«ممدوح» يسأل: تكمن مشكلتي في أني تعرفت في عملي على فتاة أصغر مني، تعمل في نفس الشركة التي أعمل فيها، وهي من بلد مختلفة عن بلدي، وأعجبت بها، وأبديت بها اهتماما خاصا، وهي تعلم ذلك، وأحسست أنها تبادلني الإعجاب فطلبت منها ذات مرة أن أكلمها في التليفون بموضوع خاص فرفضت فصدمت.
وسألتها عن السبب فقالت إنها لا تهتم بي، فاعتبرتها زميلة عادية، لكنها بعد هذه القصة لا زالت ترتبك كلما رأيتها، وتكلمني بطريقة غير التي تكلم بها الناس، أي أنها تكلمني بدون كلفة، وبكل حرية.. فماذا يعني ذلك؟ هل أرجع وأكلمها بالموضوع؟ أم أن كرامتي فوق كل شيء؟ ولماذا أحس أن عندها شيئا تجاهي في حين أنها قالت العكس؟
أجيبوني عن هذه الأسئلة جزاكم الله خيرا.
الإجابـة
صديقي السائل.. تمنيت لو فصلت في حديثك أكثر، حتى أُقلب الأمر معك بحرية، لكني سأعتمد على كلماتك القليلة، وأرجع إليها محاولا تفسيرها، وقراءة ما بين سطورها.
وأقول لك في البداية يبدو أننا نحتاج إلى بعض الوقت في كل مرة نخطو فيها إلى الآخرين، وبخاصة إذا كنا نود منهم أن يفسحوا لنا في قلوبهم مكان؛ وذلك لأن قناعة المرء العقلية والقلبية بالآخرين لا تتم بمجرد الطرق على هذه الأبواب فتفتح طواعية.
فمن يتعامل معنا لا سيما وإن كان من الجنس الآخر يحتاج إلى الاطمئنان لنا قبل أن يركن إلينا، ويأنس بنا، يحتاج دائمًا إلى الإحساس بأن خطوته القادمة التي سيضعها في طريق علاقته معنا تركن إلى أرض صلبة.
وأعتقد أن التوفيق لم يحالفك فطلبت أول ما طلبت منها أن تتحدث معك في الهاتف، وقد يبدو هذا الطلب مستغربا على فتاة قد تكون رغم ارتباطها معك في عمل واحد إلا أنها كما ذكرت من بلد آخر، وأصغر منك.
ولذا أقول لك: لقد كنت في حاجة إلى بعض الوقت حتى تصبح خطواتك القادمة أكثر توفيقا معها، ووفق هذه المعطيات نقول: من حق فتاتك أن ترفض مثل هذا الأسلوب الذي بدأت معها به؛ لا سيما وإن كانت ثقافتها تصور لها أن هذا الأمر خروج عن المألوف والمعروف، أو كانت تريد أن تزيد قناعتك أنها ليست الفتاة التي تتخيلها سهلة وبسيطة، وتتجاوب مع كل يد تقدم إليها.
ويبدو طبيعيًّا أن تبرر رفضها بأنك لست محل اهتمامها، نعم أنا معك قد يكون التعبير قاسيا على رجل يسمع من امرأة هذه الكلمات، لكني أدعوك أن تقف مكانها.. وتخيل الرد المناسب الذي كنت ستقوله لها.
إن كل كلمة ستقولها في هذا الموقف، ستكون في غير صالحها، هل كنت تطلب أن تقول لك إنني لست هذه الفتاة التي تتحدث إلى إنسان في التليفون، وإنك أخطأت العنوان، علما بأنها إذا قالت ذلك فإنها كانت ستجرح كرامتك أكثر.
هل كنت تود من الحياء ألا يعقد لسانها فتقول لك إن كنت صادقا في القرب مني فهاك الباب الصحيح الذي تطرق عليه، لقد فاجأتها بطلبك، وفاجأتك هي الأخرى بعدم إدارتها للموقف بالشكل الذي كنت تتمنى.
والدليل على أنها لم ترفضك، بقدر رفضها لأسلوبك أنها عادت تتزين بحياء الأنثى، وتقدم لك نفسها بطريق آخر، وتوحي إليك من طرف خفي أنك لست محل اعتراض، وأنها تثق فيك، وتتعامل معك بحرية، وتتحدث معك بدون تكلف.
أخي العزيز.. الوقت حاكم في موضوعك، فلا تتعجل نضجَ ثمارك، وقدم أوراق اعتمادك إليها بشكل يتناسب مع حياء الأنثى. ابنِ في عقلها احترامك، وفي قلبها الأنس بك حتى إذا ما اطمأنت لذلك، فصارحها في كلمات واضحة، بأنك تود أن تأنس بها بقية العمر كزوجة لك، وإنك تتشرف بأن يرتبط اسمك باسمها، وساعتها سيكون الطلب واضحًا لا يستدعي أي تخمين.
وسيكون الرد واضحًا وصريحًا وعميقًا بعمق بوضوحك، ولن يخدش هذا الطلب حياءك وكرامتك، وإذا لم توافق فليس معنى ذلك أنها لا تقدرك، ولكن لكل إنسان في الحياة تصور يبنيه في عقله لشريك العمر.
وإذا حدث ما نتمناه وصارحتك هي الأخرى برغبتها في الاقتراب منك، وأن هذا كان رأيها من البداية، ولكنك لم تفسح لها الطريق الصحيح، فساعتها لن تعطي لك تليفونها فحسب، ولكن ستعطى لك سمعها وقلبها لتكملا معا رحلة الحياة.
⇐ هذه أيضًا بعض الاستشارات السابقة:
- ↵ قصة حب جامعية من طرف واحد: رحلة البحث عن الحبيبة المفقودة
- ↵ الخاطبة الإلكترونية.. بين التسلية والنفاق الاجتماعي
- ↵ في حيرة.. هل أخبر زوجتي الأولى بزواجي الثاني؟
⇐ أجابها: أ. محمد عبد الجواد