أكدت النقابة العامة لتجار الألبسة والأقمشة والأحذية أن البضائع المتعاقَد عليها من الصين لن تتأثر بانتشار فيروس كورونا الجديد، فلماذا هذا التصريح الآن خاصةً وأن الفيروس ينتقل من إنسان لآخر؟ وما هو دخل البضائع في هذا الشأن؟ هذا السؤال ربما تم طرحه من خلال كافة المواطنين حول العالم الذين يرون تفشي واسع المدى وبسرعة هائلة لفيروس كورونا الذي ضرب الصين قبل أيام، ويبقى الأمل الوحيد للصينين هو سرعة سيطرة الحكومة الصينية على هذا الفيروس حتى يهدأ العالم أجمع تجاه النتائج السلبية المتوقعة من هذا الفيروس.
سبب التصريح الأخير لنقابة الألبسة والأحذية
يرى الأستاذ منير دية “رئيس النقابة العامة لتجار الألبسة والأحذية” أن التصريح الخاص بفيروس كورونا وعلاقته بالبضائع الواردة من الصين أتى بالتزامن مع الأحداث التي يشهدها العالم جراء هذا الفيروس الصيني، ومن ثم فإننا أردنا بهذا التصريح وضع المواطن والمستهلك في الصورة الحقيقية لما يجري الآن.
أثبتت الحقائق العلمية أن الفيروسات لا تنتقل إلا من شخص لآخر أو من حيوان مصاب إلى الإنسان باتصال مباشر من خلال وسيط أو وصيف مباشر يعيش فيه الفيروس لمدة ساعات لينتقل الفيروس إلى الإنسان، لذلك فإن الوضع الطبيعي والحقائق العلمية تقول بأن هذا الفيروس لا يمكن أن يعيش مضيفاً إلى لساعات، وبالتالي فإن البضائع سواء كانت أحذية أو ألبسة أو أي بضائع أخرى كالأثاث أو كذا ليس له أي علاقة بهذا الفيروس أو أي فيروس آخر، وهذه حقيقة علمية يجب على المستهلك معرفتها حتى يتم طمأنته بشكل كبير.
ما هو الحجم التجاري بين الأردن والصين؟
بالنسبة لحجم التجاري بين الأردن وجمهورية الصين الشعبية فإنه يُقدر سنوياً بمقدار 4 مليار دولار تشكل تقريباً حوالي 18% من حجم مستوردات الأردن الكلية، وبالتالي فإن هذا الرقم غير بسيط.
مضيفاً: هناك سلع تعتمد فيها الأردن كلياً على الصين ولا يوجد لها بديل عالمي أو محلي، وبالتالي فإننا نعتمد على الصين في كثير من الأصناف.
يجدر الإشارة إلى ورود البضائع من الصين لم يتأثر لأنه تم التعاقد عليها منذ فترة طويلة لأن الجميع يعلم أن هناك عُطلة لرأس السنة الصينية تبدأ ب 26 /1 وتنتهي تقريباً في يوم 3/ 2، لكن تم تأجيلها في معظم شركات الصين في كافة محافظاتها إلى يوم 10/ 2 يوم الاثنين القادم، وبالتالي يعرف أصحاب البضائع ضرورة شحن هذه البضائع قبل هذه العطلة بأيام أو بأسابيع، ومن ثم فإننا ننتظر من الصين السيطرة على هذا الفيروس أو هذا المرض بشكل سريع وتقوم الحكومة بإعلان ذلك حتى تستطيع الصين الرجوع إلى حياتها الطبيعية من حيث عمل الشركات والمصانع المنتجة، وحينها يستطيع التجار الذهاب للصين وبرم تعاقدات جديدة للمواسم القادمة وتحديداً لموسم الشتاء القادم، لأن موسم الصيف التالي تم التعاقد عليه منذ فترات طويلة وتم شحن البضائع إلى الميناء وهي الآن على وصول لميناء العقبة، وإلى الآن لم يتغير المشهد من حيث تدفق البضائع ووجودها في الأردن قادمة من الصين.
ما هي نوعية البضائع التي نعتمد فيها على الصين بشكل كلي؟
بالنسبة لقطاع الأحذية والأقمشة فإن هناك مواد وسلع إلى الآن من ناحية الجودة والسعر والنوعية لا يوجد لها بديل محلي أو عالمي نهائياً وذلك بعد فترة مطولة من البحث في هذا الشأن، وهذا يخص بعض أصناف الملابس سواء كانت للأطفال أو غيرهم.
