عبادة الصوم من أجل وأفضل العبادات وأحبها إلى الله، فهي تنطوي على معنى الامتثال والخضوع المطلق لأوامر الله والانتهاء عن كل ما نهى عنه، حتى وإن كان ما نهي عنه أمر مباح، فالصيام هو امتناع عن المباح من الأكل والشرب وغيره، وفيه معنى الإخلاص والمراقبة لله، فضلا عن ذلك فإن المشقة متحققة في الصوم وهي تزيد في الصوم مع حرارة الجو، وعلى قدر المشقة يكون الأجر.
وهنا سوف نتحدث عن فضل الصوم وخاصة صوم النافلة، ومنزلته في العبادة، والثواب المعد له.
الفرق بين صوم الفريصة وصوم النافلة
صوم الفريضة يشمل كل صوم يجب على المسلم القيام به على وجه الإلزام وليس التخيير، وفي تركه اثم ومؤاخذة إلا ما حدث لعذر شرعي يبيح الفطر، حتى مع جواز الفطر لعذر شرعي من مرض أو سفر أو غيره من الأعذار فإن هذا الصوم يظل في ذمة المسلم، فيترتب عليه قضاء أو كفارة أو إطعام.
أما صوم النافلة فهو كل صوم يقوم به المسلم من باب التقرب إلى الله وليس من باب الوجوب، ويعد التقرب إلى الله بالصوم من أعظم العبادات وأرجاها قبولا عند الله عز وجل، ففيه يترك المسلم شهواته المباحة طواعية لله طمعا في عفوه ورضاه، وخوفا من عقابه وغضبه، وصوم النافلة اختياري في المطلق يثاب فاعله ثوابا عظيما ولا يؤاخذ تاركه.
ثواب الصيام التطوع وما رد في فضله
الصوم من أشق العبادات على النفس فبها يلحق الإنسان من الضعف والألم والحرمان من شهوات البطن الفرج –المباحة ابتداءً- ومن ثم فالصوم ينطوي على الصبر، بل هو نصف الصبر، وقد وعد الله الصائمين بالأجر العظيم عن هذا الصبر، وإذا كان هذا الفضل الجزيل أعده لمن يصومون ما فترض عليهم فهو للمتطوعين والمتقربين به إلى الله من باب أولى، ومن الأثار الدالة على فضل الصوم وجزائه ما ورد في حديث أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ – إذ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ، الْحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعمِائَة ضِعْفٍ، قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: إِلَّا الصَّوْمَ، فَإِنَّهُ لِي، وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِي ) من صحيح مسلم.
ومن الأحاديث التي تحث على الصوم أيضا وتدع إليه وتبين فضله ما روى عن جابر -رضي الله عنه- عن أنّ النّبي – صلّى الله عليه وسلّم – أنه قال: (الصّوم جنّة، يستجنّ بها العبد من النّار )، وهذا فضل عظيم أن يتق العبد عذاب النار بالصوم.
صوم النافلة وأنواعه
أي صوم خارج نطاق صوم الفريضة، يدخل تحت مسمى النافلة أو التطوع، فيمكن للمسلم أن يصوم في أي وقت شاء يوما تقربا إلى الله، ولكن هناك من الصوم النافلة ما ورد عن النبي –صل الله عليه وسلم- أنه كان يصومه ومن بعده أصحابه، فيجدر بالمسلم حين ينوي التطوع أن يختار من الأوقات أفضلها، ومن التطوع ما له سند من السنة تأكيدا للتقرب وزيادة في تحصيل الأجر، ومن أنواع صيام التطوع الذي صامه النبي –صلى الله عليه وسلم- وحث عليه ما يلي:
- صوم الاثنين والخميس من كل أسبوع: وقد ورد عن النبي أنه كان يصوم الاثنين الخميس من كل أسبوع وقد دل على ذلك ما ورد عن أبي هريرة-رضي الله عنه- عن النبي – صلّى الله عليه وسلّم – أنه قال:” تعرض الأعمال يوم الاثنين والخميس فأحبّ أن يعرض عملي وأنا صائم).
- صوم ثلاثة أيام من كل شهر عربي: وهي من السنن التي فعلها النبي صلى الله عليه سلم- وحث عليها، ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: أوصاني خليلي بثلاث لا أدعهن حتى أموت: صوم ثلاثة أيام من كل شهر، وصلاة الضحى، ونوم على وتر) ويستحب أن تكون الأيام البيض من كل شهر.
- صوم ست أيام من شوال: ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: (من صام رمضان ثم أتبعه ستًا من شوال؛ كان كصيام الدهر).
- صيام عاشوراء: عن ابن عباس –رضي الله عنه- أنه سُئل عن صيامِ يومِ عاشوراءَ، فقال: (ما علمتُ أنَّ رسولَ اللهِ – صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ – صام يومًا، يطلُبُ فضلُه على الأيّامِ، إلا هذا اليومَ. ولا شهرًا إلا هذا الشهرَ، يعني رمضانَ).