لا تحدثني عن الإسلام ولكن دعني أرى الإسلام فيك.. قدوتي في الحياة هو الرسول ﷺ. في تعبير صريح للأسف، كثيرًا من الناس لا يعرفون قيمه القدوة في حياه الانسان وان النجاح أو الفشل مرتبط بالقدوة وانّهُ لا توجد نهضه أو تقدم لأي امَّة بدون نماذج ناجحة يقتدي بها الشباب.
مع الاسف، أُناس كُثُر تجهل قيمة القدوة والمثل الأعلى في الحياة، فإذا سألنا الناس بالشّارع عن قدوتهم في الحياة، مثلك الاعلى، هناك أُناس كثر من الممكن أن تستغرب السؤال وأُناس أخرين لا يوجد لديهم إجابة للسؤال.
رغم أنّ قدوتك في الحياة من المفترض أن تكون تعلمها وتضعها نصب عينيك. فأخطر شيء في حياة الانسان هي التربية بالقدوة. فالقدوة لها مفعول السِّحر.
تختلف كثيرًا مع الناس، بالسَّلب أو بالإيجاب، اكون أو لا اكون، اكون انجح الناس بسبب القدوة أو العكس، القدوة تؤثر بدون أن نشعر، طبيعة الحياة هكذا، الإنسان فُطِر على التأثر بالناس، فلو عاشرت احدًا وأحبته ورأيت شخصيته ناجحة وعندها مبادئ وقيم وصاحب رسالة في الحياة، ستجد نفسك اتخذته قدوة، وتريد تقليده.
والقدوة مرتبط بالحب، فمن شدة حبنا لشخص نبدأ في تقليده في لبسه، في كلامه، في سيره. ستجد ملايين الشباب كل منهم متأثرًا بلاعب مثلا، يحلق شعره مثله، يقلده في حركاته، أو في لعبه.
عندما تسأل الأطفال الصغار “نفسك تطلع ايه لما تكبر” تجِد من يقول: نفسي اطلع دكتور، نفسي اطلع مهندس، نفسي أطلع ضابط. من المؤكَّد أن كل طفل من هذه الأطفال رأي أمامه شخصيه، هذه الشخصية تولِّد بداخله طاقات، هذه الطاقات تقول: انا أريد أن اكون مثل هذه الشخصية.
الأب وكذلك الأم هُما أقرب شخصين يمكن أن يقتدي بهم اولادهم، ويجعلونهم مثلاً أعلى لهم.
ضح بحسبانك، الأبناء ليسوا بحاجة مِنّا إلى محاضرات ودروس في الأخلاق، لكنهم يحتاجوا أن يرونا أمامهم قدوة صالحة ومثل أعلى. لذلك، أحد الدعاة المخلصين قال بعض كلمات جميله جدا: القدوة قبل الدعوة، والتربية قبل التعليم، والإحسان قبل البيان.
من الممكن أن تُلقي على أحد أبنائك مائة محاضرة في الصدق، وتهدم كل هذا بتصرف وحيد، بكذبة واحدة، كأن يسأل عنك أحدًا، فتقول لابنك “قل له بابا مش موجود”.
قُل الآن: الرسول صلى الله عليه وسلم قدوتي في الصدق.
رجل عرف عنه أنه كذاب، كثير الكذب، مع الاسف أولاده تعلموا منه الكذب، أحد من أبناؤه الكذب يسري في دمه، وفي أحد المرّات، كذب كذبة كبيره جدًا، وعندما بدأ الأب في ضربه، ويقول له: ألم أخبرك مرارًا وتكرارًا ألا تكذب، فلماذا تستمر بالكذب؟ فقال الابن: أنا أكذب لأنك أنت كذاب أيضًا يا أبي. وهنا وقفت يد الأب من الصدمة.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ﴾ [الصف: 2، 3]. تُحث ابنك على عدم التدخين، تم تُرسله يشتري لك السجائر! تطلب منه أن يُصلي وأنت مضيع للصلاة! ألّا يكذب وانت معظم كلامك كذب أمامه!
