يبدو أن العادة أقوى من الحب، وعندما بدأ الناس يبحثون عن الحب فقط، تكدست صكوك الطلاق في ظاهرة عالمية منقطعة النظير، فمن الصعب تغيير ما تعودت عليه لأنك تركن بمعيته إلى الاطمئنان والتكرار، وإذا فقدته فأنت تواجه معارضة جماعية من جوارحك وقلبك وعقلك لأنك أخرجت شيئا وتركت مكانه خاويا، والفراغ مدعاة للألم والضجر وصحوة الأشواق، وهي منطقة مشتعلة بالفقد.
ربما من أجل ذلك كانت المدة التي يقضيها الزوجان قديما طويلة قياسا بعصرنا الحالي، وكلما طالت مدة التواصل ابتعدت احتمالات الانقطاع، حتى أن المرأة تقضي عدة الطلاق في بيت زوجها لحكمة ربانية تظن خيرا في التسامح والصفح وغلبة العادة والتعود على صراعات الناس وقرار الانفصال، وعلى صعيد العلاقات الأخرى، فإن العادة تلعب دورا قويا في بقاء حبال العلاقة موصولة.
أعتقد أن الإعلام المكتوب والمرئي والمسموع غير بعض المفاهيم حول التواصل، حتى أضحت معظم العلاقات مبنية على مبدأ «من يلحق الثاني؟»، وهذا الكم الهائل من كلمات الأغاني التي تعلن التحدي وتهدد بالغياب وتتوعد برد الصاع صاعين، ترسم لنا ملامح العلاقات الهشة التي باتت لا تصمد كثيرا أمام الظروف والخطأ والملل والاحتياج.
وعندما قال المستشار الأول للدولة الألمانية أوتو فون بسمارك: «يكثر الكذب عادة قبل الانتخابات وخلال الحرب وبعد الصيد» فهو يحاكي ذات الهدف من لعبة الملاحقة، لأن الكاذبين الذين تحدث عنهم غايتهم الفوز بنصر ساحق ماحق لا يؤمن بالشراكة، شأنهم شأن الطرف الثاني الذي يسعى لإعلان «كش ملك» بأي ثمن، وقضيته مجرد لعبة تنافسية تقام على أنقاض المشاعر، ويلفها دمار المبادئ الإنسانية.
فاحذر من عشاق «التعليق» لأنك تنتهي منهم وأنت فاقد للأمان ومتأبط درسا لن يساعدك في المستقبل مع شريك آخر وأنت بخلفية عاطفية مشوهة.
خارج النص: انتصف زمن الاختبارات ومن الحكمة أن تركز على القادم وتترك البقية للفرصة القادمة في الفصل الدراسي الثاني.. وفق الله الجميع.
بقلم: أمل بنت فهد