يتحدث “بروفيسور. كلاوس ميشائيل براومان” (أخصائي الطب الرياضي في جامعة هامبورغ University of Hamburg) عن القوة الشفائية للحركة ودور الرياضة في عيش حياة صحية. في ظل تأثير النشاط البدني على صحة الإنسان، تصبح الدعوة إلى ممارسة النشاط البدني بانتظام أحد أكبر تحديات الألفية المقبلة.
في الماضي كان من يخضع لجراحة يرقد في السرير ويلزم عليه قضاء فترة نقاهه، أما اليوم يأتي في معظم الحالات في اليوم التالي للجراحة معالجٌ طبيعي ليبدأ مع المريض الرياضة والحركة. فلماذا يحدث هذا؟
أوضح “بروفيسور. كلاوس ميشائيل براومان” أن الأمر ببساطة مرتبط بالقاعدة البيولوجية التي تنص على أن “حفاظ كل عضوٍ على وظيفته يحتاج إلى حد أدنى معين من المتطلبات في الحياة اليومية”، وهذا يعني أنه إذا لم يُكلف العضو بالقيام بمهامه بصورةٍ كافية فسيُصاب بالخمول، وهذا ما يمكن ملاحظته في العضلات مثلاً، فعندما تكون العضلات مرهقة يمكن التغلب على ذلك بالزيادة في قدرتها الوظيفية من خلال تمارين القوة الجسدية، وهذا ما يحدث بالطبع بعد عملية جراحية أو بعد مرض خطير عندما يفقد الإنسان القدرة على الحركة وتكون كل أنظمة الجسم في حالة خمول.
أن تذهب إلى أبعد من ذلك وتقول أن الحركة لا تُفيد الجسد فقط لتفادي فقدان أعضائه لوظائفها، بل هي طريقة لعلاج الأمراض أيضاً. فما هي الأمراض التي يمكن علاجها بالرياضة؟
أوضح “بروفيسور. كلاوس” (عبر دويتشه فيله) أن ذلك يشمل بالأساس جميع الأمراض غير المُعدية، كأمراض الحضارة التقليدية التي يُمكن تلخيصها في مصطلح “متلازمة الأيض” التي يُمكن للمرء أن يتعرف منه على سببها الرئيسي، فهي عبارة عن اضطرابات في عملية التمثل الغذائي تنتج عندما نأكل الكثير ونستخدم القدر الكافي من الطاقة عبر النشاط البدني، إذ يجب إيجاد توازنٍ بين الطاقة التي نحصل عليها والطاقة التي نخرجها.
إذا اختل التوازن سيصبح الإنسان بديناً مما يؤدي إلى المرض أيضاً، ولكن هل البدانة فقط هي ما يجعل الرياضة مفيدة أم أن للرياضة تأثير آخر؟
أضاف “بروفيسور. كلاوس ميشائيل” حديثه موضحاً أن هناك تأثيراتٌ متعددة، ففي النهاية يمكن ملاحظة كل هذه الأمراض المختلفة في مراحل مختلفة من الخمول، نحن نعلم الآن أن الدهون تلعب دوراً كبيراً في في غياب التوازن السليم للطاقة، هذه الدهون تُنتج كائنات كيميائية حيوية شريرة تنتشر عبر الدم في الجسم مما قد يتسبب في تلف عدد كبير من الأعضاء، فهي تؤدي إلى حدوث هذه الالتهابات بداخل الأوعية الدموية وبؤر التلكس، وتؤثر في البنكرياس بإحداث خلل في إفراز الإنسولين مما يسرع من عملية هشاشة العظام، ولذلك هناك مجموعة متنوعة من الأمراض التي يُمكن إرجاعها لهذه الكائنات الشريرة التي تأتي من الدهون. أهمية الرياضة تتجلى في أن تساعد على إنتاج كائنات كيميائية حيوية جيدة، وعلى هذا النحو يمكن مقاومة الكائنات الشريرة، ورغم هذا الشرح المبسط إلا أن هذا هو أساس آلية تأثير الرياضة على العديد من الأمراض المختلفة.
