في كثير من الإدارات والمناطق يعبر المسؤولون عن فرحتهم بالمناسبات الوطنية بتقليعات جديدة، ويستعرضونها أمام وسائل الإعلام، حتى أصبحت تلك التقليعات محل تنافس، فيما ينتظر المواطن مزيدا من الجهد في خدمته، فالمناسبة الوطنية هي محل فرح للجميع، ولا حاجة إلى أن تكون محاولة للبروز في صفحات الجرائد وعلى شاشات التليفزيون، وباتت تتحول إلى حدث بحد ذاتها.
هذه الجهود التي صرف عليها بعض المسؤولين وقتا كان الأجدى أن يصرف على متابعة تيسير أعمال المواطنين حتى لا يضيع الجهد والمال العام الذي خصص لخدمة المواطن، وتدخل ضمن سياق الهدر العام، ولهذا هناك حاجة إلى وقف هذه الممارسات، ففي فترات توقف العمل في القطاعات الحكومية بسبب الأعياد، يذهب اليوم الأول من العمل هباء، فالمراجعون ينتظرون عند أبواب الدوائر الحكومية التي انشغل منسوبوها بتبادل التهاني بمناسبة العيد، ومع مرور الوقت بدأ هذا التوجه ينسحب إلى مختلف المناسبات الوطنية، ما يذكر بما كان يجري في بعض المسلسلات العربية، التي كانت تعرض كيف يحتفل موظفو القطاع العام بكل مناسبة، فهناك احتفال بيوم العمال العالمي، واحتفال بيوم المرأة العالمي، واحتفال بيوم كذا وكذا.
وكأن الهدف من توظيف هؤلاء مجرد المشاركة في الاحتفالات، وهذا ما بدأ يظهر محليا، فالمراجع يذهب لمتابعة أعماله فلا يجد أحدا من الموظفين، والسبب أن المسؤول الفلاني قرر أن يحتفل بالمناسبة الفلانية، وفي أحيان كثيرة لا يكون هناك مناسبة في الأساس، لكن هذا المسؤول أو ذاك عد أن حدثا لم يقع أو حدثا عابرا وقع أنه مناسبة وطنية تستلزم التوقف عندها والاحتفال بها.
الاحتفاء الحقيقي بالوطن يكون بالالتزام به، وهذا الالتزام يوجب القيام بالمهام والواجبات على أكمل وجه، فلو أولي المسؤولين أولوا المواطن شيئا من الاهتمام كما يهتمون بمناسبات الاحتفالات لجعلوا كل يوم عيدا للمواطن الذي سئم من عبارة «راجعنا بعد كذا».
بقلم: منيف الصفوقي
معي أيضًا هذه المقترحات:
- أبدأها بـ: سلطة العقل.. السلطة البتراء الغائبة
- ثم: شاب سعودي في معمعة القبلية وعلاقات «القهوة»!
- مرورًا بـ: إلى السلطة القضائية في السعودية.. ألسنا سواسية؟
- وختامًا؛ مع: الحلم السعودي