ما رأيكم أن نقرأ سورة الكهف، ونقص عليكم قصة موسى –عليه السلام– مع الخضر.
قال ﷻ ﴿وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا | فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا | فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِن سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا | قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنسَانِيهُ إِلاَّ الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا | قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا﴾.
معنى مجمع البحرين: مكان اجتماعهما والتقائهما.
تفسير الآيات:
قال موسى –عليه السلام– لفتاه يوشع بن نون: إنه لا يزال سائراً حتى يصل إلى ملتقى البحرين.
وعندما وصل موسى –عليه السلام– وفتاه البحرين نسيا حوتهما ونزلا عند صخرة ونام موسى –عليه السلام– فاضطرب الحوت، وسقط الحوت في البحر.
وقال يوشع: إنه نسي أن يُخبر موسى –عليه السلام– بأمر الحوت وقصته، وقال موسى –عليه السلام– لفتاه: إن فقد الحوت علامة على وجود الرجل الذي نريده.
﴿فَوَجَدَا عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا | قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا | قَالَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا | وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا | قَالَ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ صَابِرًا وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا | قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلا تَسْأَلْنِي عَن شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا﴾.
وبعد أن التقى موسى بالخضر قال الخضر لموسى –عليه السلام–: أني بأرضك السلام؟ فقال موسى –عليه السلام–: أنا موسى.
وقال الخضر: موسى بني إسرائيل؟
قال موسى –عليه السلام–: نعم.
وقال موسى –عليه السلام– للخضر هل تسمح لي بأن أصحبك على أن تعلمني مما علمت؟
فقال له الخضر: إنك لا تقدر على مصاحبتي، لِما ستراه مني من أمور ستُنكرها علي، وذلك أني على علم علمنيه الله لا تعلمه كما أنك على علم علمكه الله لا أعلمه.
فقال موسى –عليه السلام– للخضر: ستجدني إن شاء الله صابرًا.
﴿فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا | قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا | قَالَ لا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا﴾.
وذهبا على ساحل البحر، وركب السفينة وخرق الخضر السفينة فقال له موسى –عليه السلام–: أخرقتها لتغرق أهلها؟ فقال له الخضر: ألم أقل لك إنك لن تستطيع معي صبراً؟
فقال موسى –عليه السلام–: لا تؤاخذني بما نسيت.
وأخيراً تعرفنا على قصة موسى –عليه السلام– مع الخضر، وذلك من خلال تفسير سورة الكهف، كما وضحنا بعض معاني الكلمات.
قال ﷻ ﴿فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلامًا فَقَتَلَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَّقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُّكْرًا | قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِي صَبْرًا | قَالَ إِن سَأَلْتُكَ عَن شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِن لَّدُنِّي عُذْرًا | فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَن يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنقَضَّ فَأَقَامَهُ قَالَ لَوْ شِئْتَ لاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا﴾.
انطلق موسى –عليه السلام– والخضر حتى إذا لقيا غلامًا يلعب فقتله الخضر، وقال له موسى –عليه السلام–: لماذا قتلت نفساً؟ فقال له الخضر: ألم أقل لك إنك لن تستطيع معي صبرًا؟ فقال له موسى –عليه السلام–: إن اعترضت عليك بشيء بعد هذه المرة فلا تتركني أصحبك.
وانطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية سألاهم الطعام فلم يطعموهما.
فوجد جدارًا يريد ان ينقض: أي ﴿مائلاً﴾، فقام الخضر فأقامه: أي ﴿فرده﴾ بيده، فقال موسى للخضر: لماذا قمت بإقامة الجدار؟ ﴿قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِع عَّلَيْهِ صَبْرًا | أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءهُم مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا﴾.
ماذا قال الخضر لموسى في هذه الآيات؟
قال: أما السفينة فكانت لمساكين يأجرونها وينتفعون بأجرتها فأردت أن أجعلها ذات عيبٍ؛ لأن أمامهم ملك ظالم يأخذ كل سفينة صالحة غصبا.
قال ﷻ ﴿وَأَمَّا الْغُلامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا | فَأَرَدْنَا أَن يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِّنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا﴾.
وأما الغلام فقد كان كافراً فخشينا أن يحملهما حبه على أن يتبعاه في دينه.
قال ﷻ ﴿وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِع عَّلَيْهِ صَبْرًا﴾.
وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في القرية، وكان تحته مالٌ مدفون، وكان أبوهما صالحًا فأراد ربك أن يبلغ قوتهما ويستخرج المكنوز، ولو سقط الجدار لظهر الكنز وأخذه أهل القرية اللئام.
وأن جميع ما فعلته ليس من تلقاء نفسي وإنما فعلته بأمر الله وإلهامه.
فوائد الآيات
- النسيان من طبيعة الإنسان.
- لا ينبغي لأحد أن يترك طلب العلم.
- من طبيعة الإنسان عدم الصبر على الأمور المخالفة التي لا يعلمها.
- من آداب طلب العلم عدم الاستعجال.
- عدم سؤال العالم عما يفعله من الأمور التي قد تُستنكر حتى يتبين له وجه ذلك.