نستطيع العيش من غير أن نلعب الألعاب الإلكترونية، ولن نموت إن لم نشاهد أفلام المغامرات، ولكننا لا نستطيع العيش بدون الماء ولذلك أول كتاب يلفت انتباهنا في مكتبة الكبار يتحدث عن الماء، فصورة الغلاف نقطة ماء… فهل سألت نفسك ما أهمية الماء؟ ولماذا تقول لك “ماما” دوما: لا تترك الصنبور مفتوحا؟ وفي المدرسة لماذا ينصحك المدرسون بعدم الإسراف في استخدام الماء؟.
“نعمة الماء” كتاب في غاية الأهمية، ويجب أن يكون في مكتبة كل بيت، فهو مرجع كامل عن المياه وأهميتها في ضوء القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة والعلم الحديث.
يبدأ الكتاب بمقدمة وافية لمعالي أ.د/ محمد مختار جمعة “وزير الأوقاف سابقًا”، بين فيها كيف أن ديننا الإسلامي يعلمنا الحفاظ على المياه وترشيد استخدامها، فعندما مر النبي على سيدنا سعد بن أبي وقاص (رضي الله عنه وهو يتوضأ، قال: “ما هذا الشرف يا سعد؟” قال سعد متسائلاً: وفي الوضوء إسراف؟ فقال: نعم، وإن كنت على نهر جار… قد دعانا القرآن الكريم إلى نبذ الإسراف في كل شيء، قال تعالى: ﴿وكلوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾ (الأعراف، الآية: 31).
ونعرف معلومات مفيدة عن احترام الفراعنة لنهر النيل، وكيف أن المصري القديم كان يحترم نهر النيل، ويحرص على ألا يلوث ماءه، وأنه كان يكتب وصاياه قبيل موته معلنا عدم تلويثه ماء النيل وكأنها جريمة كبرى يتبرأ منها، ثم عندما أكرم الله الأرض بنور الإسلام كان التأكيد على أهمية الحفاظ على المياه و ترشيد استخدامها.
ثم يختم المقدمة بالتأكيد على أهمية نعمة المياه وأثرها في بناء الحضارات، وضرورة الحفاظ عليها؛ لأن نقطة ماء يمكن أن تكون سببا في حياة إنسان، أو حيوان، أو طائر، أو نبات، وعندما نهدر نقطة ماء قد يعني ذلك إهدار حياة، كما أن كل نقطة ماء تساوي مالاً، وفقدها أو إهدارها يعني مالاً يذهب بلا فائدة.
والحفاظ على المياه نقية بلا تلوث يكون حفاظاً على ثروة مالية، وأن تلويثها يعني إهدارًا مائيا وماليا معا، لأن تنقيتها يحتاج إلى المال، وأثرها على الصحة خطير ويحتاج إلى المال للتغلب عليه.
ثم تبدأ فصول الكتاب تقدم لنا كل شيء عن الماء، وحديث القرآن الكريم عن دوره الهام في حياة كل الكائنات الحية، قال تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلِّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ﴾ (الأنبياء، الآية: 30).
وقد أثبت العلم الحديث استحالة الحياة على وجه الأرض من غير الماء، لأنه المكون الرئيس في تركيب جميع خلايا الكائنات الحية، ولذلك للماء أهميته الكبرى، وكان الحصول عليه سببا للصراع والتنافس بين الأمم والأفراد على مر التاريخ، ويشرح الكتاب كيف أن أعظم الحضارات قامت حول الأنهار مثل حضارة وادي النيل، وحضارة ما بين النهرين، وكما أشار القرآن الكريم إلى أهمية الماء ونهى عن الإسراف فيه، هناك جزء مهم يتعلق بالسنة النبوية الشريفة وكيف أعطت أهمية كبرى للماء، وبينت مسئولية الجميع في الحفاظ عليه وترشيد استهلاكه ونهت عن تلويثه، وشجعت الأفراد على المساهمة في توفير الماء للمحتاجين، مثلما فعل سيدنا عثمان بن عفان (رضي الله عنه) عندما اشترى بئر ماء بماله الخاص؛ وتبرع به للمسلمين في المدينة المنورة.
وفي الصفحات الأخيرة من كتاب “نعمة الماء” نجد ملحقا مفيدًا به معلومات هامة عن الموارد المائية لمصر وجهودها لتعويض مشكلة نقص المياه، ونصائح هامة عند استخدام المياه سواء في المنازل، أو المصانع، أو الزراعة وغيرها.