كتاب رحلة ابن بطوطة.. كنز الرحالة الشهير

كتاب رحلة ابن بطوطة.. كنز الرحالة الشهير

هل تحب الرحلات؟ هل زرت الأهرامات في الجيزة ومعبد الكرنك في الأقصر؟ هل تعلم أن مصر بها الكثير من الآثار يأتي إليها السياح من كل مكان؟ هل تمنيت يوما أن تزور كل بلدان العالم؟ كتاب “رحلة ابن بطوطة” يعرفنا على ابن بطوطة” وهو شاب مسلم سافر حول العالم قبل اختراع الطائرات مشيا على الأقدام، وعلى الجمال والسفن وزار مصر وذكرها في كتابه “تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار” الذي صدر في سلسلة التراث الحضاري” عن الهيئة المصرية العامة للكتاب.

الرحالة “محمد بن عبد الله اللواتي الطنجي” المشهور بابن بطوطة من أشهر الرحالة المسلمين، قام بثلاث رحلات زار خلالها معظم أجزاء العالم المعروف في زمانه على مدار تسع وعشرين سنة تقريبا، رصد فيها كل ما شاهد، وسجل الأحوال الاقتصادية والفكرية والدينية، وعادات الشعوب، وآثار الدول، ومنها ما يزال قائما، ومنها ما تهدم واختفى.

بدأ ابن بطوطة رحلته الأولى وهو في سن الثانية والعشرين من عمره، خرج من مدينته طنجة بغرض الحج مع مجموعة قليلة من المسافرين، وفي طريقه مر بمدن وبلدان وعبر صحاري ودولاً، منها: الجزائر وتونس وليبيا وكان ينال ثقة الناس بعلمه وأخلاقه، وعاش بينهم كأنه واحد منهم.

وصل “ابن بطوطة” الإسكندرية عام 1325م، وأعجب بها كثيرا، وقابل العديد من مشايخها وعلمائها وأوليائها، واستضافه الإمام العالم برهان الدين الأعرج” في بيته لمدة ثلاثة أيام، وهو الذي شجعه على السفر إلى الهند والصين، وقال له: “لابد لك إن شاء الله من زيارة أخي فريد الدين” بالهند، وأخي ركن الدين” بالسند وأخي “برهان الدين” بالصين، فإذا بلغتهم فأبلغهم مني السلام” . وبالفعل قام ابن بطوطة بهذه الرحلات وقابلهم جميعًا..

وواصل ابن بطوطة تنقلاته داخل مصر، وزار دمنهور، والمحلة الكبرى، ودمياط وغيرها، وفي كل مدينة أو قرية كان حريصًا على لقاء العلماء ومقابلة الصالحين والجلوس مع المشهود لهم بالأمانة ورجاحة العقل، وسماع قصص الزهد ومكارم الأخلاق.

واصل “ابن بطوطة” رحلته إلى القاهرة عن طريق النيل، يقول مادحًا مصر القاهرة: ” ثم وصلت إلى مدينة “مصر” هي أم البلاد، وقرارة فرعون ذي الأوتاد، ذات الأقاليم العريضة المتباهية بالحسن والنضارة، ومجمع الوارد والصادر، ومحط رحل الضعيف والقادر”، وذكر عدد السقائين الذين كانوا يجلبون المياه العذبة ويتنقلون بالجمال يبيعونها للناس في البيوت، وعدد المراكب في النيل، وبساتين الروضة المطلة على النيل، وحب الناس للمرح والطرب والسرور، ووصف مسجد عمرو بن العاص، وكثرة المدارس في مصر، وأنه لا يستطيع أحد معرفة عددها، وكذا مستشفى المنصور” قلاوون” وما به من مرافق وأدوية وتجهيزات عالية المستوى.

ويقول عن النيل: “نيل مصر، فهو يفضل أنهار الدنيا عذوبة مذاق والمدن والقرى بضفتيه منتظمة ليس في المعمور مثلها، ولا يعلم نهر يزرع عليه ما يزرع على النيل”.. وتأخذه الدهشة من الأهرامات ويصفها بأنها من العجائب.. ويصف كيف كان سلطان مصر الناصر محمد بن قلاوون مسئولاً عن الحجاج وطعامهم وشرابهم، وكيف كانت كسوة الكعبة تصنع في مصر وتخرج في حفل كبير في شهر رجب من كل عام متجهة إلى مكة المكرمة.. ويذكر أسماء العلماء الذين كانوا يأتون إلى مصر قبلة العلم والعلماء من كل مكان في ذلك الوقت.

ويغادر “ابن بطوطة” القاهرة متجها إلى الصعيد، ويصف مشاهداته وملاحظاته على المدن التي مر بها، وما تميزت به من صناعات أو ميزات فيذكر عن مدينة “منلوي” وهي الآن “ملوي”: “بها إحدى عشرة معصرة للسكر، ومن عاداتهم أنهم لا يمنعون فقيراً من دخول معصرة منها، فيأتي الفقير بالخبزة الحارة فيطرحها في القدر التي يطبخ فيها السكر، ثم يخرجها وقد امتلأت سكرًا فينصرف بها”، وغيرها من أمثلة عن “أسيوط” و”قنا” و “قوص”… فيقول: “بلاد الصعيد عامرة بالعلماء والصالحين، زاخرة بالمشروعات المختلفة والمصانع المتنوعة والزراعات المتعددة، مليئة بأسباب الحياة والاستقرار، مثلها مثل القاهرة وباقي مدن مصر في تلك الفترة المملوكية”.

سافر ابن بطوطة إلى بلاد الشام، فلسطين وسوريا ولبنان وتنقل بين مدنها، ثم وصل إلى بلاد الحجاز ليؤدي فريضة الحج، ووصف المدينة والمسجد النبوي ومكة المكرمة، والحج والحجيج، ثم خرج متوجها إلى العراق وغربي إيران واليمن وساحل أفريقيا الشرقي، وظفار، وعمان، وآسيا الصغرى، والأناضول، والقوقاز، والقسطنطينية، وواصل رحلاته حتى وصل الصين، ثم سلك طريق العودة عن طريق العراق فالشام ومصر.

وهناك الرحلة الثانية لابن بطوطة والتي زار فيها بلاد الأندلس عن طريق مضيق جبل طارق، وطاف بين مدنه ووصف جمال العمارة والحدائق والرحلة الثالثة والأخيرة كانت بعد عودته من بلاد الأندلس مرورا ببلاد المغرب، حيث اتجه إلى غرب أفريقيا، وإلى بلاد السودان العربي، ووصف الرحلة وما شاهده من عجائب، ومنها قرية في الصحراء كل بيوتها مبنية من حجارة الملح، وسقفها من جلود الجمال، ولا شجر فيها، يوجد فيها الملح تحت الرمال مثل الألواح الضخمة، يستخرجونه ويبيعونه في السودان مثل الذهب لأهميته.

وزار ابن بطوطة “مالي” و”تمبكتو” و “شاطئ النيجر”.. وغيرها، وحكى عن نشاط السكان في استخراج النحاس ومقايضته بما يحتاجون من سلع متنوعة.. ثم عاد إلى بلده المغرب في النهاية.

أضف تعليق

error: