قبل أن نُحدِّثَكُم عن فضل الصيام في شهر شعبان؛ دعونا ندعو أولاً: اللهم بلغنا رمضان؛ الحبيب عليه الصلاة والسلام كان يصوم في شعبان كثيرًا، حتى في بعض الروايات أنه صام شعبان كله؛ وهذا لفظٌ أغلبيّ، أي أنه صام مُعظمه. وإلا فإن عائشة رضي الله عنها تروي أنه ﷺ ما استكمل صيام شهرٍ قط إلا رمضان.
لماذا كان يصوم ﷺ في شعبان؟
فلماذا الحبيب يصوم في شعبان؟ مع أن الفريضة رمضان. لكن صيام شعبان هي نافلة قبل الفريضة؛ ولأن الحبيب ﷺ سمى هذا الشهر الذي نحن فيه كما وصفه لأسامة -رضي الله عنه- أنه شهرٌ يغفل الناس فيه بين رجب ورمضان.
وانظر -بالفعل- الناس في غفلةٍ عن رمضان؛ حتى يأتي رمضان والبعضُ لم يألف الصيام ولا القيام ولا الطاعات. ولذلك؛ يكون أول يومٍ في رمضان عند بعض الناس ثقيل ومُمِل، والنفوس متغيرة ومشمئزة؛ مع أن الله فتح أبواب الجِنان وغلَّق أبواب النيران.
لأنهم يأتون إلى رمضان وقد تفاجأوا به.
فضل الصيام في شعبان
حبيبنا ﷺ عَلَّل صيامه في شعبان بعلّتين:
- العلة الأولى أن الناس يغفلون فيه.
- الثانية أن العمل يُرفع إلى الله رب العالمين -جل وعلا- فيحب صلى الله عليه وسلم أن يُرفَع عملُه وهو صائم.
ما أحوجنا في شعبان أن نستعد فيه لرمضان، لأن شعبان هو سفير رمضان وبريدُه.
شعبان نافلة قبل يدي رمضان ورمضان. ومن صلى النافلة في الصلاة في الأصل فإنه يصلي الفريضة ونفسه مشتاقةٌ للصلاة.
أما من أتى إلى الفريضة مباشرة دون أن يصلي قبلها “قبلية” فإن خشوعه يكون أقل من ذاك الذي بكَّر وصلى قبلها.
الغفلة في شعبان
كذلك؛ قد تقتل الغفلة في شعبان روحانية رمضان؛ ولذلك، فهنا دعوةً لكل مُسلمٍ: أن نربي أبنائنا، وأن نصوم الاثنين والخميس، أو نصوم يوم ونُفطِر يوم، أو نواصل الصوم إلا أيام قلائِل، أو نصوم الأيام البيض في شعبان؛ المهم أن نتدرب ونُدرب أبناءنا على الصيام.
كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديثٍ رواه مسلم في صحيحه (العِبَادة في الهَرْج كهجرة إليَّ).
وذلك؛ ما أجمل في حالي غفلة الناس وأكلهم وشربهم ورحيلهم وترفههم؛ أن يكون مؤمنٌ مع رب الناس ملك الناس إله الناس -جل في علاه-؛ فيصوم.
دعاء أول شهر شعبان
الحبيب ﷺ يقول “من صام يومًا في سبيل الله باعد الله عن وجهه النار سبعين خريفا”. أتدري كم مسافة ٧٠ خريفًا؟ أي ٧٠ سنة؛ فتصور لو صمت ٢٠ يومًا من شعبان، فاضرب هذه العشرين في ٧٠ خريفًا في سنة؛ يخرج لك عدد كبير من زمنِ البعد عن جهنم.
فبادر إلى الصيام والطاعة وأكثِر من الدعاء علَّ الله عز وجل أن يستجيب دعواتنا.
ونقول هنا في دعاء أول شعبان اللهم أعِنّا على أنفسنا وبلغنا رمضان.