الصلاة عبادة من أوجب العبادات وأفضلها وأحبها إلى الله، يطالب المسلم بأداء ما افترض منها ويستحب في حقه الإكثار من النوافل، فهي قربى عظيمة المكانة والقيمة لا يضاهيها شيء، وخاصة قيام الليل لأن فيه ما فيه من معنى الحرص على طاعة الله عز وجل التقرب إليه بترك الراحة والتخلي عن النوم الذي هو أمر مستحب ويميل إليه الناس في وقت الليل ويغفل فيه الكثير من العباد عن الذكر أو غيره من العبادات، لذا ورد فيه الكثير والكثير من الفضائل والحث وامتدح أهل قيام الليل مدحاً كثيراً وكبيراً، وهنا سوف ينصب الحديث حول معلومات عن صلاة قيام الليل في محاولة للتعرف على كل ما يتعلق بتلك العبادة الرائعة لنذكر أنفسنا وغيرنا بها فتابعوا مقالنا.
صلاة قيام الليل
المقصود بقيام الليل
الأصل في الليل السكون والثبات والراحة يقول الله عز وجل: (وجعلنا نومكم سباتا، وجعلنا الليل لباسا، وجعلنا النهار معاشاً) والسبات مأخوذ من معنى راحة البدن ويقال من السبت الذي هو يوم الراحة والامتناع عن العمل لبني إسرائيل، فكان قيام الليل وصف يطلق على كل عبادة تقتضي القيام واليقظة والتخلي عن الخلود إلى النوم في وقت الليل الذي هو أصلاً وقت النوم، ويشمل القيام بالذكر والصلاة وقراءة القرآن، والدعاء والصلاة على النبي “عليه السلام”، ويطلق الليل على الوقت الذي يبدأ من غروب الشمس حتى طلوع الفجر الصادق.
وقت صلاة قيام الليل وما يتحقق به نافلة القيام
يبدأ وقت صلاة قيام الليل من بعد صلاة العشاء إلى قبيل صلاة الفجر مباشرة، ويتحقق القيام بصلاة ركعتين على الأقل من غير الفريضة.
هل تتحقق نافلة قيام الليل بصلاة العشاء والفجر
هناك بعض الأحاديث التي تحدثت عن فضل صلاة العشاء وصلاة الفجر في جماعة، وبينت أنهما درب من قيام الليل، غير أن هذا المعنى يقصد منه الحث وبيان الفضل العظيم ولكن لا يتحقق قيام الليل بهما فهما فرضين، وصلاة قيام الليل نافلة، ومن تلك الأحاديث حديث بن عباس “رضي الله عنهما” عن النبي “صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من صلَّى العِشاء في جماعة كأنّما قامَ نصفَ الّليل، ومن صلّى الصّبحَ في جماعة فكأنَّما صلّى الليل كُلَّه).
ولنقرأ أيضًا: معلومات عن صلاة قيام الليل وفضلها
حكم صلاة قيام الليل
صلاة قيام الليل هي صلاة تطوعية أو نافلة وليست فرضاً، فهي لا تجب على المسلم ولا يطالب بإعادتها إذا تركها أو قصر فيها وهذا ما ذهب إليه جمهور الفقهاء، وإن كان التصنيف التطوعي لصلاة قيام الليل فيه بعض الاختلاف حيث يرى الحنابلة والأحناف أن صلاة قيام الليل سنة، بينما يرى الشافعية والمالكية أن صلاة قيام الليل مستحبة ومندوبة، ولا يترتب على ذلك خلاف كبير سوى أن السنة أكثر تأكيداً وأعلى درجة من المستحب أو المندوب.
أهم الآثار الواردة في فضل صلاة قيام الليل
ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية العديد من النصوص التي تدل على فضل قيام الليل وقد ورد معظمها إما في صورة مدح وإطراء وثناء على من يقومون الليل ويحافظون على صلاته ويضحون بالراحة والنوم ويؤثرون مرضاة الله عز وجل والتقرب إليه في وقت أشد ما تكون فيه غفل الناس عن الطاعة، وإما في صورة حث على صلاة الليل وبيان بمنزلتها في الإسلام.
فقد تحدث القرآن الكريم عن صلاة قيام الليل في عدة مواضع منها ما حمل أمراً للنبي “صلى الله عليه وللمسلمين من بعده” وذلك كما في قول الله عز وجل في سورة الإسراء: (وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَحْمُوداً)، ومنها ما تضمن مدح المسلمين الحريصين على قيام الليل كقوله عز وجل: (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ)، وقوله كذلك في موضع آخر: (كَانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ).
