اجتمع الأصدقاء بجوار حوض من الزهور والأعشاب زرعه الأستاذ منير بجوار سور المدرسة، كان الأصدقاء يشمون رائحة طيبة عطرة تخرج من هذا المكان، وكانوا يحافظون عليه، ويساعدون أستاذ منير في الاعتناء به وفي هذا اليوم أشار الأستاذ منير إلى عشب أخضر زاه، وقال: من منكم يعرف ما هذا العشب؟
وبالطبع خمن الأصدقاء الإجابة، فقالوا جميعًا: الرَّيحان.
ابتسم أستاذ منير قائلا: صحيح، الريحان هو نبات عطري عشبي حولي تم اكتشافه في الألفية الخامسة قبل الميلاد، وعُرف كدواء له منافع كثيرة في الطب القديم.
أضاف براء قرأت أنه يُزرع في المناطق الدافئة، وتتبرعم البذور في مدة تتراوح من خمسة إلى سبعة أيام، ويفضل زراعة الريحان في الأماكن المشمسة ذات التربة الخصبة الوفيرة المياه.
قال الأستاذ منير كما ترون أزهار الريحان لونها أبيض أو أرجواني وذات رائحة عطرية مميزة، ويتفاوت حجم الأوراق بين الكبيرة إلى الأوراق الصغيرة التي يصل طولها إلى واحد سنتيمتر.
صاح يوسف عرفت أن الريحان من الأعشاب المفضلة في العالم، فمثلا في أوروبا يُلقب بالعشبة الملكية، أما في الهند فيطلقون عليه عشبة السعادة.
الريحان في اللغة العربية
قال ضياء: بحثت عن الرَّيْحان في المعجم فوجدته جنسًا من النبات طيب الرائحة، والريحان اسم، والجمع الرياحين، بفتح الراء، وقد يطلق على كل نبات طيب الرائحة، ويأتي الريحان أيضًا بمعنى المعيشة والرزق.
استطرد براء قائلا: وقرأت أن كل بقلة طيبة الريح تسمى ريحانا.
كذلك؛ تجد هنا ⇐ الرمان في القرآن الكريم «للأطفال»
الريحان والبيتزا
سأل أحمد: أعرف بعض الأكلات نضع بها الريحان مثل السلطة، ولكن ما هي أشهر أكلة استخدم فيها الريحان؟
أجاب يوسف بحثت عن هذه المعلومة، ووجدت أن البيتزا الإيطالية أشهر أكلة استخدمت بها أوراق الريحان؛ ولذلك قصة سوف أحكيها لكم: يُحكى أن بائعا متجولا في شوارع نابولي الإيطالية كان يبيع خبرا مسطحا طيب المذاق، وكان الفقراء يتهافتون على شراء هذا الخبز، وفي أحد الأيام بينما كانت الملكة “مارجريتا” وزوجها الملك “أومبيرتو الأول” في جولة لتفقد أحوال المواطنين، إذ وجدا ازدحامًا على ذلك البائع، فأعجب الملكة شكل الخبز ومذاقه، ومن ذلك الوقت أصبحت الملكة تخرج خصيصًا لتناول ذلك الخبز المميز.
ولكن رئيس الطهاة في القصر الملكي لم يعجبه خروج الملكة لأكل الخبز، فتعلم طريقة صنعه وأخذ يصنعه لها، وما لبث أن أضاف إليه بعضًا من صلصة الطماطم الحمراء والجبن الأبيض وأوراق الريحان الخضراء، ممثلاً بذلك ألوان العلم الإيطالي، وقد سمي ذلك الخبز باسم خبز مارجريتا، ثم عُرف فيما بعد باسم بيتزا مارجريتا.
فوائد الريحان
سعد الأصدقاء بسماع هذه الحكاية الشائقة، وقال أحمد: أشعر بالجوع الشديد، فحكايتك مشهية جدا يا يوسف!
ضحك الأصدقاء جميعًا، وحينها سأل براء ولكن ما هي فوائد الريحان؟
أجاب الأستاذ منير للريحان فوائد متعددة، فهو يدخل في تصنيع معجون الأسنان، كما يستخدم لعلاج حب الشباب لقدرته على تقليل تكاثر البكتريا، ومنع الالتهابات.