بالله عليك! ماذا تنتظر من شاب يجد والده مُدخن، ليس ذلك فحسب، لكنه يُرسل الابن الطفل الصغير يشتري له سجائر -مع الأسف-.
مدخِّن يقول “ذهب أصلّي الفجر وعِندما عاد -كان لديه طفل بعمر أربع سنوات- وجَد والدته تقول له اذهب وانظر ماذا يفعل الولد في المطبخ! والصدمة هنا، يقول رأيت ابني موقِدًا لسيجاره ويشربها.. فصُعِقت، وسالت الولد ماذا تفعل؟ فأجاب بكُل بساطه الأطفال: أُدخّن سجائر مثلك يا أبي.
انت القدوة..
مَشَى الطاووسُ يوماً باعْوجاجٍ * فقلدَ شكلَ مشيتهِ بنوهُ
فقالَ علامَ تختالونَ؟ قالوا: * بدأْتَ به ونحنُ مقلّدوهُ
فخالِفْ سيركَ المعوجَّ واعدلْ * فإنا إن عدلْتَ معدلوه
أمَا تدري أبانا كلُّ فرعٍ * يجاري بالخُطى من أدبوه؟
وينشَأُ ناشئُ الفتيانِ منا * على ما كان عوَّدَه أبوه
إذا وضعت سجادة الصلاة وصلَّيت، فستجد ابنك يُقلدك ويصلي بجوارك، وإذا بدأت بالتدخين فسيُدخِّن مثلك، ستحتال على الناس، سيحتال مثلك.
يُقال: ابن الدكتور دكتور! فماذا تُريد أن يكون ولدك؟
محمد صلاح فخر العرب.. لماذا؟
في الغرب، علموا مدى تأثير القدوة في حياة الانسان، فقاموا بعمل إحصائية في أمريكا على 50 شخصية من أنجح الشخصيات في أمريكا، كان الهدف من الإحصائية أن يبحثوا عن الشيء المشترك الذي يجمع بين الشخصيات 50 الناجحة.
هل كانوا عصاميين، هل كانوا من ورثة الأموال؟ هل مشتركين في صفات في الشكل؟
وفي الاخير وجدوا أن الشيء الوحيد الذي يجمع بينهم هو أن جميعهم وهم صغارًا قابلوا أشخاصًا ناجحون، ومشاهير، وسلّموا عليهم، وتأثروا بهم، وبتشجيعهم لهم، رغم ان بعضهم قابلوهم مره أو مرَّتين فقط.
أنظر مدى تأثير القدوة في حياة الناس! القدوم موجودة في كل المجالات، فكل انسان في حياته شخصيه كبيره متأثر بها، ويعظمها ويتمنَّى أن يكون مثلها.
ففي مجال الطب، الجرَّاح الصغير نصب عينيه جرّاح أكبر يتمنَّى أن يكون مثله، والتاجر الصغير يتمنّى أن يكون ملياردير مثل رجل الأعمال الفلاني، وفي الاعلام وفي السياسة وفي الرياضة، كل شخص لديه قدوة يريد أن يكون مثلها.
لماذا الشعب المصري “مثلا” أحب محمد صلاح والشباب اتخذوه قدوة؟ لأن الناس كانت منذ زمن كانت محرومة من هذا النموذج، المصريين أحبوا محمد صلاح، ليس الموهوب، ليس الفنان فقط! لكنهم أحبوا محمد صلاح الانسان الخلوق صاحب الخلق والدين، صاحب القلب الكبير، القدوة الجميلة لكل الشباب.
قال محمد صلاح كلمة أثناء تسلمه جائزه أحسن لاعب في أفريقيا “انا أهدي هذه الجائزة لكل طفل في مصر، لكل طفل في أفريقيا، لا تتوقفوا عن الحلم”.
