في ظِل زخم المعلومات الكبير الذي بات متاحًا للجميع، هناك فتاوى هامة شغلت بال كثير من المسلمين؛ ويريد الكثير -أو الجميع إن صَحّ القول- أن يعرف الحكم فيها من أفواه أهل العِلم.
وهنا، نحن نطرح عليكم مجموعة من الأسئلة والفتاوى الهامة التي وجَّهها بعض المسلمون لفضيلة الإمام الأكبر محمد سيد طنطاوي -رحمه الله-، وتفضَّل الإمام بالإجابة عنها؛ وهي كالتالي:
هل تحدد صلاة الاستخارة المستقبل؟
السؤال: تقدمت لخطبة فتاة فوافق أهلها في البداية، ولكن قبل ذهابي إليهم في الموعد المحدد حضر ابن عمها من السعودية وتقدم لخطبتها فوافقوا عليه بعد أداء صلاة الاستخارة للمفاضلة بيني وبينه… وسؤالي هنا: هل هذا هو الهدف من صلاة الاستخارة؟ وهل صلاة الاستخارة تحدد المستقبل؟
الجواب: بداية نقول إن الإسلام حرم أن يخطب الرجل على خطبة أخيه، فمتى تمت الموافقة على الخاطب حرم على أي رجل آخر أن يخطب مخطوبته. كذلك فلا ضير على أهل المخطوبة في اختيار الأفضل لابنتهم والأكثر كفاءة لها.
أما صلاة الاستخارة فهي مشروعة في الأمر الجائز الذي يجوز فعله ويجوز تركه وقد أشكل الأمر على صاحبه وتحير بين الأمرين سواء في أمور الزواج أو غيرها. وليس شرطا أن يري في منامه شيئا فربما يري أو لا يري ولكن الأصل هو أنه فوض الأمر إلى الله في أن يختار له كما هو في نص دعاء الاستخارة… فالأصل أن يعمل ما ينشرح إليه صدره بعد الصلاة وفي الأيام التي تليها. وليس في صلاة الاستخارة تغيير لمجرى الأقدار أو تحويل لمسارها ولكنها لا تعدو أن تكون لجوءا إلى الله حيث أشكل الأمر بين المباحين الفاضلين ليختار الله له أحدهما الذي يكون أنفع له في دينه ودنياه وعاجل أمره وآجله فيشرح الله صدره إليه.
هل يجوز تخدير الماشية قبل ذبحها؟
السؤال: هل يمكن إعطاء الحيوان جرعة قليلة من عقار مخدر قبل ذبحه بحيث ينتهي مفعوله بعد الذبح مباشرة ولا ينتقل تأثيره إلى الإنسان عند تناول لحم هذا الحيوان أم لا؟
الجواب: قال الله ﷻ ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنزِيرِ﴾… من الآية رقم 3 من سورة المائدة. وقال رسول الله ﷺ: إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح، وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته. قال العلماء إحسان الذبح في البهائم الرفق بها فلا يصرعها بعنف ولا يجرها من موقع إلى آخر، وإعداد آلة الذبح ثم إراحة الذبيحة وتركها إلى أن تسكن وتبرد.
هذه أوامر الله في الذبح وفيما أحله وحرمه، فإذا كانت جرعة المخدر تساعد على التمكين من ذبح الحيوان بإضعاف مقاومته وقت الذبح ولا تؤثر في حياته، بمعنى أنه لو ترك بعدها دون ذبح عاد إلى حياته الطبيعية، جاز استخدام الجرعة من العقار المخدر التي تضعف الحيوان حال ذبحه فقط… أما إن كان ذلك المخدر وغيره من طرق التخدير يميت الحيوان فلا يحل استخدامه قبل الذبح، كما لا يحل أكل لحم الحيوان المذبوح بهذه الطريقة.
هل أتزوج هذا الشخص؟ وهل أقبل هداياه؟
السؤال: عمري 18 سنة وأعمل لتوفير النفقات حيث إن والذي منفصل عن والدتي ولا يعولنا… أعجب بي شخص نمساوي عمره 36 سنة ويلح على الزواج مني ويقول إنه كان يتمنى منذ زمن أن يدخل في الإسلام وإنه مهتم بالطريقة الصوفية… وأنا لا أعرف شيئا عن الطائفة الصوفية، وأخشى أن يكون دخوله في الإسلام من أجل الزواج بي فقط. كذلك فإنه قد عرض مساعدتي ماديا ولكني رفضت هذه المساعدة، ولكنه أهداني سلسلة ذهبية بمناسبة عيد ميلادي فما حكم تقبلي لهداياه؟
الجواب:
- أولا: إذا أشهر هذا الزوج إسلامه فلا مانع من زواجك به ولكن عليك الحرص والاحتياط لجميع حقوقك المشروعة.