ومن فوائد الريحان أيضًا قدرته على تسكين الآلام؛ لاحتوائه على تراكيب كيميائية تعمل كمخدر للآلام، كما يخفف من القلق والضغوطات النفسية؛ لأنه يقلل من إفراز الهرمون المسئول عن زيادة التوتر والقلق في الجسم.
أضاف ضياء كما عرفت أن الريحان يستخدم كعلاج للعديد من الأعراض المرضية مثل: القولون العصبي والمغص المعوي والأمراض الجلدية، والتئام الجروح، والتشنجات والدوار، ويساعد على تنظيم ضربات القلب وقتل جراثيم الفم، ومكافحة تسوس الأسنان والصداع النصفي، وتحسين الدورة الدموية.
علق الأستاذ منير ولكن لا بد أن تعرفوا أن هناك نوعين من الريحان، النوع الأول: ذو الزهرة البيضاء ويفضل زراعته واستخدامه؛ لأنه آمن، أما النوع الثاني: ذو الزهرة الحمراء أو الأرجوانية فيفضل عدم استخدامه بكثرة؛ نظرًا لاحتوائه على مادة “السيراجول”، والتي تشكل ضررًا مباشرًا وكبيراً على كبد الأطفال وصغار السن.
ولا يفوتكم ⇐ أصناف التين وفوائده، وذِكره في القرآن الكريم «للأطفال»
الريحان في القرآن الكريم
سأل الأستاذ منير: ولكن من منكم يعرف كم مرة تم ذكر الريحان في القرآن الكريم؟ أجاب براء ورد ذكر الريحان في القرآن الكريم مرتين مرة في سورة الرحمن، قال تعالى: ﴿وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانُ﴾، ومرة في سورة الواقعة، قال تعالى: ﴿فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّتُ نَعِيمٍ﴾.
أشاد الأستاذ منير: أحسنت يا براء.
رفع أحمد يده، قائلا: وفي الحديث الشريف: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: “من عُرِضَ عليه رَيْحانٌ فلا يَرُدُّهُ، فَإِنَّه خَفِيفٌ الْمَحْمِلِ طَيِّبُ الرِّيحِ”.
أشار الأستاذ منير: أحسنت يا أحمد.
سأل يوسف: أستاذ منير من فضلك هل يمكن أن تشرح لنا معنى الآية الكريمة؟
أجاب الأستاذ منير: طبعا يا يوسف، يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانُ﴾، وجاء في تفسير هذه الآية الكريمة أن الحب هو القمح والشعير وكل الحبوب التي نزرعها، وقيل: إن العصف هو ورق الزرع الذي تعصفه الرياح بعد أن يجف، أما الريحان فقال ابن عباس (رضي الله عنه) بأنه الرزق؛ لأن النبي ﷺ خَرَجَ ذَاتَ يَوْمٍ وَهُوَ مُحْتَضِنٌ أَحَدَ ابْنَيْ ابْنَتِهِ وَهُوَ يَقُولُ: “إِنَّكُمْ لَتُبَخِّلُونَ وَتُجَبِّنُونَ وَتُجَهِّلُونَ وَإِنَّكُمْ لَمِنْ رَيْحَانِ الله”، وفي الصحاح: الريحان نبت معروف، والريحان الرزق، نقول: خرجت أبتغي ريحان الله، أي: عطاء الله ورزقه، فيكون المعنى الحب ذو الرزق؛ لأن العصف رزق للبهائم، والريحان رزق للناس، والآية التالية لها، وهي ﴿فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾ توضح أن الحب والعصف والريحان من معجزات الله ﷻ، وقيل أيضًا: الريحان كل بقلة طيبة الرائحة تُسمى ريحانا؛ لأن الإنسان يرتاح لرائحتها الطيبة.
ردد جميع الأصدقاء: سبحان الله… وفجأة دق جرس انتهاء الفسحة معلنا بدء الحصة الجديدة، وجه الأصدقاء الشكر إلى الأستاذ منير، الذي وعدهم باللقاء غدًا للحديث عن البقل.