في يوم الاحتفال بالأم، كل منا يحاول أن يعبر عن مشاعر الحب والامتنان التي يحملها لأمه، بهدية قيمة أو ببعض كلمات الحب والتقدير والإعزاز، ولكن مهما يكن ما نفعله فهو لا يزيد عن كونه نقطة في بحر عطائها الذي يشملنا منذ مجيئنا إلى الحياة حتى أخر يوم في عمرها، فهي لا تكف عن الحب ولا تتوقف عن الرجاء والدعاء لنا حتى الرمق الأخير، ومهما فعلنا في عيد الأم فنحن مقصرون وعاجزون عن رد الجميل، بل رد بعض الجميل.
لذا كان لزامًا علينا أن نتوجه باعتذار صادق من أعماق قلوبنا عن كل تقصير صدر منا تجاه أمهاتنا بقصدٍ أو بدون قصدٍ، وعن كل لحظة ألمٍ تسببنا فيها لأمهاتنا دون أن ندري ودون أن ندرك حجمها ونقدرها حق قدرها، فإلى كل أم بذلت وأعطت وأفنت عمرها في سبيل سعادة أبنائها وراحتهم، نوجه أجمل وأصدق عبارات الاعتذار المصحوب بالتقدير والامتنان لفضلها وكريم معروفها.
عذرًا أمي… فحقًا إننا مقصرون
-
- عذرًا سيدتي على كل لحظة ذهبت من ربيع عمرك وزهرة شبابك في مشوار العناية بنا والرعاية لنا، فكم تركت لأجلنا متعًا وآثرت سعادتنا، عذرًا لأننا يومها لم نكن نستطيع تقدير جهودك، ولا قيمة تضحيتك، ولكنا كبرنا وعرفنا أن الساعات والدقائق أغلى ما يملك الإنسان، وأن لا أحد يمكنه أن يهدينا أغلى ما يملك سواك يا أمي.
- عذرا على لحظات الهلع والخوف التي انتهكت سكون قلبك وشوهت بعض مشاعرك، وجرحت عينيك بالعبرات حين كان ينهكنا المرض أو يستبد بنا التعب، فنصرخ متألمين ونحتج على كل ما تقدمين لنا، عذرًا فلم نكن حينها نعلم أن صرخاتنا بل مجرد أنيننا يقطع قلبك ويشق روحك ألمًا لأجلنا، كم كنا قساة يا أمي حين كنا نعلن بالصرخات أوجاعنا.
- عذرا يا أمي على كل وجع سببناه لك في مشوار تربيتنا، فكم شقيت بعصياننا وتمردنا، وكم عانيت من رفضنا لكل ما تنصحين به، وكل ما تأمرينا به، عذرًا لجهلنا فلم نك نعرف يا أمي أن لا أحد في الدنيا بأسرها يحمل همنا بين ضلوعه كما تفعلين، ويبكي لصالحنا ويأخذ بأيدينا إلى سبل الرشاد والنجاة سواك، ويفعل كل ما في طاقته لينجينا من مسالك الشقاء والزلل سواك، عذرًا على شعارات العناد التي كنا نرفعها في وجهك كل يوم، وعذرًا على وجع القهر والعجز الذي كنا نتركه لك كل يوم.
- عذرًا يا أقرب الناس ويا أعز الناس على سوء الفهم وسوء التقدير والجهل المطبق، الذي جعلني أتوهم ذات يوم أن هناك في الدنيا من هو أقرب منك، وأحن على منك، وأقدر على ستر عيبي منك، وأحفظ لسري منك،، عذرًا على كل مرة اتخذت لي خليلا غيرك، وجعلت من الرفاق والصحاب أصدقاءً من دونك، عذرًا حين احتفظت بتفاصيل حكاياتي في خزائن غيرك، ولم يكن هناك أكثر أمانا من خزائنك، عذرًا يا أقرب الناس على كل لحظة جعلتك تشعرين فيها أنني غريبة عنك، وأن لا مكان لك في قلبي، فقد كنت حمقاء غافلة حينها،، فتقبلي عذري وتجاوزي عن جهلي وسامحيني على ما سببت لك.
- عذرًا أمي على كل نقاش احتد فيه موقفي وعلا فيه صوتي، وانتصرت فيه لرأيي، عذرًا لأني حي كنت أتهمك بالجهل وسوء التقدير كنت في قمة ضلالي وجهلي، سامحيني فقد لقنتني الحياة من الدروس ما كنت أرفض أخذه عنك، سامحيني فإن صفعات القدر ثأرت لك، وعلمتني ما كنت تريدين، عرفت يا أمي قصور رأيي، وعظيم جهلي، وأدركت أنك كنت على حق في ما تقولين،،، عذرًا حبيبتي فإني انحني تقديرًا لرأيك وخوفًك علي وحرصك على مصلحتي.
- عذرًا أمي أن بخلت عليك ببعض ساعات عمري، وتركتك وحدك في أوقات احتياجك إلى، عذرا لأنني تخاذلت عن مساعدتك حين صرحتي بضعفك، عذرًا لأني دون أن أدري كنت أشق عليك وأحملك فوق ما تطيقين، عذرًا فإني أقر بتقصيري وأقر بصنيعك ومعروفك الذي يغطيني من منبت شعري إلى قدمي.
وختامًا: فذلك إقرار مني ومن كل ابن وابنة منصفين عادلين أننا مهما قدمنا من فروض الولاء والطاعة فسنظل مقصرين، لأننا لن نعيد لأمهاتنا ما ذهب من أعمارهن، ولا ما فني من شبابهن وقوتهن ولا نملك السبيل إلى مكافأتهن.