في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- تزوجت امرأة مسلمة تسمى تميمة بنت وهب، من صحابي جليل اسمه: رفاعة. وقد أعطاها حديقة مهرا لها. وكانت تحيا حياة سعيدة مع زوجها رفاعة. وكان هو يعاملها أحسن معاملة كما أمر الإسلام.
ولكنها ذات يوم رأته مقبلا مع مجموعة من الرجال. وإذا هو أقبحهم منظرا. فلم تقنع بما قسمه الله لها من زوجٍ حسن الخلق والمعاملة. وحدثتها نفسها.. لماذا أصبر على هذا الزوج القبيح! وتضيع حياتي معه!
فذهبت إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مع زوجها، وقالت: يا رسول الله والله إني لا أعيب على زوجي في خلق ولا دين. فهو نعم الناس بأخلاقه ودينه. لكني لا أتحمل البقاء معه. ولا أريد أن أستمر معه. فأنا أكرهه كما أكره الكفر.
فقال لها رسول الله: أتردين عليه حديقته؟ فقالت تميمة: أرد عليه حديقته.
فقال رسول الله لزوجها: «إن المرأة لا تريدك. فخذ الحديقة وطلقها». فطلقها رفاعة.
وبعد أن أكملت عدتها تزينت. حيث كانت تريد رجلا آخر ليتزوجها. وبالفعل تزوجها عبد الرحمن بن الزبير، وكان جميل الوجه. ولكنها لم تجد منه ما كانت تجد من زوجها الأول.
ودارت مقارنة بداخلها بين عبد الرحمن بن الزبير وزوجها الأول رفاعة؛ في أشياء كثيرة. ومن بينها متعة الفراش.
فكانت تذمه وتقول له: أنت لست رجلا مثل الرجال.
فكان يضربها. لأن الرجل لا يقبل أن تذمه زوجته بمثل تلك الأقوال.
لذلك ذهبت إلى السيدة عائشة -رضي الله عنها- تشتكي من الزوج الجديد. وقالت لها: إن زوجي يعاملني معاملة سيئة. وقد اغتررت بجمال صورته، إلا أنه يضربني.
وكانت تميمة تلبس خمارا أخضر اللون. وقالت للسيدة عائشة -رضي الله عنها-: انظري إلى يدي. فلما نظرت السيدة عائشة إلى يدها إذا بها آثار ضربات لونها أخضر.
وعندما رجع النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى البيت، كانت تميمة تجلس على جنب. فسأل رسول الله السيدة عائشة: «من هذه يا عائشة؟» فأخبرته السيدة عائشة باسمها وقصتها. ثم قالت وقد جاءتني تشتكي أن زوجها يضربها. والله يا رسول الله لا أدري؛ أذراعها أشد خضرة أم خمارها، من شدة الضرب.
فطلب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إحضار زوجها. فحضر الزوج ومعه ولدان من زوجة غيرها.
فلما أقبل؛ زمَّت الزوجة رجولته. فدافع الرجل عن نفسه وقال: كذبت. إني لأنفضها نفض الأديم؛ لكنها ناشز؛ تريد رفاعة، وأنا عندي زوجة قبلها.
فقال له رسول الله «هل هؤلاء أولادك؟» فقال: نعم يا رسول الله. فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «إن لديه أولاد وهو قادر» ثم قال لها: «أتريدين إن ترجعي إلى رفاعة؟» ثم أكمل قائلا «لا والله. أنتِ اشتقتِ إلى زوجك الأول. فإن كان ذلك، لم تحلي له حتى يذوق من عسيلتك». أي: يجب أن تستمر حياتك مع زوجك الحالي.
فيجب على الزوجة أن ترضى بنصيبها الذي قسمه الله لها. ولا تكون ناشزا بسبب وساوس في رأسها. بل عليها أن تذكر محاسن زوجها ولا تقارنه بأحد.
فنتيجة عدم القناعة والرضا تكون خسارة على صاحبها دائمًًا.
﴿وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ | وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ فِي الأَرْضِ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ﴾.