وعن رمضان وحول رمضان يحلو الكلام، وتسترسل الاقلام في وصف فضله وعظمته ودروسه وعبره، وعن خيراته التي لا تنقطع من أول يم حتى آخر يوم، وعن يقظة الضمير والفكر والانتباه إلى قيمة العمر، وتحصيل الأجر، كل ذلك مادة تنسج حولها العبارات والكلمات، وهنا سنسوق بعض الكلام في فضل ومعنى ومبن الصيام، نتمنى أن يحمل إليك عزيزي القارئ رسائل واضحة ونافعة، وتذكرة طيبة تقع من نفسك موقع القبول والرضا.
كلام عن شهر الصيام
• ويمضي رمضان بكل ما فيه من جوع وعطش وحرمان، ويمضي السهر وارتباك المواعيد، وضغط العمل، ويمضي الوقوف ساعت لصلاة القيام، ويمضي ذلك التعب الرهيب الذي يصاحب الجهاد في غض البصر ومقاومة المتع المنتشرة في كل ما يحيط بنا،،، سيمضي كل شيء مع انتهاء الثلاثين يوما، ويبقى الأجر.
• ولنا في الصيام دروس وعبر، وبعض من يقظة القلب، ولنا فيه وصل بمن ينعم علينا رغم كل معاصينا وذنوبنا، ورغم هجرنا يقربنا، ورغم الضلال يبعث لنا بأشعة الهداية والنور والسعادة كل عام.
• لنا في رمضان عروضٌ كريمة جدَا، مغفرة ورحمة وعتق من النيران، فأنى لنا أن نغض الطرف عنها ولا نقاتل الهوى لاغتنامها.
• قمة الحمق أن يترك رمضان يمضي دون أن نتعاطى ما فيه من أدوية تعالج قلوبنا، وتصلح فساد نفوسنا واعوجاجها، انها أدوية مجانية ربانية، ليس لها أثار جانبية، دواء للجزع والهلع من ملمات الدنيا اسمه الصبر، ودواء يقاوم الانسياق وراء الرغبات والشهوات اسمه الجهاد، ودواء يعالج مرارة الجهاد والصبر وهو فرحة الفطر.
• قمة الخسران ،أن يترك العبد رمضان يمر دون أن يغفر له، ودن ان تفتح له أبواب الرحمات، ودون أن يكون من عتقاء الله في هذا الشهر، فاحذروا هذا الخسران المبين.
• أن تصوم عن الطعام والشراب فهذا محض الالتزام، أما أن تصوم عن الزلل في القول أو في العمل، وأن تصوم عن كل كلمة لا ترضي الله فذاك هو الإحسان وتمام الإيمان.
• الصيام جنة ووقاية من الضعف ومن الغواية، ومن تسليم الإرادة والقوة للنفس والخضوع لسلطان الهوى، والانصياع لدواعي الشهوات، الصيام جنة بين العبد وبين العبودية لغير الله.
• في رمضان تذكرة بكل نفس تعاني الحرمان، وتضنيها لوعة الحاجة، ومذلة السؤال، فمن وفق إلى تلك التذكرة فليمسح عن محروم بعض عنائه، وليخفف عن جائع بعض ألمه، وليعف ذليل أو فقير من ذله، ليكون له أجر ذلك، وليقيض الله له من يخفف عنه ويسعى في قضاء حاجاته.
• رمضان يلقن البشرية جمعاء درسًا ربانيًا في تكافؤ الفرص، فالكل لديه ثلاثون فرصة للعودة، ثلاثون فرصة للصوم، وثلاثون فرصة للقيام والصدقة والدعاء والذكر والجهاد، رمضان لم يفرق في الأجر بين غني مرفه وبين فقير محروم، بل يعين الفقير على فقره ويجله ينافس الأثرياء في صبره وتعففه، ولم يفرق بين رجل وامرأة ولم يفرق بين أعجمي ولا عربي، ولم يفرق بين مسلم ومسلم إلا في قدر اغتنامهم لتلك الفرص المتكافئة تمامًا.
• بلوغ رمضان فضل عظيم ومنة كبيرة من الله عز وجل، لا يناله إلا من كان محظوظًا مبارك له في عمره، فكم من مشتاق للقيا رمضان حيل بينه وبين أمنيته في طرفة عين، وقد اقترب من الشهر واقترب منه الشهر حتى وقر في قلبه أنه لا محالة مدركه، فتخطفته يد الردى بدون سابق انذار.
• من رحمة الله بالمسلمين أن جعلهم يؤجرون على نياتهم ويرزقون ببركتها، فمن نوى خيرا ووفق إليه فله أجران ومن نوى خيرًا وحيل بينه وبين القيام بما نواه فله أجر، ولأننا لا نعلم إن كان قد قدر لنا ادراك شهر المنة والرحمات، ام لا فلنعد انفسنا للصوم وننوي فعل كل خير، انوي الصيام والقيام والصدقة والصبر والجهاد، لتكون نيتك شفيعا لك بين يدي عملك، فتؤجر عليها على كل حال.
• كثير من الناس يصومون رمضان وكثير منهم يلزم القيام وتلاوة القرآن، والبعض متساوون في العبادة ولكن متفاوتون في الأجر، تفاوت الأجر يرجع إلى نية الصائمين فمن الصائمين من ينوي بصومه نية واحدة ومنهم من ينوي عشرون نية، فكونا أذكياء في تحصيل الأجر وعددوا نوايا الخير.