الحب هو تفاني المحب في إرضاء المحبوب والسعي على راحته ولو على حساب كل ما عداه من الاعتبارات، الحب سلطة تُفرض على القلب فلا يملك معها مخالفة هوى من يحب ولا يجرؤ على عصيانه، وهو قمة التعلق وذروة الارتباط ومنتهى الغايات، فحين يحب الإنسان يصبح المحبوب محور الأحداث والمشاعر والأمنيات والحكايات.
الحب طاقة قوية تفجر لدى صاحبها طاقات وابداعات وقدرات لم يكن يتصورها أحد ولا حتى الإنسان نفسه، فهو تلك القوة لخفية التي حين تولد تغير ملامح الواقع وتعين على تخطي الصعاب وتصنع المستحيلات، يصنف الحب على إنه أحد الدوافع الأكثر قوة والأطول عمرا التي تحمل الإنسان وتقويه على تحمل المسئوليات والمشقات بلا ملل ولا جزع، وهوه الباعث على النهوض بعد السقوط لمواصلة الرحلة.
ونحن نعيش هذه الفترة التي تشهد ختام عام قديم لم يتبقى من أيامه ولا ساعاته إلا القليل، ليرحل بلا عودة، نعم يرحل بعد أن نقش في القلب بعض حروف الحب التي لا تُمحى حتى نُمحى، وتشهد استعدادنا لاستقبال عام جديد لا نعلم ما يحمله لقلوبنا من المشاعر وما يخبئه لنا من المفاجئات، وما يخفيه لنا من حكايات الحب وتفاصيلها.
ولأننا كبرنا وأدركنا جيدا أن الحب هو الذي يحلي الأيام، ويمنحها نكهة الحياة وألوانها، فلنفتح قلوبنا للحب ونعلن استقبال عامنا بكل حب وشغف، ونفتح نوافذ ارواحنا مع إشراقة شمس هذا العام، لنسمح للحب أن ينفذ إلى أعماقنا وأن يتسرب عبر أوردتنا، فيروي ظمأ قلوبنا ويرمم ما تلف منا، ويجبر ما انكسر فينا!
نعم انها دعوة لأن نفتتح كتاب عامنا المقبل بالحب، وأن نكتب فيه كل ما يسعد الروح ويعمر الأيام! فعامنا وعامكم الجديد سعيد ورائع إن شاء الله بفضل الحب!!
ولماذا الحب بالذات في العام الجديد؟
إن الحياة فيها من الأعباء والمشقات ما تنوء بحمله القلوب والأبدان، فهي أعباء ومشقات تبدأ ولا تنتهي، تزيد ولا تنقص، تثقل ولا تخف، فكلما تقدم بنا العمر كلما تحركنا بخطى أسرع تجاه المسئولية، وتحركت هي تجاهنا.
فالزواج مسئولية وكل من الأبوة والأمومة مسئولية أكبر وأخطر، في تفاصيلهما تتجسد معاني الأعباء التي لا تترك للإنسان رفاهية التخلي أو التراجع، ولو لا ما تداركنا الله به من رحمته ولطفه، إذ ركب في نفوسنا وطباعنا غريزة الرحمة والعطف والحب وفطرنا عليها لتظل بداخلنا بمثابة ينابيع متجددة، تجدد فينا الطاقة والنشاط وتمدنا بالقوة اللازمة للاستمرار، لما قوي أحد منا على مواصلة الرحلة وإكمال الرسالة.
الحب والزواج
الزواج ليس كله حب ورومانسيات ومتع فقط، بل هناك جانب كبير جدا من المسئولية والكبد الذي لا يخفى على أحد، ولكي نستطيع تحمل المسئوليات على الوجه الأمثل فينبغي أن نأخذ من هذا لذاك، ونتزود بلحظات الود والحب لنستعين بها على لحظات الضغوط والمشاكل، ولتشفع لنا ولأحبابنا عند حدوث الخلافات واندلاع الشقاق والمنازعات بيننا وبينهم، تلك المنازعات التي لا تخلو منها الحياة أبدا.
فمشاعر الحب والمودة هي وقود الحياة الزوجية وقوامها وهي التي تمنح الأطراف القدرة على المواصلة والاستمرار.
الحب والأمومة
أما الأمومة وما تنطوي عليه من المسئوليات والسهر والمتاعب والتضحيات التي تبدأ بميلاد الأبناء ولا تنتهي إلا بنهاية الحياة، تعب منقطع النظير وتضحيات بل مقابل، ولحظات من الهلع والفزع تخلع القلب وتهوي به في هاوية الرعب إذا ما مس الأبناء أي ضرر أو لحق بهم أي مكروه، أو هددهم أي خطر.
كل هذا وأكثر كيف يمكن لبشر أن يتحمله أو يطيقه، لولا أن يكون بداخله دافعا قويا حافزا استثنائيا، وقوة قاهرة تدعى “الحب”؟
الحب والعمل
العمل وكسب الرزق أحد أنواع الكبد في هذه الحياة، فلولا الكد والجهد لا يستطيع الانسان تحقيق الاكتفاء لنفسه أو لأسرته، ولو الصبر عليه والاستمرار فيه، لما ذاق أحدنا طعم النجاح ولا لذة الرضا عن نفسه، واشباع حاجته للتقدير والشعور بالأهمية، فوراء الصبر والمثابرة والكبد في رحلة العمل والكسب يكمن دافع الحب، حب الاستقرار وحب تحقيق الذات وحب الغنى وحب الاكتفاء وعزة النفس وتكريمها، وحب إسعاد الأبناء واشباع احتياجاتهم الملحة وتعمير الوقت بما هو نافع ومفيد.
ولأن الحب هو كلمة السر في تحقيق الاستقرار والسعادة وكل المشاعر الإيجابية، فلنبدأ عامنا بالحب، والحب فقط!!