رمضان شهر الطاعة والإحسان والتقرب إلى الله بكل ألوان العمل الصالح. وعلى رأسها الأعمال المفروضة من الصيام والصلاة، وليس المقصود بالتقرب إلى الله عن طريق العبادات، مجرد التلبس بها أو القيام ببعضها، بل التقرب يأتي من الاجتهاد في إحسان العبادات ومحاولة الوصول إلى الإتقان الذي يرضي الله عنا، وتجنب كل ما يمكن أن يقدح في صحتها أو يشوبها بالنقص، أو يضيع بعض مقاصدها.
هنا سنتناول في موضوعنا كافة لصوص الأجر الذين يتربصون بالمسلمين الصائمين فيشهر رمضان، ليدخلوا الشبه والنقصان على أعماله، فيشعرون أن أعمالهم قد أحبطت، وان الثواب الذي ينتظرهم ضاع هباءً، وأن العنت والمشقة لم تبلغهم ما أرادوا بلوغه من الأجر.
لصوص الأجر في رمضان
كما أن هناك لصوص يستهدفون أقات رمضان المباركة فيسرقونها، ويضيعونها من بين يدي المسلم الذي لا ينتبه غالبًا إلى تلك السرقة إلا بعد فوات الأوان حين يلملم الشهر الكريم أوراقه ويهم بالانصراف، وقد بينا أن على رأس هؤلاء اللصوص التليفزيون، والنوم، والسهرات مع الأصحاب، والمطبخ الذي يتفنن في سرقة وقت معظم النساء من الأمهات أو الزوجات أو كل سيدة مسئولة عن بيت أيا كان وصفها.
أما لصوص الأجر فهم أشد ضررًا وكيدًا، لأن من يسرق منه وقته وينتبه بعد ذلك يعلم أن وقته سرق وأن تحصيل الأجر فاته وفرط من يديه فيستغفر الله، أما لصوص الأجر فهم يسرقون أجر المسلم الصائم القائم القارئ للقرآن دون أن يدري، فيعمل من الخير أعمالًا طيبة ولكنه يحرم تمام الأجر عليها، ومن أهم تلك اللصوص التي يجب أن ننتبه لها جيدًا ما يلي:
الغلظة في الكلام
بعض الصائمين يتخذون من الصوم زريعة ليطلقون العنان لألسنتهم فيتعاملون مع الناس بعنف وعصبية، ولا يتورعون عن ترديد الشتائم والسب بم لا يليق، وقد لا يسلم منهم أحد، فتجد كل من يعرفه يتجنه أثناء الصيام خوفا من تجاوزاته أو تعبيراته القاسية، واتقاءً لشره.
فلا شك أن من يفعل ذلك لا يفهم معنى الصوم ولا مقاصده، ولا شك أنه رغم صيامه وما يلحقه من المشقة فإنه ليس له من صومه إلا الجوع والعطش، والله عز جل لا حاجة له بجوعه وعطشه، وهذا لعمري من أنواع الضلال البين، أن تبني الخير بمشقة وتعب وتهدمه بزلات اللسان وحصائده.
مشاهدة كل ما هو غير هادف من الأعمال التليفزيونية في رمضان
مشاهدة الأعمال الغير هادفة والتي تبدي بعض مظاهر العري أو التبرج من مسلسلات أو أفلام ونحوها، فهذه المشاهدة تسرق الوقت وقد تشوه الصوم او تفسده، ويكمل الانسان صيامه معتقدًا أنه مقبول تمامًا وهو مردود عليه، وذلك لارتكاب ذنب يتنافى أصلًا مع مقاصد الصوم.
الغيبة والنميمة
بعض الصائمين أيضًا يعتقدون أن أفضل تسلية يمكن أن تخفف عنهم مشقة الجوع والعطش وتجعل الوقت يمضي سريعًا الغيبة والخوض في أعراض الخلق، فيتحدثون عن هذا، وينتقدون هذا، ويسخرون من هذا طوال جلساتهم التي تتكرر يوميًا، ثم ينصرفون إلى إتمام صيامهم وأداء صلاتهم غير مبالين بما حصدت ألسنتهم من الذنوب والخطايا التي حتمًا ستسرق بعض الأجر وتنقصه.
الرياء والسمعة
الصدقة في رمضان من أطيب وأحب الأعمال إلى الله، وخاصة ما يتعلق بإفطار الصائم، فترى موائد الرحمن في كل مكان في مشهد مفرح، ولكن هذه العبادة الرائعة من العبادات التي قد تشوبها شائبة الرياء أو السمعة.
فينبغي لمن يفتح عليه في هذا الباب من أعمال الخير أن يجدد نيته كل يوم يجعل عمله خالصًا مخلصًا لله عز وجل، وأن يراقب نفسه ويتحرى المراقبة حت لا يفتن فيعمله، فيحرم الأجر ويحمل الاثم، وبدلًا من أن تكون عبادته حجة له في رمضان وشفيعًا له بين يدي الرحمن، تصير حجة عليه! فليحذر كل مسلم أن يشرك في عبادة ربه أحدًا دون أن يدري! أو يخالط نيته من الصيام أو تلاوة القرآن أو العمرة أو غيرها غرضٌ آخر من حسن السمعة أو المدح من الناس.
الشكوى من مشقة الصيام أو التذمر به
بعض الناس تجده دائم الشكوى من الصيام والحر والمشقة، ودائم التذمر، معجبٌ بصيامه وكأنه جاء بما لم يأت به أحد غيره من الناس، وهذا من دواعي نقصان الأجر، فاحذروه!