نَسْتَهِلّ الحديثِ عن فضل شهر رجب المبارك. حيثُ بدأت بشائِرُ الخير، وبدأت أيّامُ البركة، فهذهِ هي الجُمعة الأولى من شهر الله الحرام. وما أدراك ما رجب وفضل رجب وبركتُه.
أسماء شهر رجب ومعانيها
شهرٌ له عظمتُه ومكانته وقيمته وهيبتُه، هو الفردُ الأصمّ الأصبّ، مُنصِّلُ الأسِنّة. هذه أسماؤه التي سمي بها من قِبل أسعد الخلق محمد. وكثرة الأسماء وتعدُّدها يدُل على شرفِ المُسمّى.
فاسمُ رجب كما يقولُ أهلُ اللُغة مُشتقٌّ من التعظيم والهيبة. يُقال رَجَّبتُ الشيء، أي عظّمتُه. ورجَّبتُ فُلانًا، أي هِيبته.
من أسماءِه كذلك، الشهر الأسمّ، أي الذي لا تُسمَعُ فيهِ قعقعةُ السِّلاح.
ومن أسماءِ شهر رجب أيضًا، الشّهرُ الأصبّ، أي الذي تُصبّ فيه الخيرات والبركات على عِباد الله.
وكذلك، من أسماءِ هذا الشهر، مُنصِّلُ الأسِنّة. وهذا ثابِتٌ عن أبي رجاء العطاردي قال: (…) فإذا دَخل شهر رجب قلنا: منصل الأسنّة، فلَم نَدع رُمحًا فيه حَديدة، ولا سهمًا فيه حَديدة إلا نزعناه فألقيناه.
فضل شهر رجب
فهذه الأيّامُ فُرصّة، بابُ العطاء فيها مفتوح، وبابُ الرحمة مفتوح، باب المودة مفتوح، باب الخيرات والحسنات لا يغلق.
فقد قال ﷺ: “إِنَّ لِرَبِّكُمْ عزَّ وجلَّ فِي أَيَّامِ دَهْرِكُمْ نَفَحَاتٍ، فَتَعَرَّضُوا لَهَا، لَعَلَّ أَحَدَكُمْ أَنْ تُصِيبَهُ مِنْهَا نَفْحَةٌ لا يَشْقَى بَعْدَهَا أبدًا” رواه الطبراني.
فلعلّ أحدَكُم أن تصيبهُ نفحةٌ من الله فلا يشقى بعدها أبدا.
المشكلة فينا أننا أغلقنا كل الأبواب التي فتحها لنا ربنا، وفتحنا كل الأبواب التي أرادتها لنا عقولنا.
بدعة صلاة الرغائب
للأسَف، جرت عادة بعض الناس على تخصيص شهر رجب بصلاةٍ تسمى صلاة الرغائب. وتُؤدَّى في ليلة أول جمعة منه، ما بين المغرب والعشاء.
وهذه الصلاة يحرم على المسلم أن يصليها، أو يدعو الناس إلى صلاتها. لأن مرجِع الصلاة نصوص القرآن الكريم والسُّنّة النبوية. ولم ترِد آية في القرآن تدُل على صلاتها، ولا صحّ عن رسول الله ﷺ أنه صلّاها أو رغَّب الناس في صلاتِها.
وكُل عملٍ يفعله العباد من صيامٍ أو صلاةٍ أو ذِكر تقرُّبًا من الله -تعالى- وطلبًا للأجرِ منه، ولم يأتِ دليلٌ من القرآن أو السُّنّة على فِعله فهو بِدعَة.
اقتنصوا فضائِل شهر رجب
رجب أحد الأشهُر الأربعة الحُرُم، عظّمهُ الله، فعَظِّموا ما عظَّم الله. قال -تعالى- “ذَٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ”.
من أقبَل على الله في هذا الشَّهرِ الكريمِ أقبَل الله عليه بالخير والرحمة والبركة والعطاء. ومن تجرّأ على الله فيه قوبل بالعقاب الشديد. فاحذروا أشدَّ الحذر أن تظلموا أنفسكم في هذا الشهر بالذنوب والخطايا. فإنَّ الظُلم في الأشهُرِ الحُرم أعظَمُ خطيئةً ووزرا من الظُّلم فيما سواها.