إلى جانب ذلك، هناك بعض السلع الأخرى التي تردنا من الصين مثل المستلزمات الطبية وبعض المواد الأولية كالأقنعة الطبية التي لا تُصنع إلا في الصين، فضلاً عن وجود سلع أخرى لا يوجد لها بديل عالمي وتم استحواذ الصين عليها بشكل كلي، لذلك فإن الأسواق العالمية تنظر بشغف انتهاء هذه الأزمة الصينية نتيجة انتشار فيروس كورونا في هذا البلد الذي يعتمد عليه كافة أنحاء العالم.
لا يمكن لأي دولة أو مجموعة دول أن تكون بديلاً عن الصين في المرحلة القريبة، ومن ثم يتنظر العالم سرعة السيطرة على هذا الوباء في الوقت القريب حتى لا يتأثر حجم التجارة العلمي لهذه الدولة التي يُعد اقتصادها هو ثاني أقوى اقتصاد في العالم، ولكننا في هذا الصدد نود طمأنة المواطن الأردني لعدم وجود أي تأثير في الوقت الحالي على تجارتنا مع هذا البلد، كما أن حجم التجارة بيننا وبين الصين مؤمَّن لمدة 4 أشهر قادمة من ناحية البضائع الشتوية والصيفية.
نحاول الآن مع الجهات المعنية في منطقة العقبة فيما يخص الجمارك والمواصفات والميناء والحاويات سرعة إدخال البضائع الواردة إلينا من الصين حتى تصل تلك البضائع للأسواق والمستهلك بدون تأخير أو حدوث أي أزمة في الميناء نتيجة توقف العمل في الشركات الصينية، ومن ثم فإن شيئاً لن يتغير فيما يخص البضائع الصينية لا من ناحية السعر ولا الكمية ولا الجودة لأن البضائع موجودة إلى الآن بأسعارها التي كانت عليها في الماضي، ونأمل أن تمر هذه الأزمة على العالم والصين بشكل خاص دون أن تتأثر سلباً جراء هذا الفيروس.
هل ستفي المصانع التي توقفت نتيجة فيروس كورونا بعقودها التجارية؟
كما ذكرنا سلفاً فإن الصين الآن بها عطلة سنوية تخص رأس السنة، واليوم من المفترض أن يعاود الصينيون العمل في الشركات الحكومية والخاصة الرئيسية، ولكن للأسف تم تأجيل الرجوع للعمل في الشركات الحكومية والخاصة الرئيسية حتى 10 فبراير، وهذا الأسبوع الذي تم تأجيله نأمل ألا يؤثر على الصين وحجم تجارتها العالمي معنا ومع غيرنا من الدول الأخرى، كما نأمل أن تسيطر الحكومة الصينية على انتشار هذا الفيروس حتى تتمكن الصين من الوفاء بكافة التعاقدات التي تعاقدت عليها الشركات والمصانع منذ فترة.
تابع ” دية “: إلى الآن لا يوجد تأثير واضح لهذا الفيروس على التجارة الصينية مع دول العالم لأن انتشاره أتي أصلاً مع العطلة الصينية لرأس السنة أي ما يمكن أن نطلق عليه فترة سبات الصينيين السنوية.
هل يعتبر السوق الأردني بالنسبة للصين ضمن أولوياتهم؟
بالتأكيد أن كل مصنع في الصين له مصادره في العمل وله أولوياته، وبالتالي فإنه عند عودة الصين للعمل ومع العدد المهول للمصانع الصينية فإنهم سيعملون على إغراق السوق العالمي بكافة لوازمه للأردن وغير الأردن، ولكن ما أظنه يشغل بال الصينيين الآن هو التفكير في كيفية السيطرة على هذا المرض دون أن تظل المناطق الصينية مغلقة، وبالتالي فإن عودة الحياة إلى الصين مرة أخرى ستكون بمثابة عدوة الروح إليها مرة ثانية حتى يمكنهم الإيفاء بالتزاماتهم وتوريدهم للبضائع لكافة دول العالم.
على الجانب الآخر، أعتقد أنه إن لم تستطع الصين السيطرة على المرض وهذا الوباء المتفشي نتيجة فيروس كورونا فإن العالم أجمع سوف يدخل في أزمة كارثية ليس فقط الأردن لأن السوق العالمي الآن يعتمد اعتماداً كبيراً على الصين لأن 14 ألف مليار دولار هو حجم التجارة الخارجية للصين وهو رقم مهول لا يمكن لأي دولة في العالم أن تضاهي به جمهورية الصين الشعبية أو أن تلبي غرض العالم أو احتياجات السوق العالمي من أي سلعة أو من أي صنف.
