لقد تم إلقاء القبض على سيدة في ولاية تكساس الأمريكية بعد العثور على بقايا جثة والدتها في شقة مكونة من غرفتين، والتي تتشارك فيها العيش مع والدتها. لقد فتح هذا الخبر المثير للجدل الباب على حالات قد تواجه العديد منا، بأن الارتباك عند وفاة أو اختفاء الأقرباء، أو كذلك عدم القدرة على تخطي رحيلهم.
كيف يمكن أن نتجاوز محنة فراق أقرب الأقربون
تقول الدكتورة “ريتا حسون عطاالله” الاختصاصية في علم النفس العيادي: أن محنة وفاة الأقرباء خاصة الوالدين أو الأم بشكل أكبر من أهم الصدمات النفسية التي يمكن أن يمر بها أي شخص، والتي يؤكد هذا الخبر المفجع على حجم مثل هذه الصدمة، فهذه الأبنة لم تكن قادرة على تقبل فكرة فراق مصدر القوة لها بهذه الحياة، وكذلك لم يكن لديها القدرة على تخطي هذه الصدمة.
وفي مثل هذه الصدمات، غالباً ما يمر الشخص الطبيعي بخمس مراحل نفسية: أولهم الصدمة “Shock”، والاستغراب، والإنكار “Deny”، والذي يمكن تشخيص هذه الأبنة به في هذه الحادثة، ومن ثم الإحباط “Depression” والبكاء المستمر، وأخيراً التقبل “Acceptation”.
ولا تتم هذه المراحل في أغلب الحالات بنفس التسلسل ولكن لابد وأن تنتهي بالتقبل. ذلك بالإضافة إلى اختلاف المدة المستغرقة عند كل حالة وأخرى؛ فهناك بعض الأشخاص قد يعانون من حالة النكران عدة سنوات قد تستمر لخمسة عشر عاماً، وفي هذه الحالة لابد من الذهاب لطبيب نفسي حتى يتم إعطاء الشخص العلاج المناسب، وأي صدمة نفسية تتجاوز مدتها الستة أشهر تستوجب العلاج النفسي السريع.
كيف يمكن أن نعطي لفقدان الشخص المساحة المناسبة
يتوقف ذلك على طبيعة علاقتنا مع الشخص المفقود، كما أنه كلما كان عمر الشخص المفقود أصغر، كلما كانت الصدمة “Trauma” أقوى. وكلما ظهرت علامات الحزن والانهيار عند الشخص على المفقود كلما كانت تلك علامة صحية، فالشخص الصامت والذي لا يبدي أي نوع من مشاعر الحزن هو ما يقلقنا في علم النفس حقاً، فقد يكون هذا الشخص في حالة الإنكار مثلاً. فلابد أن يمر الشخص الطبيعي بمراحل الصدمات النفسية الخمسة وصولاً إلى مرحلة القبول.
وما علينا في مثل هذه الحالات هو أن ندعو لهذا الشخص المتوفي، وأن نتذكره دائماً خاصة في الأعياد، ولكن لا يجب أن تتوقف الحياة عند وفاة الأقرباء، فمهم جداً أن تتجاوز هذه المحنة وأن نتقبل وفاة هؤلاء الأشخاص، فمثلاً هناك بعض الحالات التي تستمر في رؤية والحديث مع المتوفي حتى بعد فترة طويلة من الوفاة، وهنا في مثل هذه الحالة يكون الشخص أصبح مريضاً نفسياً يستوجب العلاج.
نصائح لتقبل فكرة وفاة الأقرباء
تؤكد “حسون” على أنه لا يجب أن نقلق إطلاقاً من تذكرنا للشخص المتوفي، ولكن لابد من أن يكون ذلك بشكل منطقي، فلا ينبغي أن يستمر الشخص في ارتداء ملابس المتوفي مثلاً، أو في النوم بمكانه المخصص، فالتقبل مهم جداً.
كما يجب أن نشغل أوقاتنا بالممارسات المفيدة، كممارسة الرياضة مثلاً، أو الاشتراك في الخدمات المجتمعية، وهناك بعض الأمهات إذا فقدت طفلها غالباً ما تلجأ إلى الجمعيات لرعاية الأيتام مثلاً.
وأخيراً، فتشير الدكتورة، هنا إلى أمر في غاية الأهمية، وهو أنه يجب أن يستمر الشخص في أداء وظائفه بشكل كامل، فالطالب يجب أن يستمر في الذهاب لمدرسته وأداء واجباته، وكذلك لابد أن يستمر في التفاعل الاجتماعي مع أصدقائه، ولا ينزوي بأي حال من الأحوال، وإذا لاحظ الأهل أن الأبن مثلاً أصبح انطوائياً، فلابد من الذهاب لطبيب نفسي واتخاذ العلاج المناسب.
ما هو التعامل السليم مع الأطفال الذين فقدوا أحد الوالدين
إن من ضمن المغالطات الاجتماعية حولنا هو عدم إخبار الطفل بأنه فقد أحد والديه؛ فتؤكد الدكتورة “ريتا” على أهمية إخبار الطفل بذلك ولكن المهم هنا هو الطريقة التي يتم بها إلقاء الخبر.
فمثلاً لابد أن يعرف الطفل أن أحد الوالدين مريضاً ولكن دون تفاصيل عن المرض، وكذلك لابد أن يودع الطفل والديه. ولا يتم تهميش مشاعر الطفل ومفاجأته بذلك عند سن معين مثلاً. فالأطفال تشكل الصدمة لديهم حجماً أكبر بكثير من البالغين. وفي مثل هذه الحالة يجب أن يلعب أحد المقربين دور الأهل كالعمة أو الخالة مثلاً.