قدوتي رسول الله
وقد أرسل الله سبحانه وتعالى لنا الانبياء والرسل لكي يقتدي بهم الناس، ويكون الإصلاح بدايةً من الأنبياء، وقال لنا -هزّ وجل- (فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ) وقد اختار لنا الله -سبحانه- القدوة وأشار لنا عليها.
قدوة تصلح لكل العالمين حتى يوم القيامة، في كل زمان ومكان، في كل مناحي الحياة، الشخصية الكبيرة التي لابد وأن يعظمها ويقتدي به كل مؤمن، الشخصية الوحيدة التي تصلح أن تكون قدوة، هو رسول الله، (لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا).
كل ما تحتاجه في حياتك ستجده في شخصية النبي -صلى الله عليه وسلم- في كل مرحلة من مراحل حياته تستطيع أن تقتدي بالنبي -صلى الله عليه وسلم- حاكم ومحكوم، غني وفقير، أعزب أو متزوج، أب لأولاد واب لبنات، أب يموت أولاده وهو حي، متزوج من امرأة لا تُنجب، ومتزوج من امرأة مُنجبة من زوج ثاني.
تستطيع أن تقتدي به -صلى الله عليه وسلم- كرجل وفي لزوجته بعد وفاتها، تستطيع أن تقضي به وهو مربي، وهو معلم.
فعندما تنظر للعظماء في التاريخ ستجد أن كل منهم متفوق في جانب، كل عظيم متفوق في جانب، كمحارب أو كسياسي، لكن من كان عظيمًا في كل شيء؟ العظيم كمحارب ومسالم وسياسي، وزوج عظيم في كل جوامع الكلِم هو رسول الله.
كيف لا يكون النبي قدوتكم يا مسلمين؟ فقال الله -تعالى- (لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ)، قال “في رسول الله” ولم يقل “في محمد” لكي يخبرنا ان الاشخاص كلها تموت، حتى ولو كان رسول الله، والرسالات هي اللي تظل وتبقى.
نعم، مات الرسول وما ماتت الرسالة، مات البشير وما ماتت البشارة. مات الداعية وما ماتت الدعوة.
قدوتي في الحياة هو الرسول.. لماذا؟
- قدوتي رسول الله لأني أحبه، ولأنه صاحب الخلق العظيم ولأنه لا يوجد أحد في هذا الكون يصلح أن يكون قدوة في كل جوانب الحياة إلا النبي -صلى الله عليه وسلم-.
- قدوتنا النبي لأن الله -تعالى- اختاره لنا وأشار لنا عليه (لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ).
- قدوتي رسول الله لأن ربنا امرنا بتطبيق سنته (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا).
- قدوتي رسول الله لأني أحتاجه في الدنيا وأحتاجه في الآخرة، في الدنيا لكي ينير طريق لربي، ولكي أنجح في الحياة ولكي يقويني في الزمن الصعب. فمهما كنت ضعيفًا لن أعرف اليأس أبدًا، ومهما تغيرت الظروف ثقتي في ربي كبيرة.
- قدوتي النبي، علمني هكذا، خرج من مكة مُطارد مطلوب حيا أو ميتا، ورغم كل هذا إذ يقول لصاحبه لا تحزن ان الله معنا، يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما.
- فمهما قست الدنيا والعالم امتلأ بالانحلال والانحراف وسقوط، سأظل ثابت على اخلاقي لان لدي قدوة كبيرة.
- قدوتي رسول الله، لأن ربي قال لي ان هناك أناس ستقتدي بأصحاب المال وآخرون سيقتدون بالمشاهير وآخرون بأصحاب المناصب، فلن يقول قدوتي رسول الله إلا كل مؤمن، إلا كل انسان يعمل حساب وقفته بين يدي ربه، إلا كل انسان يضع يوم القيامة نصب عينيه ولم ينسى آخرته.
هذه رسالة أو كلمة قصيرة، أو حتى اعتبروه مقال أو بحث للطلاب بناءنا في المدارس، فهو لكافّة نواحينا.