قصة السيدة خولة بن ثعلبة مع زوجها

قصة السيدة خولة بن ثعلبة مع زوجها

هي السيدة خولة بنت مالك بن ثعلبة زوجة الصحابي أوس بن الصامت (رضي الله عنهما)، التي كانت لها قصة مع زوجها كانت سببًا في نزول سورة من سور القرآن الكريم هي سورة المجادلة.

ذات ليلة غضب أوس بن الصامت من زوجته خولة؛ ودب بينهما خلاف، فقال لها: “أنت عليّ كظهر أمي”، وهذا القول كان في الجاهلية يعد نوعا من أنواع التحريم والطلاق من الزوج لزوجته، أي أنها تصير محرمة عليه مثل أمه. وجدت خولة (رضي الله عنها) نفسها محرمة على زوجها، ولا تدري ماذا تفعل ولها منه أطفال تخاف إن طلقها وانفصلت عنه أن يضيعوا ولا يجدوا من يعولهم وينفق عليهم، وهو يريد أن يعود إليها وهي تخشى أن تكون بذلك قد طلقت منه!!

أدركت خولة (رضي الله عنها) أن الحل عند النبي ﷺ فذهبت إليه، وكانت السيدة عائشة (رضي الله عنها) زوجة النبي ﷺ في الغرفة لا يفصلها عن مجلس الرسول ﷺ وخولة حاجز، لكنها رغم ذلك لم تسمع من حديثهما شيئًا لانخفاض صوتهما، وقد سمع الله قولها وحوارها مع النبي ﷺ.

روت السيدة خولة (رضي الله عنها) للنبي ﷺ ما حدث، وحكت ما دار بينهما وما تلفظ به زوجها، ففي الحديث أنها نَازَعَتْهُ فِي بَعْضِ الشَّيْءِ فَقَالَ: “أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي، وَكَانَ لَهُ عَيْلٌ أَوْ عَيْلَانِ، فَلَمَّا سَمِعَتْهُ يَقُولُ مَا قَالَ احْتَمَلَتْ صِبْيَانَهَا فَانْطَلَقَتْ تَسْعَى إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ فَقَالَتْ : ” يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ زَوْجِي فَقِيرٌ ضَرِيرُ الْبَصَرِ، وَإِنِّي نَازَعْتُهُ فِي شَيْءٍ فَقَالَ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَرَفَعَ النَّبِيُّ ﷺ رَأْسَهُ فَقَالَ: “مَا أَعْلَمُ إِلَّا قَدْ حُرِّمْتِ عَلَيْهِ”.

أخذت خولة (رضي الله عنها) تعيد الكلام وتبين الرسول الله ﷺ ما قد يصيبها وأبناءها إذا افترقت عن زوجها، فقالت: لو تركتهم له ضاعوا لعدم وجود أم تربي وترعى ولو تركهم لي جاعوا لعدم وجود من ينفق عليهم، وفي كل مرة يقول لها رسول الله ﷺ “ما أَعْلَمُ إِلَّا قَدْ حُرِّمْتِ عَلَيْهِ”.

اتجهت السيدة خولة (رضي الله عنها) بالدعاء إلى الله ﷻ أن يفرج كربها، وبالفعل ما كادت تفرغ من دعائها حتى نزل الوحي على رسول الله ﷺ، فقال لها: “يَا خُوَيْلَةُ، قَدْ أَنْزَلَ اللهُ فِيكِ وَفِي صَاحِبِكِ”.. ثم قرأ عليها قوله تعالى: ﴿قَدْ سَمِعَ الله قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللهِ وَالله يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنكُم مِّن نِّسَائِهِم مَّا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنكَرًا مِّنَ الْقَوْلِ وَزُورًا وَإِنَّ الله لَعَفُوٌّ غَفُورٌ﴾.

وبيّن النبي ﷺ للسيدة خولة حل مشكلتها من خلال هاتين الآيتين، قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسًا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسًا فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهَ وَرُسُلِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾، ومعنى الآيتين: أنه يمكنه أن يعود إليها لكن بعد أن يُكفر عن هذا الظهار بأن يفعل أحد الأمور التي بينتها الآيات: إما أن يعتق رقبة، أي: يشتري عبدًا ويقوم بتحريره كفارة عن ظهاره، فإذا لم يجد يصوم شهرين متتابعين، فإذا لم يستطع الصيام أطعم ستين مسكينا.

فقالت السيدة خولة لرسول الله ﷺ: إن زوجها فقير لا يستطيع أن يحرر عبدًا، كما أنه شيخ كبير لا يقوى على الصيام، ولا يملك ما يطعم به ستين مسكينًا!! ولكني سأعينه بعرق من تمر، أي: وعاء كبير مملوء بالتمر، فقال لها النبي ﷺ: “قد أحسنت.. اذهبي فأطعمي بها عنه ستين مسكينا وارجعي إليه”، فذهبت وأطعمت التمر لستين مسكينا وعادت إليه فكانت السيدة خولة بنت ثعلبة (رضي الله عنها) مثالاً للزوجة التي تحرص على استمرار حياتها الزوجية والحفاظ على أولادها وأسرتها من الضياع.

أضف تعليق

error: