اجتمع الأستاذ منير أثناء الفسحة مع أحمد وبراء وضياء في حجرة التربية الزراعية، منتظرين وصول يوسف وأخيرا جاء يوسف يحمل يقطينة كبيرة برتقالية اللون، وأخذ يضحك قائلا: أحببت أن يكون الدرس عمليا! ضحك الجميع، وأخذ الأصدقاء يحضرون الأطباق، وقام الأستاذ منير بتقطيع اليقطينة، فتذوقها أحمد ثم صاح: طعمها لذيذ عقب يوسف هناك اهتمام بزراعة اليقطين في مصر.
أضاف الأستاذ منير: بالفعل فاليقطين أو قرع العسل ذو فائدة اقتصادية وصحية كبيرة.
أما براء فقال: قرأت أن اليقطين ينتمي إلى عائلة القرعيات، مثل: الكوسا، والخيار والشمام وغيرها، واليقطين في اللغة العربية هو ما لا ساق له من النبات، كالقثاء والبطيخ.
استطرد أستاذ منير: قرع العسل لونه يتراوح من الأصفر الغامق إلى اللون البرتقالي قشرته سميكة تحتوي على البذور واللب، وبعض أصنافه تكون كبيرة بشكل استثنائي.
قال ضياء: قرأت أن موطنه الأصلي أمريكا الشمالية، وقد وجد العلماء بذور يقطين يرجع تاريخها إلى ما بين سبعة آلاف وخمسة آلاف وخمسمائة سنة قبل الميلاد، وعثر عليها في المكسيك.
فوائد اليقطين
سأل الأستاذ منير من منكم يعرف فوائد اليقطين؟ أجاب يوسف اليقطين غني بالبوتاسيوم، الذي يعد عنصرًا أساسيا لصحة القلب، كما يحتوي على فيتامين (سي) ومضادات الأكسدة؛ لذلك فهو يقوي مناعة الجسم.
وأضاف أحمد: قرأت أيضًا أنه يحتوي على مادة الكاروتينات المقاومة للسرطان.
وتدخل براء في الحوار قائلا: إن من أفضل ميزاته أن سعراته الحرارية منخفضة؛ ولذلك ينصح به أثناء الحمية الغذائية، كما أثبتت دراسة حديثة أن اليقطين لا يفقد الفيتامينات التي يحتويها بالطبخ والتعرض للحرارة.
وأكمل الأستاذ منير: وهل نسيتم أهم فائدة له؟! وهي أنه يساعد على بناء أنسجة الجسم المختلفة ويحافظ على صحة الجلد وحمايته، ويسرع عملية التئام الجروح؛ لذا اختاره الله ﷻ غذاء ودواء لسيدنا يونس (عليه السلام).
وهنا تقرأ أيضًا عن ⇐ الزيتون في القرآن الكريم «للأطفال»
اليقطين في القرآن الكريم
تحمس يوسف قائلا: احك لنا يا أستاذ منير، كيف حدث هذا؟
حكى الأستاذ منير: نبي الله يونس (عليه السلام)، ويقال له: ذو النون، أي: صاحب الحوت، أمره الله بدعوة قومه إلى الإيمان بالله وحده، فقال لهم ما قاله الأنبياء جميعا ﴿يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ﴾.
ومكث سيدنا يونس (عليه السلام) يدعو قومه سنوات، ولكنهم لم يستجيبوا لدعوته، واستمروا في عبادة الأوثان، ولم يدخل الإيمان إلى قلوبهم، فغضب سيدنا يونس (عليه السلام) من عناد القوم وامتناعهم عن الإيمان فأنذرهم بوقوع عذاب الله تعالى عليهم، وخرج مغاضبًا، وقد عاتبه الله تعالى على نفاد صبره وتعجله بتركهم، وكان عليه أن ينتظر الأمر الإلهي بالخروج.
خرج يونس (عليه السلام) من نينوى (بالعراق حاليًا)، وأقبل على قوم وركب معهم سفينتهم، فلما وصلت بهم إلى عرض البحر، تمايلت السفينة واضطربت واهتزت، فلم يجدوا سبيلا للخلاص إلا أن يلقوا بأحدهم في البحر؛ تخفيفًا للحمل، فاقترعوا على من يلقى به في البحر، فخرج سهم يونس على السلام)، فلما التمسوا فيه الخير والصلاح، لم يحبذوا التخلص منه، فأعادوا القرعة ثلاث مرات، وفي كل مرة كان يخرج لهم سهم يونس (عليه السلام)، فلم يجدوا بدا من إلقائه في البحر، ولكن الله ﷻ نجاه، فقد أقبل إليه حوت ضخم أرسله الله – تعالى – فالتقمه، أي بلعه، ومكث يونس (عليه السلام) في ظلمات ثلاث، وهي ظلمة بطن الحوت، وظلمة البحر، وظلمة الليل، ولكنه بقي سالماً، فسجد لله شاكرًا وتاب وأناب، وأخذ يسبح الله قائلا: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، فاستجاب الله له، ونجاه من الغم، وأمر الله تعالى الحوت فقذف به على اليابسة، وأنبت حوله شجرة يقطين.
وهنا رفع ضياء يده، فأشار له الأستاذ منير بالحديث، فقال: وذكر اليقطين في القرآن الكريم في الآية الكريمة يقول تعالى: ﴿وَأَنْبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ).
أشاد الأستاذ منير قائلا: أحسنت يا ضياء، ومعنى الآية: أن الله ﷻ أنبت للنبي يونس (عليه السلام) شجرة يقطين ليستظل بها، ويأكل من ثمرها لفوائده الكثيرة، ومنها سرعة إنباته، وتظليل أوراقه لكبره ونعومته، وأنه لا يقربه الذباب، وجودة تغذية ثمره، وأنه يؤكل نيئا ومطبوخًا بلبه وقشره أيضًا، وقد ثبت أن رسول الله ﷺ كان يحب الدباء ويتتبعه، والدباء هو اليقطين أو القرع.
ردد جميع الأصدقاء: سبحان الله… وفجأة دق جرس انتهاء الفسحة معلنا بدء الحصة الجديدة، وجه الأصدقاء الشكر إلى الأستاذ منير، الذي وعدهم باللقاء غدًا للحديث عن الريحان.