بالإضافة إلى ذلك، لا يوجد الآن في العالم أو في الأسواق العالمية أي بديل ولا أعتقد أنه سيكون هنالك بديل قريب للسوق الصيني، وبالتالي أعتقد إنه إن لم يتم السيطرة على المرض في الصين بصورة سريعة وعودة الحياة مرة أخرى بصورتها الطبيعية في هذا البلد التجاري الأول سيدخل العالم في ارتباك المشهد الاقتصادي بأسره ليس فقط على مستوى السلع وتدفقها وإنما على مستويات أخرى، ولا نريد أن ندخل هذا المشهد القاتم بقلوبنا ولكننا نتوقع أن دولة مثل الصين بحجمها وتفوقها العلمي والاقتصادي حتماً ستتفوق على هذا المرض وستتجاوزه، بينما كان من الممكن أن يكون هذا الفيروس بمثابة كارثة نظراً لانتشاره السريع وتهديده للنفس البشرية بشكل مروع، ونترقب في الأسبوع القادم بإذن الله أن يكون هنالك أخبار سارة تخص مسألة السيطرة على الفيروس.
ماذا عن أسعار البضائع في الأسواق في حال عدم السيطرة على الفيروس؟
إلى الآن فإن البضائع الواردة من الصين سيكون سعرها طبيعي وفي متناول الجميع دون أن تشهد أي تغيير جراء هذا الفيروس المنتشر في الصين لأن حجم المتعاقد عليه هو كافي للأسواق المحلية الأردنية، كما أن التاجر اليوم همه الوحيد هو بيع بضاعته في وقتها حتى يوفي بالالتزامات المطوبة منه، فضلاً عن حجم الركود الموجود الآن في الأردن خاصة في السنتين الماضيتين وهو ما سيجعل التجار يلتزمون بالأسعار الحقيقية للأسعار، ومن ثم سيكون هم التجار هو تحصيل السيولة الكافية لهذه البضائع في وقتها لأن لديه التزامات خارجية وداخلية من الموردين وغيرهم، وبالتالي لن يفكر في الاحتكار أو زيادة الأسعار في الفترة الحالية.
فيما يخص عدم قدرة سيطرة الصين على المرض أو الوباء المنتشر مع زيادة حالات الوفيات من مقاطعة صينية إلى مقاطعة أخرى، وفي حالة عدم رجوع الصينيين إلى العمل في الأوقات المحددة خلال الأسبوعين القادمين فحتماً ستتأثر الصين وحجم تأثيرها الاقتصادي على الأردن والعالم بأسره، وبالتالي لن تكون هنالك نتائج حقيقية مقررة من هذا المشهد إلا بعدما تعلن الحكومة الصينية عن قدرتها على السيطرة على وباء كورونا، وبغير ذلك لن نقرر ما إذا كان هنالك سيطرة أو اكتفاء السوق الأردني من البضائع الصينية من عدمه مع عدم قدرتنا على توقع ثبات الأسعار الحقيقية كما هي.
هل يمكن أن تكون تركيا بديلاً مؤقتاً للصين؟
لا شك بأن تركيا بقطاع الألبسة بشكل خاص يمكن أن تكون بديلاً للصين في بعض الأصناف وبكميات محددة، ولكن لا يمكن الاعتماد عليها كلياً فيما يخص كافة السلع والأصناف التي يحتاجها الأردنيون.
تُعد تركيا هي أحد البدائل التي يجب دراستها ويجب على الحكومة إعادة برم عقود التجارة الحرة معها، ومن الممكن أن تقوم الحكومة التركية بعمل تسهيلات معينة نقوم بها بتخفيض الأسعار للبضائع التركية بحيث يمكنها أن تكون بديل نوعاً ما ولو مؤقتاً للبضائع الصينية.
هذه الأسئلة يمكن أن نعتبرها أسئلة استباقية إلى حد ما ويبقى على العالم أجمع أن ينتظر بعيون شاخصة كيف ستمر الأزمة الصينية.
وختاماً، واقعياً لا يوجد بديل محلي للأسف نهائياً للبضائع الصينية بسبب عدم وجود مصانع محلية قادرة على أن توفي بكافة أغراض واحتياجات ومستلزمات السوق المحلي مراعاةً بأن حجم السوق المحلي عندنا ومستورداتنا من الملابس فقط هو بحجم 260 مليون دينار، ومن الأحذية تقريباً يصل هذا الحجم إلى حوالي 50 مليون، و310 مليون دينار هو الحد الأدنى لمستورداتنا من الصين، وبالتالي فإن هذا الرقم لا يمكن للمصانع والمشاغل المحلية أن تفي به لأسواق الأردن بكافة الأصناف.