العلاقة بين الظواهر الاجتماعية هي كالعلاقة الجدلية – عند علماء المنطق والفلسفة – بين ما يسمى: بـ«المحل» و«الوارد»؛ فالمحل طريق المشكلة إليه هو قابليته لهذه المشكلة، والوارد هو النتيجة والسبب الظاهر للمشكلة.
فكثير من المشاكل التي يعيشها الناس تعتورها وتتنازعها أسباب كثيرة متنوعة مختلفة، منها: قابليتهم لهذه المشكلة والأزمة، ووجود الدافع الخارجي لها.
وكل مشكلة وأزمة تنتقل لأي بيئة أو مجموعة أو مجتمع أو شخص فسوف يطبعها بطابعه ويصنعها شيئا آخر مختلفا؛ فقد يحول المشكلة إلى أكثر خطورة، أو قد يجعلها – في المقابل – فرصة سانحة، ولذلك يقول «إبراهام لنكولن»: «ليست المشكلة في ذاتها ولكن في ردود أفعالنا تجاهها».
ولست معه في إنكار العوامل الذاتية ولكن بإمكاني أن أجعلها متأخرة عن العوامل الأكثر فاعلية.
وفي قضايا التفسير الواحد اليتيم الفقير، وعدم نجاحه لحل الأزمات والمشاكل الفكرية والنفسية والتربوية والدعوية يقول ابن القيم: «ليس في الوجود الممكن سبب واحد مستقل بالتأثير»، وبالذات في القضايا العامة المصيرية يتأكد دور العوامل المتنوعة وعدم جواز اختزالها في سبب واحد قد يطرحه ويستغله الطرف المحرك لأحجار الشطرنج.
ولما تكلم «العقاد» في «عبقرية عمر» عن إسلام عمر قال: «إن العمل الذي تتحول به حياة إنسان تحولا حاسما لن يرجع إلى سبب واحد، ولن نستغني في تفسيره عن عدة أسباب؛ بعضها حديث وبعضها قديم، ومنها الظاهر الطيع، والخفي المستعصي، وقد يجهل صاحبها بعض هذه الأسباب وينسى المهم منها، ويتعلق بالهين القريب».
فيا أصحاب القضايا الكبيرة لا تتعلقوا بالسبب الهين القريب الفقير.. ويا أيها المحللون والناظرون.. لا يوجد سبب واحد لمشكلة كبيرة كالعنف.. بل أسباب كثيرة قد تكونون أنتم أحدها!
بقلم: عبدالله العودة
في قائمة مقترحاتي..
- تجد: هل تفهم دون أن أتكلم؟
- أيضًا: مجلس دون عقل.. وحوار من طرف واحد
- كذلك: كيف ينجح التغيير؟
- وختامًا: التصوف التوحيدي