كثيرٌ من النّاس يوَد سماع وقراءة كلمات عن الصبر على البلاء، يرغب بمن يُسمِعهُ: فرج الله قريب. ولهذا قال الله -الحليم- إذا دخل أهل الجنةِ الجنة، “وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا”. هذه هي الجنة جزاءُ صبرهم.
كلمات عن الصبر على البلاء
يقول أحد الصالحين، مررتُ على رجل أعمى مشلول، على فراشه طريحًا، وسمعته يقول الحمد لله الذي فضلني على كثير مِمّن خلق تفضيلا.
فقُلتُ له، يا فلان، فضّلك على أي شيء؟ أنت فقير ومشلول وأعمى مُلقى على الفراش.
فقال: أليس قلبًا مؤمنًا ولسانًا ذاكِرا؟
قُلت: وماذا يعني؟
قال: أنا خيرٌ من كثير من خلقِ الله، وفضلني عليهم تفضيلا.
كلام عن الصبر على الموت
وهذا آخر اسمه أبو ذؤيب الهذلي، شاعرٌ مخضرم في عهد عمر بن الخطاب، كان في الشام، وفقد هذا الرجل سبعة من أولاده في يوم واحد.
والإنسان رُبما يصبر على فقد المال، يصبر على فقدِ أخٍ، على فقد أبٍ وأُم، لكن فقدِ الولد أصعب شيء.
فقد سبعةً بوباء أصابهم فماتوا في يوم واحد -قيل أربعة وقيل سبعة- فقال شعرًا يُعزِّي نفسه ويرثي أولاده:
أَمِنَ المَنونِ وَريبِها تَتَوَجَّعُ
وَالدَهرُ لَيسَ بِمُعتِبٍ مِن يَجزَعُ
أي أنك إن جزعت أو لم تجزع فقضاء الله نافذ، وما أصابك لم يكن ليخطئك ما أخطأك لم يكن ليصيبك. لكن إذا صبرت فلك أجر، وإذا جزعت خسرت الأجر.
إلى أن قال
وَلَقَد حَرِصتُ بِأَن أُدافِعَ عَنهُمُ
فَإِذا المَنِيِّةُ أَقبَلَت لا تُدفَعُ
وَإِذا المَنِيَّةُ أَنشَبَت أَظفارَها
أَلفَيتَ كُلَّ تَميمَةٍ لا تَنفَعُ
فَالعَينُ بَعدَهُمُ كَأَنَّ حِداقَها
سُمِلَت بشَوكٍ فَهِيَ عورٌ تَدمَعُ
وَتَجَلُّدي لِلشامِتينَ أُريهِمُ
أَنّي لَرَيبِ الدَهرِ لا أَتَضَعضَعُ
قصة قصيرة عن الجزع وعدم الصبر
مرّت أعرابية على بيت ناس يصرخون.
فقالت: ما الذي جعلهم يصرخون هكذا؟
قالوا: فقدوا قريبًا لهم -مات-.
قالت: لا أراهم إلا على ربهم معترضين، وعلى قضائه ساخطين.
فالإنسان لو دَمعَت عيناه، أو حزِن، يجوز، فهذه طبيعة البشر، لكن لِمَ الصراخ والنياحة وشَقّ الجيوب ولطم الوجوه، ولِم السب والشتم؟
آيات وأحاديث وحكم عن الصبر
جاء في الحديث القدسي -في صحيح البخاري- يقول الله تعالى: ما لعبدي المؤمن عندي جزاء إذا قبضت صفيه من أهل الدنيا ثم احتسبه إلا الجنة.
وفي حديث آخر يقول رَسُولَ اللَّه ﷺ: إنَّ اللَّه -تعالى- قَالَ:”إِذَا ابْتَلَيْتُ عَبدِي بحبيبتَيْهِ فَصبَرَ عَوَّضْتُهُ مِنْهُمَا الْجنَّةَ يُريدُ عينيْه.
وحبيبتيه، أي عينيه.
وقال الجليل -سبحانه- “وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا”.
أما الذين جزعوا، فإنّ الميّت لن يرجع لهم، والمال لن يعود، والمرض لن يُشفى إلا إذا قدّر الله. أي أن البلاء فيك والأجر راح عليك.
ويقول الله -الكبير- “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ”.
وفي أحد حكم علي بن أبي طالب عن الصبر، يقول الإمام -رضي الله عنه- “الصبر من الايمان كمنزلة الرأس من الجسد”. فهل لو قُطع الرأس ينفع الجسد؟ وهكذا لو ذهب الصبر.
قصة مؤثرة عن الصبر
ويقول رجلٌ عن نفسه “كنت أتنقَّلُ بين قريةٍ وبين مدينةٍ -العمل وبيت والدي وأمي- فكنت أذهب من هذا المكان الى هذا المكان والطريق ساعات بالسيارة، فكل بضعَة أيّام اسافر وأرجع.
رُزِقَ زوجة وولدين وبنت.
يقول، وفي مرّةٍ من المرات اختي قالت سأذهب معكم، فركبنا السيارة، زوجتي واختي وولداي وبنتي.
وأكمَل، بينما نحنُ مُستأنسين في السيارة، نتحدث ونتسامر، وفجأة، حادث وانقلبت السيارة، حاولت أن أُدرِك أولادي وزوجتي وأختي، لكن اثنان من أولادي توفوا في لحظتها، وبنتي أُصيبت بالشلل، وزوجتي أُصيبت في دماغها وهي بين الحياة والموت، وأختي دخلت في غيبوبة لا نعرِفُ ما مصيرها.
تخيل! اخته، زوجته، كل أولاده يفقدهم في لحظة واحدة، ثواني فقد فيها الدنيا بأجمعها.
والمصيبة أنه رأى أولاده وزوجته يحتضرون أمامه.
يقول جلست عند زوجتي وأختي وبنتي في المستشفى أيام طويلة، ثم اضطررت بعدها أن أرجِع الى البيت. ودخلت البيت فهو على حاله، أرى وأسمع ضحِكات أولادي. أشعر بزوجتي في البيت. أشعر وكأنهم موجودين لكن لا حياة في البيت بعد اليَوم.
زُبْدَةُ الْمَوْضوعِ
هذا الفرق بين المؤمن وبين الجازع، ولهذا، فمن بعض آيات الصّبر في القرآن الكريم، يقول الله -تعالى-“وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ”.
بعض الناس يمكن لو خسر بعض مال القليل يجزع، وبعضهم لو أُصيب بألم في رأسه ببعض الصداع لا يتحمل ولا يصبِر. والبعض مهما كانت النوازل والمصائب، يقول “إنا لله وإنا إليه راجعون“. ويصبر ويحتسب ويتوكل على الله.