أحمد وعلي جاران يسكنان العمارة نفسها، ويذهبان كل يوم إلى المدرسة نفسها، وهما صديقان عزيزان.
يتبادل أحمد وعلي ملابسهما الجديدة أحيانًا؛ فإذا جاء قميص أحمد مناسبًا أكثر لعلي يأخذه علي، ويعطي أحمد حقيبته الجديدة بدلا عنه، وكل يوم في المدرسة يحضر أحدهما إفطارًا يكفيهما معا.
والد أحمد واجهته ضائقة مالية نتيجة لانتشار وباء (الكورونا) وتقليل ساعات العمل، علي يعرف من والديه أن أحمد وأسرته يواجهون ضائقة مالية، ويُفكر علي في مساعدة صديقه فينزل كل يوم إلى الدور الثالث حيث يقيم أحمد ليطمئن عليه، وكانت أبواب المنزل القديم بها شراعة للتهوية، يرى علي من خلالها أحمد، ويتحدثان عن بعد التزاما بالإجراءات الاحترازية خوفًا من انتشار الوباء، ويمنيان النفس بأنهما سيلتقيان قريبًا، وسيعود كل منهما بصحبة الآخر.
في كل يوم وبعد أن يصعد علي إلى شقته، يجد أحمد كيسًا جميلا معلقًا على باب شقته، وعندما يفتحه يجد به حلوى ومكسرات وتمرا وفاكهة طازجة وبعض المخبوزات، فيفرح أحمد بما يجد ويتساءل: يا تُرى من يعرف كل الطعام الذي أحبه ويحضره إلي؟!
تمر الأيام، وكيس جديد يُعلق كل يوم على باب شقة أحمد، وبه الأطعمة نفسها التي يحبها.
وفي يوم من الأيام يمرض علي وترتفع حرارته، ولا يستطيع النزول لزيارة أحمد كالمعتاد؛ ولذا يرجو من أبيه أن يفعل ذلك نيابة عنه حتى يستعيد عافيته، فيضع أبوه الكيس على باب شقة أحمد كما اعتاد هو أن يفعل، وإلا سيكتشف أحمد أنه الفاعل، وسيكون في حرج منه، فرح أبوه وهو يخبره أنه يشتري الطعام والحلوى من مصروفه ويضعها أمام شقة صديقه كل يوم من أجل مساعدته.
يوافق الأب على إكمال المهمة، ويسأل ابنه عليا: لماذا تقدم لصديقك تلك الأشياء تحديدًا؟
يقول علي: أنا أحب هذا الطعام جدا، وأحمد يحبه أيضًا، وقد سمعت الآية التي يخبرنا فيها الله ﷻ بأننا لن ندرك الجنة حتى نتصدق بما نحب، وإن أي شيء نتصدق به مهما كان قليلا أو كثيرًا فإن الله به عليم، وسيجازي كل منفق بحسب عمله، قال تعالى: ﴿لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ﴾.
قبَّل الأب ولده ودعا له بطول العمر وحسن الخلق والنجاح في جميع مقاصده، ونزل إلى منزل صديقه أحمد ليحقق لولده ما طلبه منه.