الإنسان منا منذ طفولته يتأثر بالعوامل الخارجية، من حيث تحفيز الآخرين أو إحباطهم أو تشجيعهم، فالطفل الذي ينشأ في بيئة معززةٍ وداعمةٍ غالبًا ما يصبح شخصًا ناجحًا، له أهدافه ولديه القدرة على تحقيق تلك الأهداف، بينما البيئات الأخرى التي تحبط الطفل وتزدريه ولا تحسن إدارة مواهبه وقدراته تفرز طفلًا تعيسًا عاجزًا عديم الهدف والإرادة، وعلى الرغم من أن كلمة بيئة هنا تشمل كل الوسط المحيط بالطفل من الأهل والأصحاب والجيران والمدرسة، إلا أن هناك شخصًا واحدًا متفردًا بتأثيره يعادل دوره دور جميع الأطراف الأخرى، هذا الشخص بالطبع هو الأم.
فالأم سواءً قصدت أو لم تقصد تلعب دورًا بالغ الأهمية في تحديد طموح أبنائها، بل ورؤيتهم لأنفسهم وحكمهم على قدراتهم، فهي المرآة التي يرى الطفل فيها نفسه، وربما لا يوجد من ينازع الأم في تلك النقطة إلا الأب حين يشارك الأم في تلك المهمة.
كيف تعزز الأم وتسهم في تكوين تصور الابن عن نفسه؟
تستطيع الأم أن تعزز وتحدد ملامح تصور الطفل عن نفسه وعن قدراته من خلال كلماتها وأفعالها مع الطفل، فالأم التي تعنف الطفل دائمًا وتصفه بأوصاف سلبية، كأن تصفه بالغباء أو الحمق، أو الأم التي تسفه أحلام ابنها وتسخر منه كلما صرح بأمنياته وأعلن عن طموحاته، أو تلك الأم التي تستبدل اسم الابن بالكلمة الشهيرة البغيضة جدا “فاشل”.
وعكسها الأم الواعية الإيجابية في معالجة الأمور والتعامل مع الأبناء، التي تدلل وتمدح وتصف الطفل بصفات إيجابية مثل: عبقري ورائع ومتميز وغيرها من الكلمات البناءة.
فالأم الأولى والأم الثانية كلاهما تشكل صورة الطفل عن نفسه، فالطفل في الحالة الأولى يصدق أنه غبي وفاشل وأحمق ويتعامل مع نفسه ومع الأخرين ومع حياته كلها من هذا المنطلق، لأنه يصدق كلام أمه تمامًا ولا يتصور عكسه.
الأم الثانية كذلك تشكل صورة الطفل عن نفسه فهو يصدق تمامًا أنه عبقري وزكي ومتميز، ويتعامل مع أفكاره ودراسته وحياته أيضًا انطلاقا من هذا المعتقد الراسخ.
فالأم هي التي تبني ثقة الطفل بنفسه أو تهدمها، وهي التي تقنعه بقدراته أو تنسف قناعته بها، هي التي تفعل ذلك سواء شاءت ذلك أم أبت.
إقرأ أيضاً عن: الأم المثالية في عيد الأم
ذكاء أم صنع مخترع
في صدد الحديث عن تأثير الأم على أبنائها وكيف أنها تغير مجرى حياتهم بأكملها سمعت قصة تعكس ذكاء الأم في تعاملها مع ابنها وكيف ساعد هذا على تغيير مستقبله من النقيض إلى النقيض.
القصة تتحدث عن توماس إديسون مخترع المصباح الكهربي، وتحكي أن توماس إديسون كان طفلًا ضعيف الاستيعاب ومحدود الذكاء، لدرجة أنه كان متخلفًا دراسيًا عن بقية أقرانه، حاولت المدرسة أن تعالج الأمر وتطور مستواه ولكن كافة محاولاتها بائت بالفشل، فأرسلت إدارة المدرسة رسالة إلى أم توماس إديسون تقول فيها: تعتذر المدرسة عن قبول استمرار الطفل توماس إديسون وذلك نظرا لتأخره الدراسي وتخلفه عن أقرانه، فنخشى أن يتأثر زملائه ويتراجع مستواهم.
فلما أرادت الأم أن تبلغ توماس بهذا الخبر، أخفت الرسالة وكتبت رسالة أخرى تقول فيها: تعتذر إدارة المدرسة عن قبول استمرار الطفل توماس إديسون فيها، وذلك نظرًا لعبقريته وذكائه الذي يفوق أقرانه، فتخشى المدرسة أن يؤثر هذا الأمر على مستوى زملائه.
فاستلم توماس الرسالة وقد وقر في ذهنه أن المدرسة فصلته بسبب ذكائه المتفرد، واستقر في نفسه يقينًا بأنه عبقري،، فكان العبقري الذي أنقذ البشرية من الظلام وأضاء باختراعه الخالد جوانب الدنيا وملأها نورا وإشراقًا.
موقف رائع يدل على ذكاء الأم وفهمها لتأثير الآراء التي تقال عن الأطفال سواءً كانت تلك الآراء صحيحةً أو خاطئةً، فلو أعطت الأم الطفل الرسالة كما هي، لتبدل مصيره وصار نكرة لا يعرف النجاح ولا النجاح يعرفه.
وأخيرًا
فإنني أهمس في أذن كل أم أن تنتبه جدًا لتأثير ما تردده على الأبناء، وتتخلى عن الكلمات المحبطة والآراء السلبية، وتدفع به دائما نحو النجاح والتميز فقط بدعمها وكلماتها المشجعة.
إلى كل أم في عيدها،، هنيئا لك كل ما تبذليه من جهد في تربية أبنائك، فلتكللي جهودك بالذكاء والحنكة، تعاملي مع طفلك على أنه ذكي وعبقري ومتميز ليصبح فعلا زكيًا عبقريًا متميزًا. كل عيد أم وكل الأمهات بخير.
ولكم هنا: عيد الأم – المناسبة كاملة