لأعوام، حيرّ العلماء سرّ “الهالات” التي تسبق نوبات الصداع النصفي، تلك الأعراض العصبية قصيرة المدى مثل ومضات الضوء أو الوخز. لكن دراسة جديدة على فئران المختبر قد حلت اللغز أخيرًا، وفتحت الباب أمام فهم أفضل لهذه الحالة التي تصيب أكثر من مليار شخص حول العالم.
اكتشاف مسار جديد:
كشفت الدراسة، التي نُشرت في دورية “Science”، عن مسار جديد يمكن من خلاله لجزيئات معينة الهروب من الحاجز الوقائي للدماغ والتفاعل مع الأعصاب الطرفية، مما قد يفسر كيف تنشأ الهالات.
ركز الباحثون على مجموعة من الخلايا العصبية تسمى “العقدة الثلاثية التوائم”. تنقل هذه العقدة إشارات من أعصاب الوجه والفك إلى الدماغ، وتتصل بجذع الدماغ.
وتمكنوا من اكتشاف أن هذه العقدة توفر طريقًا للسائل الدماغي الشوكي والجزيئات الموجودة فيه للوصول إلى العالم خارج الدماغ.
تجربة كشفت آلية الهالات:
استخدم الباحثون فئران مختبر معدلة وراثيًا وفصّلت نتائجهم أن السائل الدماغي الشوكي ظهر في العقدة الثلاثية التوائم بعد حوالي أربع دقائق من الحقن، تلا ذلك زيادة حادة في النشاط الذي يحركه الكالسيوم.
أظهرت التجربة أن السائل الدماغي الشوكي يمكنه حمل جزيئات خارج الدماغ عبر هذه القناة، حيث تفتقر العقدة الثلاثية التوائم إلى الحاجز الخارجي المتماسك بإحكام.
ربط النقاط مع الصداع النصفي:
ربط الباحثون بين هذا الاكتشاف ونوبات الصداع النصفي، حيث وجدوا أن “الاكتئاب القشري المنتشر”، وهو موجات من النشاط غير الطبيعي في الدماغ، يمكن أن يزيد من تدفق السائل الدماغي الشوكي في المنطقة المصابة، ويحمل المزيد من البروتينات والجزيئات الأخرى إلى العقدة الثلاثية التوائم.
وتبيّن أن العديد من هذه البروتينات محركات للألم والالتهاب. وخلص الباحثون إلى أن هذه البروتينات يتم إطلاقها خلال الهالة ونقلها إلى العقدة الثلاثية التوائم، حيث تقوم بتنشيط الأعصاب الحسية الوسيطة للألم.
خيارات علاجية جديدة:
أشارت الدراسة إلى أن بعض هذه البروتينات قد تكون أهدافًا لعلاجات جديدة للصداع النصفي.
كما يخطط الباحثون لفحص نفس العمليات لدى البشر أو نماذج حيوانية أكثر شبهاً بالإنسان، كما يهدفون إلى دراسة البروتينات الجديدة المحفزة للألم التي تم تحديدها، مما قد يُساهم في تطوير اختبارات تشخيصية وعلاجات جديدة للصداع النصفي وغيره من أمراض الصداع.