أما السنة النبوية المطهرة فقد أولت الأمر عناي خاصة وذكرت فضل صلاة قيام الليل وحثت عليه في مواضع متعددة لعل أبرزها حديث النبي “صلى الله عليه وسلم” الذي يبين فيه أسباب دخول الجنة وتحصيل الثواب العظيم في الآخرة، والذي يقول فيه: (أَيُّهَا النَّاسُ أَفْشوا السَّلامَ، وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ، وَصَلُّوا باللَّيْل وَالنَّاسُ نِيامٌ، تَدخُلُوا الجَنَّةَ بِسَلامٍ).
كما يبين النبي “صلى الله عليه وسلم” منزلة قيام الليل في الشريعة الإسلامية ومكانتها عند الله عز وجل فيقول في حديث أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَفْضَلُ الصِّيَامِ، بَعْدَ رَمَضَانَ، شَهْرُ اللهِ الْمُحَرَّمُ، وَأَفْضَلُ الصَّلَاةِ، بَعْدَ الْفَرِيضَةِ، صَلَاةُ اللَّيْلِ»، والذي ورد عن أحمد برواية أخرى حيث قال: أَتَى رَجُلٌ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ الصَّلَاةِ أَفْضَلُ بَعْدَ الْمَكْتُوبَةِ؟ قَالَ: «الصَّلَاةُ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ»، كما بين أن الله يحب تلك القربى وأنها من خير العبادات ومما يدل على ذلك: (أَحَبُّ الصَّلاةِ إِلَى اللَّهِ صَلاةُ دَاوُدَ، وَأَحبُّ الصيامِ إِلَى اللَّهِ صِيامُ دَاوُدَ، كانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْل وَيَقُومُ ثُلُثَهُ ويَنَامُ سُدُسَهُ وَيصومُ يَوماً وَيُفطِرُ يَوماً).
ومن الأحاديث التي تبين فضل صلاة قيام الليل وثوابها العظيم ما جاء في حديث النبي “صلى الله عليه وسلم”: (مَن قامَ بعشْرِ آياتٍ لم يُكتَبْ مِن الغافلينَ، ومَن قام بمئةِ آيةٍ كُتِب مِن القانتينَ، ومَن قام بألفِ آيةٍ كُتِب مِن المقنطِرينَ).
أفضل أوقات قيام الليل
أفضل أوقات قيام الليل هو النصف الثاني من الليل أو الثلث الأخير حيث يستيقظ المسلم من نومه ليؤدي نافلته في السدس الرابع أو الخامس من النصف الثاني من الليل، وذلك لأن لاستيقاظ بعد النوم مظنة الحرص على النافلة وتحقق المشقة ومقاومة هوى النفس ورغبتها في النوم والراحة، بالإضافة إلى فضل وخصوصية التوقيت فهو وقت يتجلى فيه الله عز وجل إلى السماء الدنيا ومن ذلك ما جاء عن النبي “صلى الله عليه وسلم”: ((ينْزِلُ ربُّنا تباركَ وتعالى كلَّ ليلةٍ إلى السّماءِ الدنيا، حينَ يَبْقَى ثُلُثُ الليلِ الآخرِ، يقولُ: من يَدعوني فأَستجيبُ لهُ؟ من يَسْأَلُنِي فأُعْطِيهِ؟ من يَستغفرني فأَغْفِرُ لهُ؟)، وهذا في حالة كون المرء معتاداً أو واثقاً من قدرته على القيام بعد النوم، أما لو خشي أن يفوته القيام فيستحب في حقه أن يصلى بعد العشاء وقبل أن ينام.
طريقة صلاة قيام الليل
صلاة قيام الليل تكون ركعتان ركعتان، وتختم بوتر، أقلها ركعتان وأقصاها بقدر ما يستطيع كل إنسان.
ليالي يستحب فيها القيام أكثر من غيرها
يستحب قيام الليل بوجه عام غير أن هناك ليال معينة يتأكد فيه الاستحباب، ومن تلك الليالي: ليلة الجمعة وليلتا العيد، وليالي شهر رمضان الكريم، وليالي العشرة أيام الأواخر من شهر ذي الحجة، وتوجد أثار كثيرة تدل على ذلك.
وفي الختام، فإننا نأمل أن نكون قد قدمنا في مقالنا معلومات عن صلاة قيام الليل وافية وكافية وشاملة وحاملة لنا على اتيان تلك الفضيلة العظيمة والحرص عليها لما فيها من البركة والخير وما تجلبه من التوفيق والرضا وراحة القلب، وما تستوجبه من محبة الله عز وجل والثواب العظيم المدخر ليوم عظيم، ونسأل الله التوفيق للطاعة والثبات عليه فإنه ولي ذلك والقادر عليه.