عندما كنت في المرحلة المتوسطة، كان يعمل لدى عائلتنا نهارا سائق سعودي من إحدى مناطق المملكة، في تلك الفترة من الزمن كان عمر السائق يعادل ضعف عمري وكان مسؤولا في تلك الفترة عن عائلة كبيرة، فهو زوج لسيدتين وأب لخمسة أو ستة أطفال، إضافة إلى أنه كان يدرس في الصف الأول الثانوي بإحدى المدارس الليلية.
بعد عامين أو ثلاثة من العمل لدينا انتقل السائق للعمل في منطقة أخرى نظرا لظروفه العائلية، ومضت السنوات بلمحة عين ليفاجأ والدي بزيارته اللطيفة له قبل أيام ليبشره بأنه سينهي رسالة الماجستير في إدارة الأعمال قريبا، بإذن الله!
قصة النجاح هذه لم يساعده فيها أحد، فالسائق الذي حصل على الثانوية العامة بالثلاثين من عمره وحصل على البكالوريوس عن طريق الانتساب لجامعة الملك عبدالعزيز في الرابعة والثلاثين والذي سينهي رسالة الماجستير قريبا حقق كل ما حققه بناء على مجهوده المتواصل وسعيه خلف العلم لسنوات طويلة، لكن الظروف ورغم صعوبتها إلا أنها لم تقف عائقا أمامه لتحسين صورة مستقبله ومستقبل أطفاله.
وهو ما يواجهه الكثير من خريجي الثانوية العامة حاليا، فرغم الأمر الملكي المتضمن قبول جميع الخريجين في الجامعات السعودية لهذا العام ورغم استمرار برنامج الملك عبدالله للابتعاث، إلا أن هناك الكثير من المعوقات تجاه بعض الخريجين القدامى من الثانوية العامة، فقبل تسع أو عشر سنوات لم يكن هناك امتحانات قياس أو قدرات لطلبة وطالبات الثانوية وهو ما تشترطه الجامعات حاليا للقبول فيها حتى للدراسة عن طريق الانتساب أو عن طريق التعلم عن بعد وبالتالي فإن من تخرج قبل تسع سنوات أو أكثر لن يكون قادرا على أن يكمل دراسته الجامعية لا بداخل المملكة ولا حتى خارجها! هذا العائق الكبير والضخم يقف أمام مستقبل عشرات الآلاف من فتيات وشباب الوطن لإكمال شهاداتهم الجامعية والحصول على شهادات عليا متقدمة، فالرغبة موجودة والعزيمة كذلك والسعي متواصل لكن شرط الحصول على امتحان القياس والقدرات يقف حائلا دون الوصول لمستقبل أكثر نجاحا!
لماذا يدفع الكثير من خريجي الثانوية الذين تخرجوا قبل تسع سنوات وأكثر ثمن تغيير وزارة التربية والتعليم سياستهم في القبول وإقرارهم لنظام القياس والقدرات كشرط للقبول حتى للدفعات التي سبقت إقرار هذا النظام؟!
لابد أن تجد الوزارة حلا لمعضلة كهذه من أجل مجتمع يكافح لأن يتعلم ومن أجل قصص النجاح المعلقة!
بقلم: أثير النشمي
وإليك بعض مقترحاتي لك:
- مقال مُقترَح #1: رقصة الروك والتاريخ العربي
- مقال مُقترَح #2: تويتر.. أكبر طاولة اجتماع