ما أجمَل أن نقرأ -بشكل دوري- قصصًا هادفة ومفيدة وتحث على أعمال الخير ومكارِم الأخلاق كهذه. وهنا لكُم قصة قصيرة عن فضل الصدقة؛ وأثرها في دفع البلاء وزيادة الرزق والبركة.
قصة قصيرة عن فضل الصدقة
رجل أعمال ثري. ورغم أمواله وأملاكه كان لا يتصدق على فقير؛ عكس زوجته وأبنائه. حيث كانوا يتصدقون ويعطفون على الفقراء والمحتاجين دون أن يعلم الأب.
ولكن ابنته الكبرى -والتي تعمل سكرتيرة له- صارحته ببخله وخطأه. وحذرته بالعاقبة في الدنيا والآخرة إن لم يشعر بالفقراء. وذكرته بحديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الذي ورد في صحيح البخاري «ما من يوم يصبح العباد فيه، إلا ملكان ينزلان، فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقا خلفا، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكا تلفا».
فاستمع إليها واكتفى بالصمت.
وفي إحدى ليالي الشتاء الباردة. أعطت الابنة أمرا لمحاسب شركة والدها بشراء عدد من البطاطين والملابس الشتوية لتوزيعها على أسر فقيرة تعرفها. وأيضا تخصيص مبلغ مالي لإعطائه بعض المحتاجين.
وقبل تنفيذ فوجئت بوالدها يرفض مطالبها متعللا بالخسارات المتكررة في الوقت الأخير، وتعرضه لأزمات مالية كثيرة.
فغضبت الابنة وحزنت.
وفي طريقها إلى البيت مع أبيها داخل سيارته انفجرت بالبكاء. وقالت لأبيها: يا أبي، أنا أرافقك في البيت والعمل؛ وربما في كل مكان، وأشعر دائما بما أنت فيه من هم وقلق ومرض وخوف من المنافسين، وشك في الأصدقاء، وحزن بسبب صفقات كنت تتوقع لها الربح. أنت لا تهدأ ولا تشعر بسعادة أبدا، ولك أكثر من طبيب، وتعيش بالمهدئات والأدوية. كل هذا يا أبا بسبب ابتعادك عن الله وتحايلك على أوامره. وعدم إخراج زكاة أموالك وأرباحك من قبل. انظر إليّ وإلى أمي وإخوتي، دائما في سعادة، وليس لنا هم إلا أنت. عد إلى الله، واهتم بالصلاة والزكاة، وفوض الأمر كله لله، وسيبعد عنك قدرته كل الوساوس وكل شر.
استمع الأب لابنته ولم ينطق بكلمة. ولاحظت الابنة تساقط الدموع من عينيه. فشعرت بأنها قست عليه.
وعند وصولهما للبيت فوجئت الابنة بوالدها يعتذر لها ويعدها بأنه سيتصدق ويهتم بكل محتاج.
ثم ذهب وتوضأ وصلى. وقضى الليل يستغفر ويدعو الله أن يعفو عنه.
وفي الصباح نادى على ابنته. وقال لها في سعادة: لقد قرأت اليوم حديثًا للنبي -صلى الله عليه وسلم- سأعمل به دائما. «إن أردت أن يلين قلبك، فأطعم المسكين، وامسح برأس اليتيم».
ثم ذهب الأب إلى أكثر من أرملة وتكفَّل بالإنفاق على أبنائهن.
وبعد أشهر قليلة وجد ماله يتزايد، وعوَّض كل الخسائر الماضية؛ كما شفاه الله من الأمراض التي إصابته وأزاح عنه همومه وأحزانه وقلقه المستمر.
﴿وَلاَ تَشْتَرُواْ بِعَهْدِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلاً إِنَّمَا عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ | مَا عِندَكُمْ يَنفَدُ وَمَا عِندَ اللَّهِ بَاقٍ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُواْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ | مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ﴾.