- ثانيا: الفئة الصوفية ليست كلها معيبة شرعا، وإنما التصوف الصحيح هو أحد الأساليب التربوية الإسلامية وأحد أساليب العبادة التطوعية فلا خوف إلا من البدع التي تحدث في بعض الأحيان.
- ثالثا: هذه الهدايا مثيرة للشك، فإن كان لا ينال منك شيئا حرمه الله فإن على المسلم أن يكافئ بهدية مثلها، وإن التربية الإسلامية تفرض أن يكون تبادل الهدايا له مبرر شرعي.
هل الصلاة بنيتين تجوز؟
السؤال: هل يجوز للإنسان أن يصلي صلاة بنية صلاة أخرى… مثلا صلاة العصر بنية صلاة الظهر ثم لا يصلي العصر مرة أخرى؟
الجواب: لا يجوز أداء الصلاة لفرض بنية الفرض الآخر، بل لا بد من أن يؤدي المصلي ما نوى… وقد نص الأحناف على عدم جواز صلاة فرض بنية فرض غيره، وقال الشافعية بضرورة اتحاد النية مع العمل، وإن كانوا قد أجازوا صلاة فرض خلف إمام يصلي فرضا آخر ﴿وهو مذهب الشافعية﴾.
هل التأمين بهذه الصورة حلال؟
السؤال: هل من الجائز شرعا عمل بوليصة تأمين على الحياة لمالك شقة تمليك يسدد أقساطها على فترة 10 سنوات بحيث عند وفاته يتم سداد الأقساط عن طريق البوليصة وشركة التأمين؟
الجواب: التأمين على الحياة نوع من المعاملات المالية المستحدثة وهو يأخذ صورا مختلفة في مسيرة تطويره المستمرة، فإذا كان بالصورة الأساسية له التي هي عبارة عن دفع قدر من المال للشركة جملة أو تقسيطا يسترده عند حدوث حادث ما، فإن لم يصبه شيء لا يأخذ منه شيئا فيكون حراما وعقده باطل لأنه بيع معلوم بمجهول، والعقد الصحيح ما يتم بمال معلوم القدر والقيمة في مقابل سلعة معلومة الصفة مع القدرة على التسليم وقت العقد.
أما التأمين في صورته المعروضة الآن من بعض شركات التأمين والذي يتمثل في أن يدفع الرجل مالا -جملة أو تقسيطا- لشركة على أن تقوم باستثماره لصالحه في مشاريع صحيحة شرعا، تؤدي له مع ما نتج عنها من أرباح بعد وفاته فتلك مضاربة إسلامية مشروعة.
ما هو الخلع؟
السؤال: ما هو الخلع؟ وهل أباحه الإسلام صراحة؟ ولماذا اختلف الفقهاء عليه ما بين مؤيد ومعارض؟
الجواب: الخلع هو حق للزوجة التي ترى عدم استطاعتها استمرار علاقة الزوجية، وهو يشبه ويساوي حق الطلاق المقرر للزوج إذا أراد إنهاء الزوجية.
وجميع الفقهاء لا ينكرون الخلع نظرا لوروده في القرآن الكريم ﴿فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِه﴾ من الآية رقم 229 من سورة البقرة. والمقصود أنه لا مانع من أن تطلب الزوجة قطع علاقة الزوجية وأن تعيد المهر الذي أخذته للزوج…
ومع الآية السابقة فقد جاء في السنة الصحيحة خبر المرأة التي صرحت بعدم قدرتها على استمرار الزوجية فقال لها الرسول الكريم ﷺ «أتردين عليه حديقته؟» قالت: نعم، فقال ﷺ «رديها عليه» -وكانت الحديقة هي المهر الذي دفعه الزوج لها ساعة عقد الزواج- فردت الحديقة وأصبحت طالقا من زوجها بحكم القضاء.