صرفت إحدى الشركات راتب شهرين لموظفيها، وليس هناك ما يدعو إلى الغرابة؛ ولكني تذكرت حينما استوقفني اسم الخليفة الثالث عثمان بن عفان «رضي الله عنه» مدرجا ضمن أسماء رجال أعمال معاصرين في لائحة المساهمين المؤسسين لهذه الشركة الوطنية الرائدة ولنا في ذلك عبرة ووقفة عند الامتداد التاريخي لثروة الخليفة الراشد وإسهامها في دفع عجلة التنمية الاقتصادية إلى هذا الزمن، ومشاركتها في التوظيف وإيجاد السكن والتماسها بجوانب حياتنا المعاصرة ما يؤكد ما جاء في الأثر «نعم المال الصالح في يد العبد الصالح» فخير ما يخلد الرجال أعمالهم ومشاريعهم الخيرية المستديمة التي يعم نفعها العباد والبلاد، وكم من رجل أعمال فاقت ثروته ثروة الخليفة ولكنه ذهب وذهبت معه تجارته أدراج الرياح.
«عثمان» الذي ساومه التجار ذات فاقة زمن على شراء قافلة تجارية قدمت له وكلما أعطوه سعرا قال لهم هناك من أعطاني أكثر، حتى ضاعفوا أرباحه وهو يرد كذلك، ثم تساءلوا: ما نعلم في المدينة تجارا غيرنا فمن الذي يزيد السعر؟
فرد عليهم: إنه الله الذي يعطي الحسنة بعشر أمثالها، ثم تصدق بما تحمله القافلة على فقراء مدينته.
والمواقف كثيرة ومؤثرة لا يتسع المقال لذكرها لهذا الصحابي الجليل الذي بقي بيننا بمآثره وإن رحل.
ولكن أين نحن اليوم من بعض رجال الأعمال الذين لا نريد منهم أن يتصدقوا علينا ولكن أن يتقوا الله في رفع الأسعار واحتكار الأراضي، ويعرفوا أن عليهم مسؤوليات اجتماعية ووطنية يجب أن يؤدوها وأن يستلهموا من سيرة عثمان بن عفان درسا حيا، ويستوعبوا أبعاده وآثاره، كما أن على الغرف التجارية دورا في إبراز النماذج المشرقة، ويجب عليها أن تدرسها في القاعات الوثيرة.
بقلم: هزاع بن نقاء
وهنا نقرأ سويًا: الحضارات لا تستمر من دون أخلاق