«مريم» تسأل: لا أعرف من أين أبدأ فمشكلتي “يستهزئ” به الكثير وربما سيراها البعض ليست مشكلة على الإطلاق أنا فتاه مصرية عمري 23 عام حمدا لله أعمل في شركة مرموقة والحمد لله تنهال على العروض دائما من عده شركات عالمية لتميزي في عملي والذي كرمني عليه جهات مصرية ودولية أكثر من مرة.
لا أستطيع القول إنني متدينة لأنني لا أعرف المقياس الذي يقاس به التدين ولكن لي مبادئي الأخلاقية والدينية والتي لا أتنازل عنها يتقدم لي الكثير من الشباب ومن مختلف المجالات لخطبتي رغم أنني بالمقاييس المصرية شخصية منفتحة وعلي معرفة بكثير من الأشخاص من الشباب والفتيات والسيدات والرجال أيضا ولكنهم يعرفون حدودي وأنني لا أتجاوز فلا يجدوا انفتاحا عيبا بل إنه ميزه لصقل مهارات الاجتماعية والثقافية.
أعشق القراءة والرياضة والتواجد وسط الأحداث بشكل كبير هو أسلوب حياتي فيصعب على التخلي عن هذا المنهاج من أجل أيا مما طرقوا أبوابي ولا أطلب منهم الثقافة أو تقنين أي صفة عن الأخرى ولكن لا أستطيع أن أتقبلهم المغرور لمجرد أنه رجل كأن يكون خريج كلية قمة وليس له أي مهارة اجتماعية وليس له أي دور فعال في العمل العام والتطوعي ويتقدم لأنه سمع من فلانة أنني على قدر من الجمال والثقافة وأنني أتحدث بعض اللغات بطلاقة سمح لنفسه أن يكون رجل لا يرفض وهو لا يتمتع بأي صفة فهو لا يعرف ما هي مسئولية البيت والتربية وبالأحرى لا يملك منهج للحياة.
قد أكون معقدة ولكني أكتب كل أهدافي وأكتب متى أستطيع تنفيذها وكيف وأسعى دائما للوصول إليها ومع ذلك فأنا أسافر مرات عديدة على مدار العام الواحد لقضاء إجازات ممتعة مع أصدقائي أو عائلتي ودائما للتسلية والمرح قسط في حياتي وقسط كبير فيظن الكثير أن لا مجال للجد في حياتي تارة ويظن آخرون أنني لا أمرح تارة ولكن كل الموضوع إنني أنظم وقتي وأحصل على كل ما أحب ليس عندي أدنى استعداد أن أرتبط بإنسان فوضوي ولا أدنى استعداد بأن أرتبط بإنسان لا يعرف كيف يربى أولاده أقصد بتربية لا أن يدخلهم كلية قمة ولكن أن يغرس فيهم الأخلاق أحيانا يشترط المتقدم شروطا على الزوجة لمجرد أنه تفضل شاكرا بخطبتها وبداخلي يدور خاطر إذا أردتها خديجة كن محمدا ولا أقول إني كذلك ولكن لا أستطيع أن أتقبل أحد الأزواج لا يشاركني طموحي وحلمي فإن نكون أبوين لصلاح الدين ولا أن يشاركني أوقاتي بقراءة كتاب ممتع أو أن نشاهد شروق الشمس سويا أو نجري سويا على الكورنيش وأن نذهب إلى ندوات ثقافية قد لا أتزوجه وهو كذلك لكن على الأقل لا يعتبر حياتي ضربا من ضروب السخف.
لا أستطيع أن أحب ولا أستطيع أن أجلس مع خطيب أكثر من مرتين ووالدتي تشجعني على القرار لأنها ترى إنها أرهقت جدا في تربيتي لترى أحفادا تفخر بهم كما تفخر بي وإنها لن تسمح لزوج أن يكون مجرد لقب ولكن أن يكون شريكا في حلم عمره وهي الأخرى وكذلك أخوالي وأقاربي ولكني لا أعرف هل هم محقون أم إننا نغالي في اختيار الزوج رغم إنني لا أضع صفة بعينها سوى أن ألتمس دينه ولكن المزيج الشخصي نفسه يجعلني لا أتخيل أن أقضي عمري معه لا أراه سيدفعني للأمام ولا أراه سيحافظ على ما بنيته أسرتي من تعداد وعده هل أنا أهذي وهل سيكون مصيري أن اجلس بلا زواج وهو بكل صراحة ما أراه أفضل من أن أتزوج أي زواج.
