أيها المسلم؛ يا من لم تستطع الأضحية في عيد الأضحى هذا؛ لا تحزن. إن الدين يسر، ديننا يسر كله؛ ليس فيه عسر قط. هيا بِنا نقرأ سويًّا ما جاء عن ربنا -تبارك وتعالى- وعن نبينا محمد ﷺ؛ في هذا الموضوع.
الإسلام دين يسر وليس عسر
لنقرأ أولًا آيات من القرآن الكريم تتحدَّث عن سماحة الدين ويُسرِه.
يقول الحَقّ -تبارك وتعالى- في الآية ١٨٥ من سورة البقرة (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر). وفي الآية ٧٨ من سورة الحج (وما جعل عليكم في الدين من حرج ملة أبيكم إبراهيم). وفي الآية ٦ من سورة المائدة (ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج). وفي الآية ٢٨٦ من سورة البقرة (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها). وفي الآية ٦٢ من سورة المؤمنون (ولا نكلف نفسا إلا وسعها). وفي الآية ٧ من سورة الطلاق (لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها).
الدين يسر؛ وقد قال رسول الله ﷺ (إن الدين يسر، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه، فسددوا وقاربوا، وأبشروا، واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة).
شعيرة الأضحية
وهذه الشعيرة –شعيرة الأضحية– مُقيدة كسائر الواجبات والسنن، بالقدرة. قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (ما أُنفقت الورِق في شيءٍ أفضل من نحيرةٍ في يوم عيد)؛ ومن حديثٍ آخر (وإن الدم ليقع من الله بمكان قبل أن يقع بالأرض، فطيبوا بها نفسا).
وفي الآية ٣٧ من سورة الحج؛ يقول الله -عز من قائل- (لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم كذلك سخرها لكم لتكبروا الله على ما هداكم وبشر المحسنين).
الله أكبر الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله؛ الله أكبر الله أكبر، ولله الحمد؛ الله أكبر كبيرا والحمد لله كثيرا وسبحان الله بكرة وأصيلا.
نبينا محمد ضحَّى عمَّن لم يُضحي
أيها المسلمون عِباد الله، إن نبينا صلى الله عليه أولى بِنا من أنفسنا، وأنه ﷺ قد ضحَّى عمَّن لم يُضحّي من أُمَّتِه.
فقد ثبت من حديث أبي رافعٍ -رضي الله عنه- أن نبينا -صلوات ربي وسلامه عليه- كان يخرج يوم العيد فيصلي بالناس ثم يعظهم موعظة يسيرة، ثم يؤتى بكبشين أملحين أقرنين سمينين يضع رجله على صفاحهما؛ يذبح الأول قائلا: (اللهم هذا عن محمد وآل محمد -صلى الله عليه وسلم-)؛ ثم يذبح الثاني قائلا: (اللهم هذا عمَّن لم يضحي من أمه محمد -صلى الله عليه وسلم- مِمن شهد لك بالوحدانية وشهد لي بالبلاغ).
كثيرٌ من الناس قد عضَّهُم الجوع، كثيرٌ من الناس لا يجدون سعة، كثيرٌ من الناس قد ضاقت بهم سبل العيش، وبعضهم يجد في نفسه حرجًا أنه ما استطاع أن يضحي مع المضحين؛ لكننا نقول لهؤلاء جميعا إن نبينا -صلى الله عليه وسلم- الذي هو أولى بنا من أنفسنا قد ضحَّى عنا أجمعين؛ فلا يجدنَّ أحدٌ في نفسه حرجًا أنه ما استطاع أن يضحي.
فدينُ الله -عز وجل- مبناهُ على اليسرِ كُلِّه.