القرآن الكريم كتاب نور وهداية ورحمة، يتدفق الجمال من جميع جوانبه فهل سألت نفسك يوما ما سر هذا الجمال الذي نشعر به عند قراءة القرآن؟ نجد الإجابة الوافية في كتاب “الكمال والجمال في القرآن الكريم، يتحدث الكتاب عن بعض وجوه الكمال والجمال المعنوي في القرآن الكريم من خلال حديثه عن الصبر الجميل، والصفح الجميل، والهجر الجميل، والسعي الجميل، والعطاء الجميل والكلمة الجميلة، والتحية الجميلة، وأخلاق نبينا ﷺ الجميلة.
يبدأ الكتاب بالحديث عن فضل القرآن ومنزلة أهله، وهم أهل الله وخاصته فمن كرم الله عز وجل أنه جعل القرآن شفيعا لأصحابه يوم القيامة، يقول نبينا محمد ﷺ: “الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة، يَقُولُ الصِّيَامُ أَي رَبِّ منعته الطعام والشهوات بالنهار، فشفعني فيه، ويقول القُرْآنَ مَتَعَتَهُ النَّوْمَ بِاللَّيْلِ فشفعني فيه، قال: فيشفعان”.
ونقرأ عن الصحابة الذين نالوا مكانة عظيمة يحفظهم لكتاب الله قال نبينا ﷺ: “خذوا القرآن من أربعة من عبد الله بن مسعود، وسالم، ومعاذ بن جبل، وأبي بن كعب”، وعن جزاء الآباء والأمهات الحريصين على تعليم أولادهم القرآن الكريم يقول ﷺ: “مَنْ قَرَأ الْقُرْآنَ وَعَمِلَ بما فيه، ألبس والداه تاجا يوم القيامة، ضوؤه أحسن من ضوء الشمس في بيوت الدنيا لو كانت فيه، فما ظنكم بالذي عمل به؟ ثم نجد أمامنا كنزا من الأحاديث النبوية عن فضائل القرآن الكريم والمنزلة العالية لأصحابه، ومنها قال: “مثل الذي يقرأ القرآن وهو حافظ له مع السفرة الكرام البررة، ومثل الذي يقرأ وهو يتعاهده وهو عليه شديد فله أجران”.
نعرف أيضًا أن من سور القرآن الكريم ما يرتبط بالزمن، فهناك ست سور بأسماء أوقات أزمنة، سورة الجمعة: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ – فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ (الجمعة، الآية: 9-10).
وترشدنا الآيات إلى ضرورة التوازن بين عمل الدنيا وعمل الآخرة، وسورة الفجر وما تضمنته من دعوة للتأمل العميق في أحوال الأمم السابقة من عاد وثمود وفرعون، وأيضًا سور الليل والضحى والقدر، والعصر؛ وهذا يشير إلى أهمية الزمن، وضرورة استغلاله فيما ينفع الإنسان، يقول نبينا ﷺ: “لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع خصال، عن عمره فيما أفناه؟ وعن شبابه فيما أَبْلَاهُ؟ وَعَنْ ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه؟ وعن علمه ماذا عمل فيه؟”.
وكما أن لدينا ست سور بأسماء أوقات وأزمنة نجد في مقابلها ست سور تشير إلى المكان تأكيدًا على أهمية الجغرافيا، وهي سورة الحجر والكهف، والأحقاف، والحجرات والطور والبلد كذلك يلفت القرآن الكريم الأنظار إلى الطبيعة والظواهر الكونية الشمس والقمر والنجم والرعد والتكوير والانفطار، والزلزلة والبروج والطارق، والفلق، كل هذا يجيء بحكمة نتعلم منها وتتدبر ما تشير إليه.
ويتحدث الكتاب أيضًا عن الجمال المعنوي في القرآن الكريم، فقد تحدث عن “الصبر الجميل” وهو الصبر الذي لا شكوى فيه، وهو الذي يوفى فيه الصابرون أجرهم بغير حساب، وتحدث عن “الصفح الجميل” أي: العفو الجميل، مثلما فعل حبيبنا النبي ﷺ عند فتح مكة وعفوه عن جميع من آذوه وأخرجوه من وطنه.
ويتحدث الكتاب عن الخلق الجميل لنبينا ﷺ كي نقتدي به في أقوالنا وأفعالنا مع جميع الناس، ويخبرنا الكتاب بأن القرآن الكريم جعل “الكلمة الطيبة” من صفات المؤمنين، فالطيب لا يقول إلا طيبا، وكان الصحابة رضوان الله عليهم يتخيرون الكلمات الطيبة، فعندما مر سيدنا عمر بن الخطاب على قوم يوقدون النار بالليل قال لهم: السلام عليكم يا أهل الضوء” ولم يقل: “يا أهل النار”، وفي الكتاب نجد المزيد من الحديث عن الجمال في القرآن الكريم.