هذا يعني من جهة التخلص من الدهون وهو ما يتسنى عبر أجهزة الجري الكهربائية، فمن خلالها نقوم بحرق الكثير من الدهون ومن ناحيةٍ أخرى نُنمي العضلات لأن العضلات يكون لها تأثيرٌ على الهرمونات.
أكد “بروفيسور. كلاوس” أن خلال الخمسة عشرة سنة الماضية أصبح التركيز يتزايد على هذا الجانب، ففي الماضي كان هناك اعتقاد أن تدريبات القوة تتسبب في ارتفاع ضغط الدم ووصوله إلى مستويات عالية، ولكن نحن نعلم الآن أن هذا لا يحدث إذا تدرب الإنسان بشكلٍ صحيح. لكن نمو العضلات من خلال تمارين القوة له تأثير يتجلى في إنتاج الكائنات الكيميائية الحيوية الجيدة، ولهذا السبب فتمارين القوة تساعد على التأهيل الطبي والوقاية من الأمراض.
ما هو الأفضل تمارين اللياقة البدنية أم تقوية العضلات؟
أوضح “البروفيسور” أن الأمر سيان بالنسبة لكل الذين يمارسون تمارين الرياضة البدنية، إذ أن التدريبات الرياضية العادية تتكون من كلا الشقين. وإذا أردنا أن نفرق بين تمارين القوة وتمارين اللياقة البدنية فإن الفارق يبدو جلياً في رياضات الأداء، بالطبع يتم استخدام أجهزةٍ رياضية لتمارين القوة أو لتمارين اللياقة البدنية، ولكن يتعين إجمالاً ممارسة تمارين متوازنة بالنسبة إلى كبار السن وخاصةً تمارين الاتزان، ويتعين مع ذلك مراعاة تمارين تناسق الحركة بصفةٍ خاصة نظراً لدورها المهم.
أي الأمراض يُمكن معالجتها عبر الرياضة؟
أوضح “بروفيسور. كلاوس” أنه يتعين طرح السؤال بشكلٍ آخر، أي ما هو المرض الذي لا نستطيع معالجته بالرياضة أو بالأحرى بممارسة الحركة بشكلٍ منتظم؟. لممارسة الرياضة تأثير إيجابي على معالجة كل الأمراض المزمنة فيما عدا الأمراض المُعدية، بدءاً بأمراض ضغط الدم والأوعية الدموية وأمراض الدورة الدموية والذبحة القلبية والسكتة الدماغية، وانتهاءاً بالأضطربات الأيضية ومرض السكر وارتفاع نسبة الدهون وهشاشة العظام والأمراض العصبية ومرض الخرف.
ما هي الجرعة الرياضية المناسبة؟ فهل يكفي الوقوف على أطراف الإصابع وتحريك الجسم أثناء تنظيف الأسنان في الصباح؟ أم يتعين الخروج والركض لمسافاتٍ طويل؟
أوضح “البروفيسور” أن تمرين ثني الساق أثناء تنظيف الأسنان جيد جداً للتقوية أو للتناسق الحركي وهو من التمارين التي يتعين عدم إهمالها حتى في حالة ذهاب المرء إلى القاعات الرياضية. لكل سعرةٍ حرارية أهميتها، ومن وجهة النظر الطبية فإن تأثير المرء على الأمراض المزمنة يتواءم نسبياً مع كمية السعرات الحرارية المستخدمة، أي أنه كلما تم حرق كميات أكبر من السعرات الحرارية كلما تحسنت الآثار المترتبة على ذلك.
هل هناك حد أقصى لممارسة الرياضة بحيث تُشكل خطورةً على الصحة؟
أوضح “بروفيسور. كلاوس” أن هذا قد يكون ممكناً بالنسبة إلى ممارسي رياضات الأداء العالي التنفسية، لكن هذا لا ينطبق على المبتدئين في ممارسة الرياضة.
كيف يستطيع الواحد منا أن يحافظ على لياقته البدنية؟
أكد “البروفيسور” أنه في السابق كان يمارس الرياضة كثيراً، لكن الآن يحاول ممارسة الرياضة ثلاث مرات أسبوعياً. فيجب على الشخص أن يقوم بتنظيم وقته ليدخر وقتاً لممارسة الرياضة، وإن لم يستطع فعليه أن يتحرك كثيراً في حياته اليومية.