إذا كنت ماهراً في حل الألغاز، فعليك بالنظر إلى حل اللغز التالي، حتى يتسنى لك معرفة نوع التفكير لديك، هل تفكيرك بطيء أم سريع؛ فهيا نتعرف على اللغز.
يقول اللغز: إذا كان سعر مضرب وكرة تنس هو ١١٠ دراهم، وكانت تكلفة المضرب أكثر عن تكلفة الكرة ب ١٠٠ درهم، فما هو سعر الكرة؟
فإذا فرضت أن سعر الكرة ١٠ دراهم، فهذه الإجابة خاطئة، لأن سعر المضرب سيكون ١٠٠ +١٠= ١١٠ دراهم، لأن سعر المضرب أكثر من سعر الكرة ب ١٠٠ درهم، وبالتالي؛ فإن القيمة الكلية للمضرب والكرة هي ١١٠ + ١٠ = ١٢٠ وهذه القيمة تخالف ما ورد في اللغز.
فعليك أن تُجرب مرة أخرى، ولكن هذه المرة خُذ وقتك، واحسب الإجابة جيداً.
الإجابة الصحيحة هي: سعر الكرة ٥ دراهم، أي سعر المضرب ١٠٠ + ٥ = ١٠٥. والقيمة الكلية ١٠٥ + ٥ + ١١٠.
كتاب التفكير بسرعة وببطء
هذا اللغز في “كتاب التفكير بسرعة وببطء” من تأليف الكاتب دانيال كانمان، ويحدثنا الكتاب أن العقل يعد من أعظم النعم التي تميز الإنسان عن باقي الكائنات الحية الأخرى، فمن خلاله يستطيع الإنسان اتخاذ القرارات التي تحدد سير حياته.
ونظراً لأهمية هذا الموضوع؛ فقد أولاه علماء النفس أهمية قصوى للدراسة، والفهم، وكانت نتائج هذه الدراسات مذهلة؛ فقد تبين أن العقل يعمل بنظامي تفكير.
نظامي التفكير
النظام الأول يعمل بشكل تلقائي وسريع بدون وعي
وهو النظام الذي يُعطي البشر القدرة على تجاوز العديد من المخاطر، والتحديات التي تهدد بقائهم، فمثلاً؛ إذا كنت تعبر الشارع، وكان هناك سيارة مسرعة في اتجاهك فإنك بسرعة، وبدون تفكير ستبدأ بالركض إلى رصيف الجهة الأخرى لكي لا تصدمك السيارة، وفي هذه الحالة يكون نظام التفكير الأول هو الذي اتخذ هذا القرار.
النظام الثاني يعمل ببطء وبشكل غير تلقائي
وهو مسئول عن المواقف التي تحتاج إلى تفكير عميق، وتحليل ووعي، فمثلاً إذا سألك أحدهم عن الأرباح المالية المتوقعة عند إنشاء شركة برمجة تطبيقات؛ فإنك لن تستطيع إعطاءه الإجابة بشكل فوري، وذلك لأنك ستحتاج لدراسة وتحليل السوق، ومعرفة حجم الإيرادات والنفقات المتوقعة، وبالتالي؛ يعمل نظام التفكير الثاني لتحصل على هذه النتائج المرجوة.
ومن هنا فالعلاقة بين نظام التفكير الأول والثاني هي التي تُحدد سلوكنا، وطريقة اتخاذنا للقرارات.
يذكر الكتاب أنه عادة ما يوصف نظام التفكير الأول: بأنه تلقائي وسريع، وبالتالي؛ تزداد فرصة وقوع الأخطاء إذا تم استخدامه في غير محله.
أما نظام التفكير الثاني: فإنه يوصف بالكسل؛ حيث إنه لا يعمل إلا إذا دعت الحاجة القسوة، وذلك بسبب المجهود الذهني الكبير المصاحب له.
ولتوضيح المقصود تم طرح ذلك اللغز. فأنت إذا استخدمت النظام الأول للإجابة على اللغز، وهذا يؤدي إلى الإجابة الغير صحيحة.
تأثير الهالة
يمكن تفسيره بأنه إذا أعجبتك صفة معينة في شخص ما فإنك ستكون أكثر ميلاً إلى الإعجاب بصفات أخرى فيه لم ترها بعد؛ فمثلاً يرى الكثير من الناس أن المشاهير من أنجح البشر، وأكثرهم جاذبية، وذلك لأننا نقع تحت تأثير الهالة؛ حيث نميل للاعتقاد بأنهم أذكياء، أو كرماء، أو لطيفون بدون أن نعرفهم، ونُعاشرهم.
ففي “كتاب التفكير بسرعة وببطء” يُخبرنا الكاتب فيه بأن العقل عادة يقوم باتخاذ قرارات سريعة دون وجود معلومات كافية؛ وكنتيجة لذلك يقوم الشخص باتخاذ قرارات خاطئة.
ومن أكثر الأسباب التي تؤدي إلى هذه الأخطاء هو تأثير الهالة والانحياز التأكيدي.
الانحياز التأكيدي
الانحياز التأكيدي يعد أيضاً من أهم العوامل التي تؤدي إلى اتخاذ قرارات غير صحيحة؛ حيث إن الأشخاص الواقعين تحت تأثير هذا الانحياز يميلون للبحث عن، وتفسير، وتذكر المعلومات بطريقة تتوافق مع معتقداتهم، وافتراضاتهم، بينما لا يولون أي انتباه مماثل للمعلومات المناقضة لها، وبالتالي؛ تزداد فرصة اتخاذ قرارات خاطئة.
لذلك علينا أن لا نقوم باتخاذ أي قرار ونحن تحت تأثير الهالة، أو الانحياز التأكيدي لتجنب اتخاذ قرارات خاطئة.
وبالحديث عن القرارات الخاطئة هنالك أيضا ما يسمى بتأثير الارِتسَاء الذي يؤثر كذلك في عملية اتخاذ القرارات.
الارتساء
الارتساء يفسر باعتماد الشخص وبشكل كبير على أول معلومة تقدم له عندما يقوم باتخاذ قرار.
يذكر الكتاب أنه في إحدى التجارب تم تقسيم عينة من الناس إلى مجموعتين في المجموعة الأولى تمت صياغة سؤال الدراسة على النحو الآتي؛ هل ارتفاع أطول شجرة جوز الهند في العالم أكثر أو أقل من ١٢٠٠ قدم. يُرجى تخمين الإجابة.
أما بالنسبة إلى المجموعة الثانية فقد تم صياغة السؤال كالآتي؛ هل يعد ارتفاعه أطول شجرة جوز الهند في العالم أكثر أو أقل من ١٨٠ قدم. يُرجى تخمين الإجابة.
كانت نتيجة هذه الدراسة مذهلة، فقد كان متوسط إجابات المشاركين في المجموعة الأولى هو ٨٤٤، بينما كان متوسط إجابات المشاركين في المجموعة الثانية ٢٨٢ أي أن هناك اختلاف بين المجموعتين بمقدار يعادل ثلاثة أضعاف.
ويُتوقع أن تُستخدم هذه الفكرة بشكل كبير من قبل البائعين، وهذا ما يقومون به بالتحديد، فهم يستخدمون الارتساء لجذب الزبائن، وزيادة الأرباح.