم. سورة العلق (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ | خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ | اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ | الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ)؛ هل هناك كلمات مضيئة عن العلم أكثر من تلك الآيات الكريمات التي ذكرها لنا الخالق ﷻ في كتابه العزيز!
السورة الثانية التي نزلت على رسول الله ﷺ سورة القلم؛ على قول (ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ).
توالى ذِكر القلم في القرآن الكريم. سورة العلق، سورة القلم. إذًا ديننا دين القراءة، دين الكتابة، دين الفِكر،دين الوعي، دين الانطلاق في عمارة الحياة واستثمار الدنيا.
الإسلام لا يتوقَّف في علومه عند علوم الشريعة. ولو كان الإسلام يتوقف عند علوم الشريعة لتوقفت فتوحات الإسلام ولتوقف تمدد الإسلام ولتوقفت رحمة الإسلام عند حد معين. والإسلام لا يعرف الحدود، ولا يعرف الحواجز؛ يتجاوزها كلها بالوعي، بالرحمة، بالحق، بصناعة الفِكر، باستثمار العقول.
لماذا تأخر المسلمون وتقدم غيرهم؟
نحن ما تأخرنا في هذا الزمن إلا عندما تأخَّرت عقولنا في بحار العلم. تقدَّمت كثير من الدول والشعوب؛ ما تقدموا بالجهل ولا بالغباء ولا بالصراع ولا بالفتن السياسية. تقدموا عندما حرَّكوا عقولهم، ودفعوا أولادهم نحو الصناعة، نحو الزراعة، نحو الإبحار في البحار، نحو الانطلاق والتحليق في الجو. عند ذلك قامت لهم ترسانة ثقافية وعسكرية وتقنية. استدعت هذه الترسانة الواسعة منا الإعجاب. نحن أعجبنا لكن بعلومهم ومهاراتهم. ألسنا نحن أولى بذلك؟ نعم نحن أولى بذلك.
لماذا تأخرنا؟ لماذا رضينا بالجهل؟
الجهل في المدارس الأساسية، وفي الثانويات، وفي الجامعات. حتى وإن كتبنا وقرأنا؛ لكن هل نصل إلى مستوى التخصص، حسن الأداء، والمهارة في إتقان الأعمال؟ لم نصل بعد.
تقدَّم غيرنا وتأخرنا. تقدموا بالعلم، وتأخرنا بغيره.
إن إسلامنا يدعونا إلى أن نندفع؛ رجالا ونساء، صغارا وكبارا، على السواء. ليس للعلم سِن معين ولا جنس معيَّن.. فانطلقوا.