إلى روح أخي التي غادرت منزلنا قسرا الثلاثاء الماضي..
الكتابة عن الموت ليست اختصارا وجوديا. ستكفيك عدة ساعات للتصالح مع الفكرة، ثم ستحتاج إلى زمن طويل لتدفع بنفسك بعيدا عن الأماكن التي يتركها الراحل خاوية. يمر أحدهم كنسمة ريح ليجعل منك فقدا يرصد خسارته الفادحة ويعزي نفسه قبل أن يتلقى العزاء ممن يحيطون به.
بشكل خاص فإنني إزاء فكرة الموت لا أعرف طريقة آمنة للعبور خلالها في كل مرة نحو الحياة الطبيعية دون أن تكون هناك آثار غائرة في الروح، حتى لو كان الراحل مجرد اسم لا أعرف عنه الكثير. إذن كيف إذا كان طالبا في الصف الأول الثانوي خرج من اختباره ليجد سائقا متهورا في انتظاره لتغيير مسار روحه: بدلا من طريق العودة إلى منزلنا أصبحت تحلق بعيدا.
هو ذا، وبشكل فجائي تجد الموت أقرب إليك مما تصورت، فلا تجد بدا من الالتفات إلى إخوتك وأخواتك وسؤالهم في كل مرة «ما الذي حدث؟».
الموت ليس طريقة لفهم ما يحيط بنا، لكن ما يصاحبه قد يلفت انتباهنا لشيء ما، كبطاقة عزاء أشكرها لأنها كانت ذات أثر عميق؛ وكان نصها: «لبهاء طاهر أمنية مدهشة وعزيزة بالنسبة لي في روايته: شرق النخيل…».
ثم فجأة قالت فريدة بصوت باكٍ:
– قل لي لماذا نعيش ما دمنا سنموت في النهاية؟
– هذا هو السؤال الذي حير كل الناس يا فريدة. قالت وهي لا تزال تحاول أن تكتم بكاءها: – يسامحني ربي يا أخي ولكني أفكر لو أننا نموت جميعا، أنا وأنت وكل من نحب، كلنا معا، في وقت واحد حتى لا يحزن أحد على أحد ولا يبكي أحد على أحد. «لو أن الناس كالزرع…».
بقلم: حامد بن عقيل
وهنا تقرأ: رحلت أختي الغالية.. كلمات مؤثرة في رثاء الأخت المتوفية