أن تتعدد خيارات المرأة كأن لا تملك خيارا كلاهما أزمة أرجو إلا تروني موضع سخرية.
الإجابـة
ابنتي، لست موضع سخرية بل موضع احترام وتقدير و أكثر الله من مثيلاتك.ما كتبته هو تصورك المنطقي لشروط اختيارك زوجا لك، وهذا ما بح صوتي في الدعوة إليه، يجب أن يعرف كل شاب وفتاة لماذا يتزوج وكيف يختار لعمره كله الشريك.
وأنت لخصت بكلماتك البسيطة الصادقة ما عجزت أنا شخصيا عن شرحه، فكان الشباب يسألونني استنكارا تارة وتهكما تارة: يعنى إيه لماذا نتزوج؟ ما هي معايير اختيار من يناسبنا؟ أنت وضعت المعايير وأنا لا أجدك مبالغة ولا مغالية.
الزواج هو أهم قرار على الإطلاق يتخذه أي إنسان في حياته حيث يقرر أن يشارك آخر في أحلامه وأيامه ومستقبله وقدراته وإمكانياته وطاقاته وفي جسده.
وأنت تعرفت على نفسك، وقلت بكل بساطة إنك لا تشترطي في زوج المستقبل أن يكون مثلك ولكن على أقل تقدير أن يحترم رغباتك ويعينك عليها ولا يستهزئ بأفكارك، وهذا يجعل تصورك مرنا منطقيا واقعيا وليس جامدا خياليا من نوعية الفانتازيا ” بتاع أنا حعرفه لما أشوفه … قلبي حيحس بيه”.
والحقيقة أخشى أن أكون أنا أيضا من أقاربك ربما لأن ما قلته يشبه كثيرا ما أفكر فيه، فأنا أستمتع برؤية الشروق وأعشق القراءة وأحب السير وليس الجري- معاش بقى فرق سن– على شواطئ المياه سواء كان نهرا أو بحرا وأستطيع أن أقضي ساعات أتأمل في موج يتزاحم كما تتزاحم ساعات الحياة.
وحين تزوجت لم يكن زوجي من نفس مزاجي هذا ولكنه قارئ نهم مثلى تماما وله اهتمامات فكرية وثقافية جعلت بيننا أرضية مشتركة خلقت حتى الآن ثلاثين عاما من الشراكة الجميلة ربنا يوعدك بمثلها وكل البنات اللي في الدنيا.
أهم نقطة ألفت نظرك إليها يا ابنتي أن لا تتعالى بصفاتك، وكوني واقعية في اختيارك؛ فليس من الممكن الحصول على النقاط العشر كاملة، لو وصلنا إلى ثمانية أو سبعة فلا مانع على شرط- وأنا متأكدة أن هذا ما تفعلينه- أن تكوني على علم ودراية بأي النقاط قابلة للفقد من النقاط العشر.
تحياتي وتقديري للسيدة والدتك التي أحسنت التربية وأخلصت في أداء مهمتها، استشيريها واستشيري أهلك ففي النهاية يا ابنتي من سيدخل بيتكم سيعيش مع الجميع ولن تكونا عصفورين على شجرة.
مع تحياتي وحبي وأتمنى أن نلتقي يوما لرؤية الشروق في أماكن مختلفة من صحراء الفيوم إلى شاطئ النيل في أسوان.
⇐ وتقول مروة أشرف: صديقتي العزيزة.. شكرا لك على ثنائك ومتابعتنا على هذه الصفحة… في البداية أحب أن أوضح لك أننا لا نستخف بأي شخص مهما كانت مشكلته ولا توجد مشكلة سخيفة وأخرى عكس ذلك فالجميع يعاني ويبحث عن حل.
