عندما يأتي شهر رمضان المبارك نحتفي به ونبتهج له، ونسعد بساعاته وبأيامه التي تنقضي سريعا، وتذهب كالبرق ونحن نتحسر على فراقها لاختلافها وجمالها، ونتحسر على خلقنا وأخلاقنا وروحنا الزكية فيها ونفوسنا المتغيرة طيبة وطهرا ونقاء طوال شهر كامل، ونظل نقول آه يا رمضان ليت العام كله شهرك!!..
ثم نتحول سريعا إلى العيد، عيد الفطر المبارك، الذي يأتي مباشرة بعد الشهر المبارك، الذي احسنا استقباله، وكنا نعد الشهور في انتظاره ونحسب الأيام والساعات في حضوره وفي آخر أيامه وبعد الحفاوة والولع والعشرة والحزن على فراقه، والتأسي على أوقاته وخصوصيته، والبكاء وسكب الدموع والعبرات في يوم وداعه، ومشهد ختامه وليلته القرآنية المشهورة في كل المساجد «ليلة الختمة» أو التختيم، بعد ذلك بساعات، نتغير في تحول سريع وجميل في الوقت نفسه، نتحول إلى الفرح والبهجة والسرور، في استقبال «خليفته»، في استقبال العيد السعيد بأيامه المعدودة وساعاته المحدودة، وكأننا «نتناقض» أو كأننا نعيش حالة من «انفصام الشخصية»!!
ولكن كلا، ان ذلك ليس سوى فرح «فطري» وبهجة مشروعة، وسعادة شرعية بل إنها «عبادة» أخرى يحثنا عليها ديننا الإسلامي الحنيف.. نعم العيد عبادة؛ عبادة فرح، بأمر الله ﷻ، حيث جعل «الفطر» في أول أيام العيد «واجبا»، والصوم فيه «حرام»، بل إن الإفطار هو أول «مظاهر» العيد قبل صلاة العيد وقبل الخروج إليها، وفي حديث عن الرسول صلي الله عليه وسلم قال« للصائم فرحتان يفرحهما، إذا أفطر فرح بفطره، وإذا لقي ربه فرح بصومه» وقمة الفرح واتمه أن يفرح الإنسان بما شرعه له ربه..
والفرح بالعيد هو فرح على إتمام عبادة الصوم، وشكر الله على ذلك، والتعبير عنه بالتكبير والتهليل والتحميد، وهو يوم فرح كبير وعظيم للصائم، حتى إنه يسمى في السماء «يوم الجائزة».
بقلم: عثمان أبو بكر مالي