يعتبر البوح والفضفضة بالمشكلات من أفضل الطرق لعلاج الضغوطات النفسية، وهذا البوح له طرق ووسائل متعددة ومختلفة تناسب كل شخص منها: الكتابة، التسجيلات الصوتية، وغيرها.
كما أن هناك أيضًا العديد من الطرق الأخرى مناسبة للأشخاص الذين لا يفضلون الحديث مثل الصراخ، قراءة الكتب، وممارسة الرياضة، وجميعها تساعد في علاج الضغط النفسي.
هل البوح وسيلة للعلاج النفسي؟
تقول “الدكتورة ناعمة السويدي” مدربة التنمية البشرية: أن العلاج بالبوح أو الفضفضة موجود منذ سنين طويلة لدى المعالجين النفسيين، ومن المعروف أنه من زمن طويل من ثلاثين سنة مثلًا كانت المنازل حجمها أصغر، وهناك تجمعات دائمة للأهل والجيران مع بعض والحديث والفضفضة مع بعضهم البعض، وفي هذه الفترة لم نسمع أبدًا عن وجود الأرق أو المشاكل والتعب والضغوطات النفسية، لذلك تعتبر الفضفضة والتحدث نوع من أنواع العلاج الاجتماعي.
ولكن في وقتنا الحالي أصبحت المنازل حجمها أكبر، وتغلق كل الأسرة الباب على نفسها، وازدادت العزلة، فظهرت الضغوطات النفسية، وانعدمت الفضفضة بشكلها المبسط كما كانت موجودة من قبل، فأصبح كثير من الناس يلجأون للمعالجين النفسين.
ولقد أثبتت الدراسات أن العلاج بالبوح أو الفضفضة هي وسيلة فعالة جدًا لعلاج الضغوطات النفسية.
كيف نتمكن من البوح بدون أن نكون أشخاص كثيري الشكوى؟
تابعت د. “ناعمة” أنه عندما يشعر الشخص بالرغبة في الفضفضة والكلام لابد أن يسأل نفسه عن الهدف من هذا الكلام، وهل هو لمجرد الفضفضة والتحدث أم أنه يريد حل لمشكلة معينة.
وإذا كان الشخص يريد الحل يجب أن يبحث عن شخص موثوق، أو الرجوع لأخصائي نفسي، ولكن يجب الانتباه إذا كان الكلام لمجرد الفضفضة في لحظة ضغط نفسي أو غضب، لأن هذا الكلام قد يعود بالضرر على صاحبه.
تحكم الإنسان في نفسه في لحظة الغضب أو الضعف
كما تقول د. “السويدي” أنه يجب على كل إنسان تقسيم كلامه على الثلاث إشارات الخاصة بالمرور، فمثلًا الإشارة الخضراء هي المعلومات العامة التي يستطيع أي شخص معرفتها، فيمكن البوح والفضفضة بها، والإشارة الصفراء تدل على المشاكل التي لو عرفها الناس قد تسبب الإحراج مثل الحالة الصحية، الحالة المادية فيجب على الشخص أخذ الحذر عند البوح بهذه المشكلات.
وهناك الإشارة الحمراء تدل على المشاكل الأسرية العميقة، مشاكل الأبناء، والمشاكل الخاصة، وهذه لا ينبغي لأي شخص معرفتها لذلك يجب الحذر والانتباه جيدًا منها.
وأضافت د. “ناعمة” أن المشاكل والأسرار الخاصة يجب التفكير بها جيدًا قبل النطق بها، واختيار الشخص المناسب والموثوق لسماع هذه المشكلات حتى لا يتسبب الشخص في الأذى والمشاكل لنفسه مستقبلًا نتيجة البوح بهذه الأسرار.
من الجدير بالذكر أن الكتابة هي وسيلة متبعة قديمًا للبوح، ولكن هذه الكتابة لها تقنية علمية محددة، ومن المعروف أن الذاكرة القصيرة عند الإنسان لا تتحمل أكثر من ٦ معلومات في وقت واحد، وإذا زادت هذه المعلومات يشعر الإنسان بالضغط والتشتت، وعندما يقوم الشخص بالكتابة فإنه يقوم بتفريغ هذه الأفكار والمعلومات الزائدة على الورق.
وأضافت د. “ناعمة” أنه عندما يقوم الشخص بالكتابة أو التسجيل الصوتي فإنه يستخدم عقله كوسيلة أو أداة علمية لحل المشكلة، وعند الاستماع لهذا التسجيل الصوتي أو هذه الكتابات بعد فترة يشعر الشخص أن هذه المشكلة ليست مشكلته بسبب تغير عاطفته، كما تؤكد الدكتورة أن هذه الطريقة في البوح هي فعالة جدًا ولكن لا يفضلها معظم الأشخاص للحفاظ على الخصوصية.
من الطرق الجيدة أيضًا للبوح هي أحلام اليقظة، فيقوم الشخص بوضع سيناريو وحل للمشكلة التي يمر بها في عقله وفي خياله، وهذه الطريقة تخفف من الضغط النفسي، وهناك طريقة أخرى وهي تفريغ الذبذبات الصوتية والطاقة عن طريق الصراخ.
كما تؤكد د. “ناعمة” أنه يجب على الشخص تفريغ طاقته السلبية وضغوطاته أولًا بأول عن طريق الرياضة، وفي النهاية كل شخص يقوم باختيار الطريقة التي تناسبه للبوح والتخلص من الطاقة والضغط النفسي.
أردفت د. “ناعمة” أن الوقاية خير من العلاج، والمعنى أنه يجب أن يكون الشخص دائمًا لديه اكتفاء نفسي، اكتفاء عاطفي دائمًا، والبحث عن الطرق التي يتم من خلالها تفريغ الضغط النفسي، وليس فقط عند الوقوع في مشكلة، وذلك حتى لا يصل الشخص إلى مرحلة البوح عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لأنه إذا وصل الشخص لهذه المرحلة تكون لديه مشاكل الكبت أو الحرمان.
تنصح الدكتورة “ناعمة السويدي” الأهل بتعليم أبنائهم الفضفضة من الصِغر، وأن يكون هناك احتواء من الأهل لأبنائهم، والاستماع لمشاكلهم، وتحذيرهم من نقطة التحدث والبوح عن جميع مشكلاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، كما أن أغلب الأشخاص الذين يريدون البوح يريدون فقط شخص يستمع لهم، ولا يريدون أي حلول، لذلك من الضروري الاستماع لأطفالنا.
هل يؤثر الكبت على الصحة النفسية؟
ختامًا، هناك بعض الأمراض تزداد خطورتها بسبب الكبت، ومنها تقرحات المعدة، الأرق، والصداع المزمن.
وأضافت الدكتورة أن هناك بعض الأشخاص يفضلون عدم الحديث عن مشاكلهم وأحداث يومهم، ومنهم الأطفال، فعند سؤال الطفل مثلًا عن يومه وعن الأشياء التي قام بفعلها، فإنه يفضل السكوت وعدم الحديث، ولكن هذا النوع من الأطفال يجب استعمال طرق أخرى معه لمساعدته على الحديث والبوح حتى لا يؤثر الكتمان على حياته تدريجيًا وفي المستقبل، ويكون حل المشكلة لديه أصعب عندما يكبر.