احترمت شخصيتك كثيرا وتحديدك لأهدافك وغير ذلك مما ذكرت ولكني لا أعرف هل ما تعانين منه أزمة ثقة زائدة بالنفس نتجت من كل هذه المؤهلات والمميزات التي عندك بالإضافة إلى التدليل الذي شعرت به من حديثك عن والدتك.
تحديدك أهدافك وما تريدين تحقيقه ليس تعقيدا بل هو شيء جيد جدا ولكن الأهم من ذلك: هل فيها مرونة؟ هل يمكنك أن تتنازلي عن أهداف معينة لبعض الوقت؟ هل يمكن أن تغيريها من وقت لآخر بعدما تزدادين خبرة في الحياة؟ وكل هذه الأسئلة تحتاج إلى إجابة منك أنت فقط.
الأمر الثاني الذي لاحظته هو أنك تشكين كثيرا من الرجل وتتهمينه بالغرور والتفضل رغم أنني أرى أيضا أن يومين فقط من اللقاء لن يكفيا للحكم على الشخص… فلماذا لا تصبري قليلا قبل إصدار الحكم يا صديقتي… إذا كان القبول لديك وأهلك يسمحون بعدد من اللقاءات فحاولي أن تفعلي ذلك لكي تتعرفي أكثر على الشخصية ثم احكمي عليها ولا تتسرعي… أم أنك أصلي لديك مشكلة مع الرجال لم تستطيعي تجاوزها حتى الآن؟ هل تألمت بسبب أحد منهم في فترة ما من حياتك؟ أم أنك تفتقدين النموذج الناجح من الرجال خصوصا أنك لم تذكري والدك؟ أين هو في حياتك.
في لحظة ما وأنا أقرأ مشكلتك شعرت أنك نسيت تماما أننا بشر ولسنا ملائكة فجميعنا نخطئ ونصيب… لماذا لا تضعي هذه النقطة في حسبانك يا فتاتي… أنت لن تحصلي على أفضل رجل في العالم ولكنك ستحصلين على الأفضل بعدما تقابلين الشخص وتدرسينه جيدا… حددي الصفات السلبية التي يمكنك أن تتحمليها، والأخرى الإيجابية التي يمكن أن تتنازلي عنها؛ حتى تجدي ما تريدين وأنا واثقة من ذلك- بإذن الله-.
كما لاحظت شخصيتك الحالمة وأحسست يا صديقتي أنك تبعدين عن الواقع كثيرا من بعض الجمل كأن يجرى معك على الكورنيش أو يشاركك في قراءة الكتب ورغم إعلانك عن رفضك لكل هذا (من أنك شخصية حالمة وبعيدة عن الواقع) فإنه موجود بداخل نفسك وإلا ما كنت قلته.
شخصيتك رومانسية جدا ولا تخجلي من هذا ولكن صعب أن تجدي هذا عند الرجل الذي قرر أن يتحمل مسئوليتك وبيتك وأطفالك الذين سترزقين بهم إن شاء الله؛ فلا تجعلي هذه الأمور تسيطر على عقلك فالاختيار عقل وعاطفة معا وكل ما قلته جميل ومن يدرينا لعل شخصية زوجك تكون قريبة منك في أمور كثيرة ولكن لا تعيشي وسط هذه الأحلام كثيرا واحذري أن تقعي فيها.
صديقتي ، الحديث عن العنوسة كثير هذه الأيام ورغم صغر سنك فإنه أثر عليك بشكل كبير، أقول لك: أنت ما زالت صغيرة فضعي ثقتك في ربك أنه سيرزقك الخير وأحسني الظن به… فقط أعيدي ترتيب أفكارك مرة أخرى وستجدي ما يسرك إن شاء الله.
تابعينا دائما… دمت بخير ونجاح، مع خالص تحياتي.
⇐ أجابتها: د. نعمت عوض الله + أ. مروة أشرف