كلام جميل عن الحب الحقيقي
الحب له صورٌ كثيرةٌ وأشكالٌ متعددة، فالإعجاب حب والاحتياج إلى الحب نوع من الحب، والغيرة على شخص ما نوع من الحب، ولكل حب مظاهره ودرجته وتفاصيله الخاصة.
الحب الذي يتبادر إلى الأذهان حين نذكر الحب هو ذلك الحب الذي يجمع بين رجل وامرأة، وهو كغيره من الحب ينطوي على معاني التضحية والإيثار والوفاء، ولا يختلف عن غيره إلا فيما يضاف إليه من الرغبة واللهفة إلى التواصل الجسدي الذي لا يقل أهمية عن التواصل النفسي والروحي. أما لو أمعنا النظر فنجد أن الحب هو وقود الحياة بأسرها وهو سر الأمومة والأبوة، وهو سر الأخوة وهو قبل هذا وذاك سر العلاقة بين الخالق والمخلوق.
وهنا سنتكلم عن الحب الحقيقي ونبحر في أعماقه، لنتعرف على تفاصيله وملامحه وسماته، وكيف أنه أرقى وأغلى مشاعر الحب على الإطلاق، بل وأطولها عمرًا، وأكثرها صلابة ومتانة، لا تعصف به الحوادث العارضة ولا يغيره مرور الزمن.
الحب الحقيقي هو ذللك الحب القوي الذي لا يضعفه البعد، ولا تنال منه المسافات، ولا يؤثر عليه الهجر.
الحب الحقيقي أن يكون هم المحب سعادة المحبوب وراحته، وسلامته من كل مكروه أيًا كان مكانه وأيًا كانت ظروفه، وأيًا كانت اختياراته، الحب الحقيقي هو ذلك الشعور القوي جدًا الذي يجعل همك الأول هو سلامة من تحب وسعادته، سواء تحقق ذلك في قربك أو بعيدا عنك.
الأمومة والأبوة والأخوة، والصداقة الخالصة هي أروع صور الحب الحقيقي.
يمكنك أن تستدل على الحب الحقيقي في قلبك حين يرسخ في قلبك وذهنك يقين أنك انت ومن تحب في مركب واحد، فإذا نجا نجوت وإن غرق غرقت، وأن توجع تقطعت ألما، وإن تأوه انفطرت روحك صارخة، فهذه ملامح الحب الحقيقي.
الحب الحقيقي لا يقف عند حدود الكلمات الناعمة ولا الرسائل الملتهبة، بل يتجاوز ذلك ليصبح للصمت بين المحبين معنى وللكلمة ألف معنى، أن يعرف المحبوب أنك تحبه من قولك وفعلك ونظرتك.
الحب الحقيقي هو العطاء بلا حدود وبلا مقابل، أن تفعل كل ما في وسعك لتسعد من تحب، أن تتعب لأجله وتفني بعض عمرك أو جل عمرك في سبيل الوصل به إلى بر الأمان، أن تحارب لأجله وتقاتل معه ضد كل ما يقف في وجه مستقبله، ولا تنتظر من وراء كل هذا ولا حتى كلمة شكر.
الحب الحقيقي أن يصبح نجاح من تحب هو بعينه نجاحك، وسعادته سعادتك، وراحته راحتك، أن تصبح أنت وهو كيان واحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى.
الحب الحقيقي هو ذلك الدافع الذي يحركك في اتجاه من تحب، فتتحمل التعب والمشقة نيابة عنه، وتخفي ألمك وتتظاهر بالفرحة إذا تصورت أن ألمك يؤلمه وأن وجعك يعذبه، أن تحتفظ لنفسك بالتعب وتأخذه إلى الراحة دن مقابل..
الحب الحقيقي أن تذكر من تحب في دعائك كل يوم وكل ساعة، لا تشغلك عنه المشاغل ولا تنسيك إياه الأحداث ولا تلهيك عن ذكره في دعائك أي شدة، الدعاء بظهر الغيب هو قمة الصدق في الحب، لأن من يدع لا ينتظر مدحا ولا يبغي بدعائه التودد إلى من يحب ولا إظهار الحب، الدعاء بظهر الغيب لا يرجى منه إلا الخير للمحبوب..
الحب الحقيقي أن تشعر بمن تحب، تشعر بألمه واحتياجه حتى وإن لم يبده لك.
الحب الحقيقي أن تقيل عثرات من تحب، وتستر عيوبه، وتخفي خطأه وتتجاوز عن زلاته.
الحب الحقيقي أن تعلن للدنيا أن محبوبك يخصك وحدك بكل سيئاته وانكساراته.
الحب الحقيقي أن تشعر بالأمان في حضور من تحب وأن تشعره بالأمان، أن تشعر في وجوده بالاكتفاء والاستغناء، فتكتفي بمن تحب وتستغني به عن الدنيا ومن فيها، فيصبح المؤنس في الوحدة والرفيق في الوحشة، ويصبح مركز الكون.
الحب الحقيقي أن تعلي مصلحة من تحب وتقدم رغبته على رغبتك، وأن لا تشعر بأي غضاضة في ذلك.
الحب الحقيقي لا يعرف كل الألم الذي يعرفه غيره من المشاعر، تتغلب فيه العاطفة على رغبات الجسد، وتصبح صلة الروح بالروح أقوى وأشد.