انه لمِن الأهميَّةِ بمكان، فتح مصر أو الفتح الإسلامي لمصر (Muslim conquest of Egypt). مِصْرُ الحضارة كلمتان متلازمتان لا يمكن الوصف ما بينهما فالأولى أساس الثانية، كان لموقع مصر ومميزاتها الطبيعية دور كبير في استيطان الأجيال لها على مر أزمنة عديدة حيث توافرت فيها جميع وسائل العيش، تنوع فيها حكامها بدءًا بالفراعنة ومرورًا بالرومان والفرس حتى جاء حكم الإسلام الذي كان فتحًا عظيمًا يشهده التاريخ.
محاولات في فتح مصر
في عهد النبي
كان يرغب رسول الله في وصول دعوة الإسلام إلى جميع الأرجاء من بينها مصر، فقام على إثر ذلك بإرسال خطاب مع الصحابي حاطب بن بلتعة إلى حاكم مصر المقوقس القبطي (ليس اسم حاكم مصر الحقيقي بل هي كنية عن لقبه أو وظيفة) يدعوه إلى جعل مصر دولة إسلامية خاضعة للشريعة الإسلامية.
كان رد فعل المقوقس على رسالة النبي محمد بهدية مادية وإحدى فتيات مصر (السيدة مارية التي تزوجها الرسول وأنجب منها إبراهيم)، ومن ثم كان العلاقات وطيدة بين الرسول ومصر بالرغم من عدم دخول المقوقس الإسلام.
في عهد أبوبكر الصديق
أرسل خطابًا إلى المقوقس مفاده الدخول في الإسلام لكن جاء الرد بالرفض السلمي من الأخير.
في عهد عمر بن الخطاب
انشغل أمير المؤمنين في نشر الإسلام والعدل في كافة الدول، ولما وصلوا إلى بلاد الشام اقترح عليه عمرو بن العاص فتح مصر.
كان أمير المؤمنين مترددًا بسبب خوفه على المسلمين من إرهاق الحروب المتكررة وعدم تثبيت جميع القلوب على دين الإسلام في البلاد المفتوحة أولًا، مع إصرار بن العاص وافق سيدنا عمر بعدما أكد عليه إرسال خطاب إليه عند وصوله بالقرب من العريش (إحدى بقاع مصر) ثم ينتظر الأمر منه في رسالة أخرى.
انطلق عمرو بن العاص (داهية الإسلام) في طريقه إلى مصر وبعدما اقترب من العريش أرسل لأمير المؤمنين ليخبره بالوصول إليها ثم تابع مسيرته.
جاء الرد من أمير المؤمنين في خطاب محتواه إذا وصل هذا الخطاب إلى بن العاص قبل الولوج إلى العريش يرجع أما إذا كان دخلها بالفعل فليتوكل على الله ويكمل، في ذلك الوقت كان جيش المسلمين على أرض مصر بالفعل فتابعوا مهمتهم وتوجهوا إلى الطريق الذي كان يتبعه بن العاص عند تجارته في مصر.
أحداث فتح مصر
بعد سلك المسلمين طرقات مصر بقيادة عمرو بن العاص في التاسع عشر من محرم:
تم الفتح بمنطقة تسمى الفارما وهي تابعة لمدينة بورسعيد القديمة، فحاصرها المسلمون شهرًا.
بعد ذلك توجه جيش المسلمين إلى مدينة بلبيس التابعة لمحافظة الشرقية بمصر فوجدوها محصنة بقوة بالإضافة إلى وجود قائد من قادة الروم هاربًا من فلسطين إليها، بعد الخلافات والصراعات والحروب التي نشبت بينهم تم فتح المدينة ونصرة المسلمين.
أرسل أمير المؤمنين معونة تتألف من أكفأ أربعة قواد من المسلمين (الزبير بن العوام، المقداد بن عمرو، مسلمة بن مخلد، عبادة بن الصامت) ولدى كل قائد ألف شخص أي أربعة آلاف مقاتل بقوادهم الأربعة، بعد وصولهم إلى مصر في منطقة عيش شمس استقبلهم بن العاص لكن المفاجأة كانت في ملاقاة جيش تيودور لهم بآلاف المجندين لقتال المسلمين، نشبت الحرب بين الطرفين وكان الانتصار للمسلمين بعد أن فر جيش العدو إلى النيل وآخرون إلى حصن بابليون.
لم يبقى في فتح مصر إلا حصن بابليون، فكان بن العاص يقول إذا تم فتحه فُتحت مصر كلها، استمرت هذه العملية سنوات لقوة هذا الحصن وكثرة جيوشهم المستوطنة فيه وقلة جيش المسلمين، لكن بالطبع النصرة للحق في النهاية حيث أرسل المقوقس رسل إلى بن العاص يخبره أنه يريد جيشًا من المسلمين للتحدث إليهم فأرسل إليهم الأخير جيشًا بقيادة عبادة بن الصامت وأبقى رسل المقوقس عنده يومين حتى لا ينقلوا أخبار المسلمين إلى حلفائهم كما عرض عليهم الإسلام أو القتال أو الجزية.
وعلى صعيد آخر قام الزبير بن العوام بجمع جيشه وخاطب فيهم أنه وهب نفسه لله فقام بالتسلق على حصن بابليون من خلال سلم وأوصاهم إذا سمعوا تكبيره يردوا عليه كرجل واحد، بالفعل تم تنفيذ ذلك مما رهب جيش العدو وظنوا أن المسلمين تمكنوا من فتح مصر فاستسلموا وعلى مقدمتهم المقوقس الذي أرسل إلى عمرو بن العاص يطلب الصلح معه.
هناك مقال عن فتح مكة أيضًا.
نتائج فتح مصر
يعد الحكم الإسلامى أزهى العصور التي عاشتها مصر اقتصاديًا واجتماعيًا وسياسيًا:
- شهدت مصر نهضة كبيرة بعد الفتح الإسلامي في العمران الذي ظهر في بناء المساجد والقلاع والحصون.
- ظهور الفنون الزخرفية الجميلة.
- معالم العمارة الإسلامية كالبارزة على جامع أحمد بن طولون والذي يتمتع بمئذنة فريدة من نوعها بشكلها المميز بالإضافة إلى قلعة صلاح الدين الأيوبي في عهد حكم الدولة الأيوبية.
- تطور شكل دور العبادة والقصور والمدارس والأسبلة في عهد المماليك.
الخلاصة
أن جميع عصور الأحكام في مصر بعد الفتح الإسلامي تركت آثارًا مذهلة يشهد لها التاريخ من خلال المعالم التي تُركت خلفًا لذكراهم، والحمدلله الذي أنعم على أهل بمصر بالإسلام وكتب لها نجاح هذا الفتح المبين.